ــ[40]ــ
تعتبر في الطّواف اُمور سبعة :
الأوّل : الابتداء من الحجر الأسود ، والأحوط الأولى أن يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر ، ويكفي
في الاحتياط أن يقف دون الحجر بقليل فينوي الطّواف من الموضع الّذي تتحقق فيه المحاذاة واقعاً على
أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
وأمّا إذا لم يكن الأفعال توليدياً ، بل كانت من باب العلة والمعلول كحركة الثوب بحركة البدن، فإن
كلاًّ منهما يتحرك بالحركة الدورية حول الكعبة المعبّر عنها بالطواف فان جسم الانسان يتحرك بدوران
البدن حول البيت ، وكذلك الثوب يتحرك بحركة البدن والطّواف حوله ، فالعلة لحركة الثوب
والتصرف فيه إنّما هي حركة البدن حول البيت والطّواف به ، والمحرّم إنّما هو حركة الثوب
والتصرف فيه ، ولا مقتضي لحرمة حركة البدن والطّواف حول البيت ، لعدم حرمة المقدمة بحرمة ذي
المقدمة كما حقق في الاُصول(1) ، فالحكم بالبطلان يختص بما إذا كان الساتر مغصوباً كما عرفت .
ثمّ إن بقية شرائط الصلاة وموانعها لا تكون معتبرة في الطّواف ، وذلك لأن بعضها لا يكون معتبراً
قطعاً كالتكلم والضحك والطمأنينة ، والبعض الآخر لا دليل على اعتباره كلبس غير المأكول وحمل
الميتة أو لبسها ولبس الذهب وهكذا ، إذ لا دليل على اعتبار ذلك سوى النبوي المعروف الّذي عرفت
ضعفه(2) ، وإن كان الأحوط رعاية مثل هذه الشروط .
(1) لا ريب في وجوب البدأة بالحجر الأسود والختم به ، ولم يقع فيه خلاف بين المسلمين قاطبة ،
وجرت عليه السيرة القطعية المتصلة إلى زمان النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة المعصومين (
عليهم السلام) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في محاضرات في اُصول الفقه 2 : 439 .
(2) في ص 38 .
ــ[41]ــ
الثاني : الانتهـاء في كل شوط بالحجر الأسود ويحتاط في الشوط الأخير بتجاوزه عن الحجر بقليل
، على أن تكون الزيادة من باب المقدمة العلمية (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
ولو كان البدأة أو الانتهاء بغيره جائزاً لظهر وبان ولنقل من الأئمة (عليهم السلام) فالحكم مقطوع
به ولا نقاش فيه أبداً .
ويدل عليه مضافاً إلى ما تقدم : صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «من
اختصر في الحجر الطّواف فليعد طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود»(1) فانّه صريح الدلالة
على اعتبار البدأة والختم بالحجر الأسود .
ثمّ إنّ المستفاد من النص والسيرة وطواف النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) راكباً هو الابتداء
والانتهاء به بمقدار الصدق العرفي ، ولا يعتبر مرور جميع أجزاء بدنه بالحجر ، بأن يحاذي أقدم عضو
من أعضائه للحجر كما توهّم ، ولذا اختلفوا في تعيين أوّل جزء وأقدم عضو من البدن ، وأ نّه هل هو
الأنف أو البطن أو إبهام الرجل ، وربما اختلف الأشخاص بالنسبة إلى ذلك ولا حاجة إلى ذلك أصلاً ،
بل المعتبر صدق المحاذاة والبدأة بالحجر والختم به عرفاً ، وأن يمرّ أوّل جزء من بدنه عليه في الطّواف
فلو بدأ بالطواف من الحجر الأسود ولم يكن أوّل عضو من أعضائه من مقاديم بدنه محاذياً للحجر بحيث
لم يمرّ جميع أجزائه وأعضاء بدنه بالحجر صحّ طوافه ، لصدق البدأة أو الختم بالحجر بذلك عرفاً .
نعم ، الأحوط الأولى أن يمرّ بجميع أعضاء بدنه على جميع الحجر ، بأن يقف دون الحجر بقليل من
باب المقدّمة العلمية فينوي الطّواف من الموضع الّذي تتحقق المحاذاة واقعاً ويكون الزائد لغواً .
(1) قد ظهر حال هذا الشرط مما تقدم في بيان الشرط الأوّل فلا موجب للاعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 357 / أبواب الطّواف ب 31 ح 3 .
|