الثاني:الطهارة من الحدثين - الحدث أثناء الطواف 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4822


ــ[5]ــ

   الثاني : الطّهارة من الحدثين الأكبر والأصغر ، فلو طاف المحدث عمداً أو جهلاً أو نسياناً لم يصح

طوافه (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لا إشكال ولا خلاف في اعتبار الطهارة من الحدثين في الطّواف الواجب ويدل عليه روايات

معتبرة :

   منها : صحيحة محمّد بن مسلم «عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهور ، قال يتوضأ

ويعيد طوافه» (1) .

   ومنها : صحيح علي بن جعفر «عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر وهو في الطّواف ، قال :

يقطع الطّواف ولا يعتد بشيء مما طاف . وسألته عن رجل طاف ثمّ ذكر أ نّه على غير وضوء ، قال :

يقطع طوافه ولا يعتد به» (2) .

   وفي جملة من روايات الباب أنّ الحكم باعتبار الطهارة خاص بالطواف الواجب وأمّا الطّواف

المندوب فلا يعتبر فيه الطهارة وإنّما يتوضأ لصلاته .

   وهنا رواية رواها الشيخ باسناده عن زيد الشحام عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في رجل طاف

بالبيت على غير وضوء ، قال : لا بأس» (3) وإطلاقها يشمل الطّواف الواجب والمندوب، ولكن

لابدّ من رفع اليد عن إطلاقها وحملها على المندوب وتقييدها به ، لصحيح محمّد بن مسلم وغيره .

   مضافاً إلى ضعف الرواية سنداً ، لأن في طريق الشيخ إلى زيد الشحام أبا جميلة وهو ضعيف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 374 /  أبواب الطّواف ب 38 ح 3 .

(2) الوسائل 13 : 375 /  أبواب الطّواف ب 38 ح 4 .

(3) الوسائل 13 : 377 /  أبواب الطّواف ب 38 ح 10 .

ــ[6]ــ

   مسألة 285 : إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة صور :

   الاُولى :  أن يكون ذلك قبل بلوغه النصف ففي هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد

الطهارة (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لو أحدث أثناء الطّواف فهل يبـطل طوافه أو يتوضأ ويأتي بالبـاقي أو فيه تفصيل ؟

   المعروف بين الأصحاب بل لا خلاف بينهم في أ نّه لو أحدث في طوافه قبل بلوغ النصف بطل

طوافه ، وإن كان بعده توضأ وأتى بالباقي .

   وعن المدارك أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ادعى عليه الاجماع(1) .

   وعن الفقيه : أنّ الحائض تبني مطلقاً لصحيح ابن مسلم «عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل ثمّ

رأت دماً ، قال : تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت واعتدت بما مضى» (2) .

   ولا يخفى أن ما ذكره الصدوق (قدس سره) حكم خاص بالحيض ، لأنّ القاعدة تقتضي البطلان

بحدوث الحيض في الأثناء ، لأن أقل الحيض ثلاثة أيّام فيتحقق الفصل الطويل بين الأشواط ، وإذا دلّ

دليل خاص على الصحّة وكفاية الاتيان بالباقي نقتصر على مورد النص ولا نتعدى إلى غيره . على أن

مسألة حدوث الحيض أثناء الطّواف أجنبية عن المقام بالمرة ، لأنّ الكلام في مانعية الحدث في نفسه مع

قطع النظر عن مانع آخر كالفصل الطويل وعدم التوالي بين الأشواط .

   وكيف كان ، فقد يستدل للمشهور بما دلّ على اعتبار الطهارة في الطّواف ، فان مقتضاه بطلانه إذا

صدر الحدث أثناءه لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، وأمّا الحكم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 8 : 156 .

(2) الفقيه 2 : 241 /  1154 ، الوسائل 13 : 454 /  أبواب الطّواف ب 85 ح 3 .

ــ[7]ــ

بالصحّة بعد التجاوز عن النصف فلأجل دليل خاص ، وإلاّ فالقاعدة الأولية تقتضي البطلان مطلقاً .

   ويرد عليه : ما ذكرناه في باب الصلاة (1) من أنّ المانعية شيء والقاطعية شيء آخر ، ولو كنّا نحن

وأدلّة اعتبار الطهارة في الصلاة كقوله : «لا صلاة إلاّ بطهور» (2) فلا يستفاد منها إلاّ اقتران أجزاء

الصلاة بالطهارة ، وأمّا الأكوان المتخللة فلا يعتبر فيها الطهارة ، فلو صدر الحدث في الأثناء يتوضأ

ويأتي بالأجزاء اللاّحقة ، فان جميع الأجزاء تكون مقرونة بالطهارة وإن كانت الأجزاء السابقة بالطهور

السابق والأجزاء اللاّحقة بالطهور اللاّحق ، ولا دليل على وقوع جميع الأجزاء عن طهور واحد ، إلاّ أ

نّه في باب الصلاة دلّ دليل خاص على قاطعية الحدث وأ نّه موجب لعدم قابلية إلحاق الأجزاء اللاّحقة

بالسابقة ، ففي باب الصلاة إنّما نقول بالفساد لا لأجل اعتبار الطهارة في الصلاة ، بل لأجل أدلّة

اُخرى تدل على القاطعية كالأمر بالاعادة والاستئناف .

   وأمّا الطّواف الّذي هو اسم للأشواط السبعة ، فالأدلّة دلّت على اشتراط الطّواف بالطهارة ،

فاللازم إيقاع الأشواط السبعة عن طهور ، وأمّا اعتبار كون الطهارة شرطاً في الأكوان المتخللة وكون

الحدث قاطعاً ـ كما في الصلاة ـ فلا دليل عليه .

   وربّما يتوهّم أ نّه يدل على ذلك في باب الطّواف صحيح حمران بن أعين لقوله (عليه السلام) : «

وإن كان طاف طواف النِّساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمّ خرج فغشي فقد أفسد حجّه ـ أي طوافه ـ

وعليه بدنة ويغتسل ، ثمّ يعود فيطوف اُسبوعاً» (3) فانّه يدل على الفساد وقاطعية الحدث في الأثناء ،

وهو وإن كان وارداً في طواف النِّساء ولكن الحكم يجري في طواف الحج بالأولى ، لأ نّه جزء للحج

بخلاف طواف النِّساء فانّه واجب مستقل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لم نجد تصريحاً بذلك في كتاب الصّلاة .

(2) الوسائل 1 : 365 /  أبواب الوضوء ب 1 ح 1 .

(3) الوسائل 13 : 126 /  أبواب كفارات الاستمتاع ب 11 ح 1 .

ــ[8]ــ

   وفيه : أن مورد الصحيحة هو الجماع وله أحكام خاصّة في باب الحج ، وكيف يمكن التعدي منه

لمطلق الحدث .

   وممّا ذكرنا يظهر أن ما دلّ على الصحّة أو الفساد فيما إذا حدث الحيض في الأثناء خارج عن محل

الكلام ، لأنّ حدوث الحيض في الأثناء يوجب الفصل الطويل ولا أقل بثلاثة أيّام ، فلا يمكن

الاستدلال بذلك للحدث الصادر في الأثناء ، فلا دليل لمذهب المشهور إلاّ مرسل ابن أبي عمير على ما

رواه الكليني ، ومرسل جميل على ما رواه الشيخ عن أحدهما (عليهما السلام) «في الرجل يحدث في

طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : يخرج ويتوضأ ، فان كان جاز النصف بنى على طوافه ، وإن

كان أقل من النصف أعاد الطّواف» (1) .

   والمرسلة صريحة في مذهب المشهور ولكنّها ضعيفة بالارسال ، وقد ذكرنا كثيراً أ نّه لا عبرة

بالمراسيل وإن كان المرسل مثل جميل أو ابن أبي عمير ، فأدلّة المشهور كلّها ضعيفة ، ولكن مع ذلك ما

ذهب إليه المشهور هو الصحيح والوجه في ذلك :

   أن حدوث الحيض أثناء الطّواف وإن كان نادراً جدّاً ولكن مع ذلك كثر السؤال عنه في الروايات

، وأمّا صدور الحدث خصوصاً من المريض والشيخ والضعيف كثيراً ما يتحقق في الخارج لا سيما عند

الزحام ، ولا سيما أنّ الطّواف يستوعب زماناً كثيراً ومع ذلك لم ينسب القول بالصحّة إلى أحد من

الأصحاب ، بل تسالموا على البطلان وأرسلوه إرسال المسلمات ، وهذا يوجب الوثوق بصدور الحكم

بالبطلان من الأئمة (عليهم السلام) ولو لم يكن الحكم به صادراً منهم (عليهم السلام) لخالف بعض

العلماء ولو شاذاً ، فمن تسالم الأصحاب وعدم وقوع الخلاف من أحد مع أنّ المسألة مما يكثر الابتلاء

به نستكشف الحكم بالبطلان ، فما هو المعروف هو الصحيح .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 378 /  أبواب الطّواف ب 40 ح 1، الكافي 4 : 414 / 2، التهذيب 5:

118 / 384 .

ــ[9]ــ

   الثانية :  أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن دون اختياره ، ففي هذه الصورة يقطع

طوافه ، ويتطهر ويتمه من حيث قطعه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) إذا صدر الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ففيه صورتان :

   الاُولى :  أن يصدر الحدث من دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتوضأ ويتمه من

حيث قطعه ، للتسالم من الأصحاب على الصحّة ، ولمرسلة جميل المتقدمة(1) ولعدّة من الروايات

الدالّة على الصحّة بطروء الحيض(2) فانّ الحدث أولى بالصحّة .

   مضافاً إلى أنّ الأصل يقتضي الصحّة ، لاقتران الأشواط بالطهارة ولا دليل على قاطعية الحدث كما

تقدم .

   الثانية :  أن يصدر الحدث اختياراً ، فيحتمل الحكم بالصحّة لاطلاق مرسل جميل بناءً على أن

إطلاقه يشمل الحدث الاختياري أيضاً ، ويحتمل البطلان لا من جهة الحدث بل من جهة الخروج من

المطاف اختياراً ، فان قطع الطّواف اختياراً إلاّ في موارد خاصّة منصوص عليها موجب للبطلان ،

فالأحوط هو الجمع بين أن يتم طوافه من حيث قطع ثمّ يعيده ويستأنف من جديد .

   على أنّ شمول إطلاق مرسل جميل للحدث الاختياري بعيد جدّاً، لأن بعض أفراده يوجب التعزير

وبعضه الآخر يوجب القتل فكيف يصدر ذلك من المحرم ، ثمّ يسأل الإمام (عليه السلام) عن حكمه ،

إلاّ إذا اُريد منه النوم أو مجرّد الريح .

   وكيف كان فالحكم بالصحّة بعيد جدّاً ، وقد ذهب جماعة من الفقهاء إلى البطلان في هذه الصورة

لاستلزامها قطع الطّواف اختياراً ، فالقول بالبطلان أرجح ولا أقل من الاحتياط .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في الصفحة السابقة .

(2) الوسائل 13 : 453 /  أبواب الطّواف ب 85 .

ــ[10]ــ

   الثالثة :  أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام الشوط الرابع ، أو يكون بعد تمامه مع صدور

الحدث عنه بالاختيار . والأحوط في هذين الفرضين أن يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع ثمّ يعيده

، ويجزئ عن الاحتياط المذكور أن يأتي بعد الطهارة بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام ،

ومعنى ذلك : أن يقصد الاتيان بما تعلق في ذمّته ، سواء أكان هو مجموع الطّواف ، أم هو الجزء المتمّم

للطواف الأوّل ، ويكون الزائد لغواً (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   نعم ، يجزئ عن الاحتياط المذكور أن يأتي بعد الطهارة بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام

والاتمام ويكون الزائد لغواً في فرض ما إذا كان الباقي هو الجزء المتمّم للطواف الأوّل .

   (1) أمّا إذا صدر الحدث بعد تمام الشوط الرابع مع الاختيار فقد ذكرنا حكمه في الصورة الثانية ،

والكلام فعلاً فيما لو صدر الحدث بعد النصف وقبل تمام الشوط الرابع والمحتمل في هذه الصورة

أمران :

   أحدهما : الحكم بالصحّة ، فيبني على طوافه ويتطهر ويأتي بالباقي .

   ثانيهما : الحكم بالفساد ولزوم الاستئناف .

   ومنشأ الاحتمالين أنّ المراد بالنصف في المرسلين المتقدِّمين(1) وكلام الأصحاب هل هو النصف

الصحيح أو النصف الكسري ؟ فانّ النصف إنّما هو باعتبار الأشواط ، ومن المعلوم أنّ السبعة ليس لها

نصف صحيح إلاّ النصف الكسري أي ثلاثة ونصف .

   فان اُريد به النصف الصحيح فلا محالة يراد بالتجاوز عن النصف في المرسل وكلام الأصحاب بعد

الشوط الرابع وإتمامه ، وإن اُريد به النصف الحقيقي الكسري أي ثلاثة ونصف فيبعّده أنّ التعبير

بالوصول إلى الركن الثالث كان أسهل وأولى ، فانّ النصف الحقيقي الكسري هو الوصول إلى الركن

الثالث سواء أكانت المسافة بينه وبين الكعبة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 8 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net