اعتبار الموالاة في السعي - البدأة بالمروة قبل الصفا 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4837


ــ[125]ــ

والأحوط لزوماً اعتبار الموالاة بأن لا يكون فصل معتدّ به بين الأشواط (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

صحيح معاوية بن عمار «تبدأ بالصفا وتختم بالمروة» (1) .

   (1) كما هو كذلك في جميع الأعمال المركّبة من أجزاء متعدِّدة، وإلاّ فلا يصدق عنوان العمل

الواحد على الأجزاء المأتية بفصل كثير .

   ولكن ذهب المشهور إلى عدم وجوب المـوالاة ، بل ادّعي عليه الاجمـاع كما في المستند(2) وقد

استدلوا على ذلك بعدّة من الروايات .

   منها : ما ورد في من نقص من طوافه وتذكّره أثناء السعي (3) .

   منها : ما ورد في من نسي صلاة الطّواف وشرع في السعي «إنه يعيّن مكانه ثم يتمه» (4) .

   والجواب : أن هذه الروايات وردت في مورد النقص غير الاختياري فلا يمكن التعدي إلى مورد

الاختيار .

   ومنها : ما دل على قطع السعي إذا دخل وقت الفريضة أثناءه (5) .

   وفيه : أنه حكم خاص بمورده ولا يمكن التعدِّي عنه ، وجواز القطع لدخول وقت الفريضة لا

يستلزم جواز القطع والبناء على ما قطع مطلقاً . على أنه لو استفيد من جواز القطع عدم اعتبار

الموالاة غايته عدم اعتبار الموالاة بهذا المقدار كنصف ساعة ونحوه لا نصف النهار أو أكثر .

   واستدلّ أيضاً بمعتبرة يحيى الأزرق قال «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يدخل في السعي

بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 481 / أبواب السعي ب 6 ح 1 .

(2) المستند 12 : 185 .

(3) الوسائل 13 : 358 / أبواب الطّواف ب 32 ح 2 .

(4) ورد مضمونه في الوسائل 13 : 438 / أبواب الطّواف ب 77 .

(5) الوسائل 13 : 499 / أبواب السعي ب 18 .

ــ[126]ــ

الصديق له فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، قال : إن أجابه فلا بأس» (1) فان المستفاد منه جواز

القطع ولو لحاجة غير

ضرورية .

   ويرد عليه : أن غاية ما يستفاد منه جواز القطع بمقدار الحاجة المتعارفة كساعة أو نصف ساعة ونحو

ذلك نظير قطع الطّواف لذلك ، وأمّا الفصل الكثير فلا يستفاد منه . على أن دلالته على جواز الاتمام

غير تامّة بل هي ساكتة عن ذلك ، وإنما تدل على جواز القطع لقضاء الحاجة وجواز رفع اليد عن

السعي ، كما أنه يجوز رفع اليد عن الطّواف في الأثناء ، وليس حالهما حال الصلاة من حرمة القطع .

   والعمدة ما استدل به صاحب المستند (قدس سره) وهو إطلاق ما دلّ على وجوب السعي ، فان

مقتضاه لزوم الاتيان بسبعة أشواط ، وأمّا الموالاة فلا يستفاد منه (2) .

   ويرد عليه : أن السعي عمل واحد عرفاً ذات أجزاء متعددة وليس بأعمال متعددة والمعتبر في العمل

الواحد إتيانه على نحو الموالاة بين أجزائه وإلاّ فلا يصدق ذلك العمل الواحد على ما أتى به على نحو

الانفصال . وربما يظهر كونه عملاً واحداً من اعتبار البدأة من الصفا والختم بالمروة ، فان المتفاهم من

ذلك أن السعي بجميع أشواطه عمل واحد نظير الصلاة ونحوها من الأعمال المركّبة ، فالمعتبر فيه الهيئة

الاتصالية .

   نعم لا يضر الفصل اليسير بمقدار شرب ماء ، أو قضاء الحاجة أو ملاقاة صديق ونحو ذلك ، وأمّا

إذا تحقّق الفصل الكثير فالاطلاق منصرف عنه جزماً ، كما ذكروا أن الاطلاقات منصرفة عن المشي

على نحو القهقرى أو عن المشي غير مستقبل إلى المروة عند الذهاب إليها ونحو ذلك من المشي غير

المتعارف ، فكيف بالانصراف عن الفصل الكثير كيوم أو يومين أو أكثر ، فالاتصال بمقدار الصدق

العرفي معتبر ، ولذا سألوا في الروايات عن جواز الجلوس للاستراحة في الأثناء(3) فكأنّ المغروس في

أذهانهم عدم جواز الفصل رأساً ، وأجابوا بأن هذا المقدار من الفصل غير ضائر فيعلم من ذلك كله

اعتبار الاتصال بالموالاة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 500 / أبواب السعي ب 19 ح 1 .

(2) المستند 12 : 185 .

(3) الوسائل 13 : 501 /  أبواب السعي ب 20 .

ــ[127]ــ

   مسألة 336 : لو بدأ بالمروة قبل الصفا ، فان كان في شوطه الأوّل ألغاه وشرع من الصفا ، وإن

كان بعده ألغى ما بيده واستأنف السعي من الأول (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   وبالجملة : لا ينبغي الريب في انصراف الاطـلاق إلى السعي على النحو المتعارف الخارجي، فتعتبر

الموالاة بمقدار يصدق عليه العمل الواحد، نعم لا يضرّ الفصل اليسير.

   وأمّا الاجماع المدعى فلا يمكن دعواه خصوصاً في مثل هذه المسألة التي هي غير محرّرة عند جلّ

الأصحاب .

   (1) لو عكس بأن بدأ بالمروة قبل الصفا ، فان كان في شوط واحد ، بأن بدأ بالمروة وختم بالصفا ،

أو تذكّر في الأثناء قبل الوصول إلى الصفا ، ألغى ما في يده وأعاد السعي بالبدأة من الصفا ، وهذا

واضح ولا حاجة إلى إقامة الدليل على بطلان ما بدأ به ، لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه .

   وأمّا لو أتى بشوطين أو أزيد بعد البدأة بالمروة فهل يبطل تمام الأشواط أو يبطل الشوط الأوّل

الذي بدأ من المروة ؟

   وبعبارة اُخرى : لو بدأ بالمروة وأتى بشوطين أو أكثر فهل يجتزئ بالاحتساب من الصفا ولا يحتاج

إلى إعادة السعي بالصفا جديداً ، أو يبطل تمام أشواطه وعليه البدأة من الصفا جديداً .

   ذهب جماعة إلى البطلان وأنه يجب عليه الاستئناف ، فان الشوط الأوّل الذي بدأ من المروة يوجب

بطلان الأشواط اللاّحقة ، وهذا ما يقتضيه إطلاق صحاح معاوية ابن عمار الآمرة بطرح ما سعى ،

والآمرة بالبدأة بالصفا قبل المروة (1) فان المراد بطرح ما سعى هو طرح ما بعده من الأشواط ، وإلاّ

فالشوط الأول ملغى ومطروح بنفسه لأنه على خلاف المأمور به .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 487 / أبواب السعي ب 10 ح 1 ، 2 ، 3 .

ــ[128]ــ

   وهنا روايتان استظهر منهما صاحب الجواهر (1) إلغاء الشوط الأول والاجتزاء بالاحتساب من

الصفا ، للتشبيه بغسل اليسرى قبل اليمنى المذكور في الروايتين ، ففي خبر علي بن أبي حمزة قال «

سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا ، قال : يعيد ، ألا ترى أنه لو بدأ

بشماله قبل يمينه في الوضوء أراد أن يعيد الوضوء» (2) وفي معتبرة علي الصائغ قال : «سئل أبو

عبدالله (عليه السلام) وأنا حاضر عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا ، قال : يعيد ، ألا ترى أنه لو بدأ

بشماله قبل يمينه كان عليه أن يبدأ بيمينه ثم يعيد على شماله» (3) .

   فانه في باب الوضوء لو بدأ بغسل اليسرى ثم غسل اليمنى يكتفي بغسل اليسرى ولا يلغي غسل

يمينه ، فكذلك السعي يلغي الشوط الأول والذي بدأه من المروة ، أمّا السعي من الصفا إلى المروة في

الشوط الثاني فلا موجب لالغائه ، نظير اليد اليمنى التي غسلها بعد الشمال ، فمقتضى التشبيه المزبور

الاجتزاء بالاحتساب من الصفا إذا كان قد بدأ بالمروة قبل الصفا ، ولا يحتاج إلى إعادة السعي بالصفا

جديداً .

   والجواب : أن الصحاح المتقدمة(4) عن معاوية بن عمار دلت على إلغاء ما بيده من الأشواط ،

وتخصيص الشوط الأول بالطرح والالغاء على خلاف إطلاق الصحاح المزبورة ، بل تخصيص بالفرد

النادر .

   وأمّا الروايتان فالاُولى ضعيفة بعلي بن أبي حمزة . مضافاً إلى أن كلمة «يعيد» معناها الالغاء وطرح

جميع ما بيده والاستئناف من الأول ، فحالها حال تلك المطلقات المتقدمة الآمرة بالطرح ، وليس فيها

التشبيه المزبور بالاكتفاء بغسل الشمال فقط .

   وأمّا الرواية الثانية فالظاهر أنها معتبرة السند ، وإن كان الواقع في السند إسماعيل ابن مرار ، فانه

وإن لم يوثق في كتب الرجال لكنه من رجال تفسير علي بن إبراهيم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 418 .

(2) الوسائل 13 : 488 / أبواب السعي ب 10 ح 4 .

(3) الوسائل 13 : 488 / أبواب السعي ب 10 ح 5 .

(4) في الصفحة السابقة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net