روايات وجوب صلاة الطواف - مكان صلاة الطواف 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5112


ــ[100]ــ


صلاة الطّواف

   وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتّع(1)، وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطّواف ،

وصورتها كصلاة الفجر ولكنه مخيّر في قراءتها بين الجهر والاخفات ويجب الاتيان بها قريباً من مقام

إبراهيم (عليه السلام) والأحوط بل الأظهر لزوم الاتيان بها خلف المقام، فان لم يتمكن فيصلي في أيّ

مكان من المسجد مراعياً الأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط ، هذا في طواف الفريضة ، أمّا في

الطّواف المستحب فيجوز الاتيان بصلاته في أيّ موضع من المسجد اختياراً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) وهي أيضاً مما لا إشكال ولا خلاف في وجوبها بين المسلمين ، ويدل عليه أخبار مستفيضة .

   منها : الأخبار البيانية (1) .

   ومنها : الأخبار الخاصة الآمرة بالصلاة والطّواف ، كصحيحة معاوية بن عمار تجعله ـ أي المقام ـ

اماماً ـ بفتح الألف أو كسره ـ (2) .

   ومنها : ما ورد في نسيان صلاة الطّواف وأنه يعود ويصلّي (3) .

   ومنها : ما ورد من أنه يصليها بعد رجوعه إلى محله وأهله (4) .

   وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في وجوبها وفي كونها ركعتين كما وقع التصريح بذلك في الروايات ،

ولا يبعد تواترها، فلا يعبأ بما قيل من أنها مستحبة ، ومقتضى إطلاقها التخيير بين الجهر والاخفات .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 213 / أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4 وغيره .

(2) الوسائل 13 : 423 / أبواب الطّواف ب 71 ح 3 .

(3) الوسائل 13 : 427 / أبواب الطّواف ب 74 .

(4) نفس المصدر .

 
 

ــ[101]ــ

   وأمّا مكانها ، فيجب أن يكون عند مقام إبراهيم (عليه السلام) لقوله تعالى (واتَّخِذوا من مَقامِ

إبراهيمَ مُصَلّى)(1) وللأخبار(2) .

   ثم إن الظاهر من صحيح معاوية بن عمار(3) أن تكون الصلاة خلف المقام لقوله (عليه السلام) :

«تجعله اماماً» سواء قرئ بالفتح أو بالكسر ، فلابد أن يكون المقام قدّامه ، وعليه فلا تجوز الصلاة عن

يمينه أو يساره ، وإن ذهب بعضهم إلى جواز ذلك بدعوى أن المراد بالآية قرب المقام وهو صادق على

جميع الأطراف ، ولكن يردّه صحيح معاوية الآمر بجعله قدامه .

   فالمتحصل : أنه لا ريب في وجوب إتيان الصلاة خلف المقام ، بأن يجعله قدّامه حسب الروايات .

   وأمّا الآية الكريمة (واتَّخِذوا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصلّى) ففيها احتمالان :

   أحدهما : أن يراد من المقام نفس الحجر الذي قام عليه إبراهيم (عليه السلام) وبنى الكعبة المقدّسة

كما يظهر من بعض الأخبار ، وهذا الاحتمال بعيد ، إذ من الواضح أن اتخاذ الحجر مقاماً ومصلى

ومكاناً للصلاة أمر متعذر لصغر الحجر وعدم إمكانه مكاناً للصلاة(4) فلا بدّ من الالتزام بشيء من

العناية ، بأن يدعى أن المراد من اتخاذه مصلّى اتخاذ جوانبه وأطرافه وما يقرب منه مصلى ، سواء كان

خلفه أو أحد جانبيه .

   ثانيهما : أن يراد من المصلى جعل المقام والحجر قدامه وأمامه ، بأن يصلي إليه ويستقبله ، وعلى كلا

المعنيين إنما تجب الصلاة قريبة من المقام سواء كانت خلفه أو إلى أحد جانبيه فلا يجوز الابتعاد عنه ،

وهذا الاحتمال هو المتعين استناداً إلى روايتين معتبرتين دلّتنا على إيقاع الصلاة خلف المقام وجعله إماماً

، مضافاً إلى دلالتهما على الصلاة قرب المقام :

   الاُولى : معتبرة إبراهيم بن أبي محمود ، قال : «قلت للرضا (عليه السلام) : اُصلي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 125 .

(2) الآتية قريباً .

(3) المتقدِّمة في الصفحة السابقة .

(4) العبارة لا تخلو من ركاكة .

ــ[102]ــ

ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة ، أو حيث كان على عهد رسول الله (صلّى الله

عليه وآله وسلّم) ؟ قال : حيث هو الساعة» (1) .

   الثانية : صحيحة معاوية بن عمار «إذا فرغت من طوافك فائِت مقام إبراهيم (عليه السلام) فصلّ

ركعتين واجعله إماماً» الحديث (2) وفي هاتين الروايتين المعتبرتين غنى وكفاية على لزوم إيقاع الصلاة

خلف المقام حال الاختيار ، ولذا ذكرنا في المناسك والأحوط بل الأظهر لزوم الاتيان بها خلف المقام ،

فالقول بجوازه في غير خلف المقام ممّا لا وجه له .

   هذا فيما إذا تمكن من ذلك ، وأمّا إذا لم يتمكّن من الصلاة خلف المقام ، كما إذا منعه الزحام من

الصلاة خلف المقام ، ففي هذه الحالة لا ريب في عدم سقوط الصلاة عنه لاحتمال انتفاء المشروط

بانتفاء شرطه ، بل يجب الاتيان بها في أيّ جانب من جوانب المسجد .

   أمّا عدم سقوط الصلاة بمجرّد عدم إمكان إتيانها خلف المقام فمما لا إشكال فيه بين الفريقين ومتسالم

عليه عند الأصحاب ، فانه في حال العجز وعدم التمكّن من إتيان الصلاة خلف المقام يسقط القيد

المذكور لا أصل الصلاة ، فله أن يصلي في أيّ مكان شاء من المسجد .

   ويدلّ على عدم السقوط أيضاً : ما دلّ من الأخبار على أن من نسي صلاة الطّواف أو تركها جهلاً

بوجوبها حتى انتهى من الأعمال ، أنه إذا تمكّن من الرجوع والصلاة خلف المقام رجع وصلّى وسقط

الترتيب في هذه الحالة ، وإذا تعذّر عليه العود صلاها في مكانه(3) فاذا كانت الصلاة لا تسقط حتى

مع النسيان والجهل فكيف تسقط في حال العلم والاختيار لمجرد الزحام .

 ويدلّنا أيضاً على عدم السقوط في الجملة، معتبرة الحسين بن عثمان(4) وهذه الرواية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 13 : 422 / أبواب الطّواف ب 71 ح 1 ، 3 .

(3) الوسائل 13 : 427 / أبواب الطّواف ب 74 .

(4) الوسائل 13 : 433 / أبواب الطّواف ب 75 ح 1 ، 2 .

ــ[103]ــ

رويت بطريقتين :

   إحداهما : ما رواه الشيخ بسند فيه أحمد بن هلال (1) وقد ضعّفه جماعة ، ولكن ذكرنا أن الأظهر

أنه ثقة وإن كان فاسد العقيدة بل كان خبيثاً (2) وفي السند اُمية بن علي وهو وإن كان من رجال

كامل الزيارات إلاّ أن الأصحاب ضعّفوه ، فالرواية ضعيفة باُمية بن علي .

   ثانيتهما : طريق الكليني وهو صحيح عن الحسين بن عثمان قال «رأيت أبا الحسن موسى (عليه

السلام) يصلي ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريباً من ظلال المسجد» (3) إلاّ أن ذلك حكاية

فعل لا دلالة له على الجواز مطلقاً ، فيحمل على صورة عدم التمكّن كما صرّح بذلك في الطريق

الآخر «لكثرة الناس» ولكن تدل على الجواز في الجملة .

   فيظهر من مجموع الروايات أن الصلاة لا تسقط بتعذّر إتيانها خلف المقام ، بل يؤتى بها في المسجد .

   وأمّا مراعاة الأقرب فالأقرب فلا دليل عليها بعد تعذّر إتيانها خلف المقام ، وإن كان أحوط .

وأصالة البراءة تنفي الخصوصية والتقييد بالأقرب فالأقرب .

   وقد احتمل بعضهم وجوب مراعاة الأقرب فالأقرب لقاعدة الميسور ، وقد ذكرنا غير مرّة أن

القاعدة مخدوشة كبرى وصغرى ، فان القاعدة على فرض تسليمها تجري في الشىء المركب من أجزاء

وشرائط وقد تعذر بعض أجزائه أو شرائطه فحينئذ يقال : إن الفاقد لجزء أو شرط يصدق عليه أنه

ميسور لذلك المركّب الواجد ، وهذا المعنى لا ينطبق على المقام ، لأن الصلاة القريبة إلى المقام ليست

ميسورة بالاضافة إلى الصلاة خلف المقام ، بل هما متباينان ، هذا كله في الطّواف الواجب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 140 / 464 .

(2) راجع معجم رجال الحديث 3 : 152 .

(3) الكافي 4 : 423 / 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net