الكلام في وجوب الكفّارة على مَن أحلّ بعد نسيان شيء من السعي 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4401


ــ[147]ــ

   مسألة 347 : إذا نقص شيئاً من السعي في عمرة التمتّع نسياناً فأتى أهله أو قلّم أظفاره فأحل

لاعتقاده الفراغ من السعي ، فالأحوط بل الأظهر لزوم التكفير عن ذلك ببقرة ، ويلزمه إتمام السعي

على النحو الذي ذكرناه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الحجة ، لأنه من أجزاء الحج وأعماله فيجب إيقاعه في أشهر الحج ، وأمّا لو تذكّر النقص بعد مضي

أشهر الحج كما لو كان ذلك في شهر محرم ، فالاتمام غير ممكن لزوال وقته ، فسعيه باطل فيجب عليه

السعي قضاء ، ولا دليل على الاكتفاء بالاتمام وإتيان الباقي في القضاء ، وإنما الانضمام والتكميل باتيان

الباقي والاكتفاء به فيما إذا أتى به في أيام الحج وأشهره ، وهذا من دون فرق بين ما لو قلنا باعتبار

الموالاة أم لا ، ففي هذه الصورة ، أي ما إذا خرج عن أشهر الحج ، يجب عليه القضاء بنفسه أو بغيره

، من دون فرق بين ما كان النقص بعد التجاوز من النصف أو قبله ، والظاهر أن مرادهم (قدس

سرهم) من إتيان الباقي بعد الفراغ من الحج إتيانه بعد الفراغ من مناسكه ، فطبعاً يقع السعي في شهر

ذي الحجّة ، وكلامهم غير ناظر إلى مضي شهر ذي الحجّة .

   وبالجملة : عليه القضاء باتيان السعي الكامل بعد مضي شهر ذي الحجّة بنفسه ولو بالرجوع ، وإلاّ

فيستنيب في تمام الأشواط ، ومع ذلك الأحوط أيضاً أن يأتي بالسعي الكامل قاصداً به الأعم من الاتمام

والتمام .

   (1) والأصل في هذه المسألة روايتان :

   الاُولى : رواية ابن مسكان ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بين الصفا

والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة ، فذكر بعد ما أحلّ وواقع النساء أنه إنما طاف ستة أشواط ،

قال : عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطاً آخر» (1) .

   الثانية : صحيحة سعيد بن يسار قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجل متمتع سعى بين

الصفا والمروة ستة أشواط ، ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد فرغ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 493 / أبواب السعي ب 14 ح 2 .

ــ[148]ــ

منه ، وقلّم أظافيره وأحلّ ، ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط ، فقال لي : يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط ؟

فان كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطاً وليرق دماً فقلت : دم ماذا ؟ قال : بقرة ،

قال : وإن لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة فليعد فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثم يرق دم

بقرة» (1) .

   إلاّ أن جملة من الأصحاب أشكلوا في الحكم المذكور ، لأن مقتضى القاعدة عدم وجوب الكفارة في

موارد الخطأ في باب الحج عدا مورد الخطأ في الصيد ، ولذا حملوا النص على الاستحباب ، فيقع

الكلام في موردين :

   أحدهما : في تقليم الأظفار وقص الشعر .

   أمّا تقليم الأظافر ، فقد ورد في صحيح سعيد بن يسار المتقدم ، ولا موجب لحمله على الاستحباب

بدعوى أن المطلقات دلت على أن الكفارة إنما تثبت في حال الخطأ في خصوص الصيد وأمّا غير الصيد

فليس فيه الكفارة إذا صدر خطأ وعن غير عمد .

   ولكن هذه الدعوى فاسدة ، لأن ما دل على عدم ثبوت الكفارة في الخطأ في غير الصيد ليس حكماً

عقلياً غير قابل للتخصيص ، بل هو حكم شرعي قابل له في هذا المورد الخاص .

   وهل تلزم الكفارة في قص الشعر أيضاً كما عن الشيخ وجمع من الأصحاب على ما عن
المدارك(2)؟ الظاهر ذلك وعدم اختصاصها بتقليم الأظفار ، والوجه فيه : أن الصحيحة وإن لم يذكر

فيها قصّ الشعر ولكن لايستفاد منها اختصاص الحكم بالتقليم بل الحكم بلزوم الكفارة من جهة

الاحلال ، فالمنظور هو الاحلال لا التقليم وإلاّ لكان ذكر الاحلال بعد التقليم لغواً ، فان قوله «وقلّم

أظافيره وأحلّ» ظاهر في أن الميزان هو الاحلال ولا خصوصية لتقليم الأظفار ، فالكفارة ثابتة من جهة

الاحلال لا من جهة خصوص تقليم الظفر ، كما لا يختص الحكم بذلك بما إذا أتى ستة أشواط

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 492 / أبواب السعي ب 14 ح 1 .

(2) المدارك 8 : 216 .

ــ[149]ــ

بل يعم ما  إذا أتى بأقل من سـتة واعتقد الفراغ وأحل ، إذ لا نحتمل خصوصية لستة أشواط ، فان

جهة السؤال والمنظور فيه هو الاحلال قبل إتمام السعي كما ذكره الشيخ في التهذيب (1) خلافاً

لصاحب الجواهر حيث اقتصر على الستة (2) وما ذكره الجواهر بعيد جداً .

   المورد الثاني : وهو المواقعة ، فقد ذكر في كلامهم وحكموا بالكفارة في موردها واستدلّوا له برواية

ابن مسكان قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط

وهو يظن أنها سبعة ، فذكر بعد ما حل وواقع النساء أنه إنما طاف ستة أشواط ، قال : عليه بقرة

يذبحها ويطوف شوطاً آخر» (3) .

   وحملها بعضهم على أنه أتى أهله في حال الشك في عدد الأشواط لا الاعتقاد والجزم بالفراغ

والاحلال ، لقوله «وهو يظن» ولكن الظاهر أن المراد بالظن هنا هو الاعتقاد وقد استعمل في غير

مورد من الآيات والروايات في الاعتقاد كقوله تعالى : (الَّذينَ يَظنّونَ أ نَّهُم مُلاقوا رَبِّهِم وَأ نَّهم إلَيهِ

راجِعُون)(4) فالدلالة غير قاصرة إلاّ أن السند ضعيف بمحمد بن سنان ، ولكن على تقدير صحة

السند لا يثبت بها حكم جديد آخر غير ما حكم به صحيح سعيد بن يسار (5) لما عرفت أن الحكم

بالكفارة مترتب على الاحلال ، فقبل المواقعة أحلّ بالتقليم أو قصّر الشعر ، ويثبت الكفّارة بالاحلال

واقع أهله أم لا ، فلا خصوصية للمواقعة ، فالنتيجة ثبوت الكفارة بالاحلال ولا أثر للعمل المتأخر عن

الاحلال ، مواقعة كانت أم غيرها .

 نعم ، لو قلّم أو واقع أهله غافلاً عن الحج بالمرّة وغير ملتفت أصلاً إلى الحج فليس عليه شيء ،

للاطلاقات المتقدمة في محلها (6) الدالة على عدم ثبوت شيء في مورد الجهل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ التهذيب 5 : 153 .

(2) الجواهر 19 : 443 .

(3) الوسائل 13 : 493 / أبواب السعي ب 14 ح 2 .

(4) البقرة 2 : 46 .

(5) المتقدِّم في ص 147 .

(6) لاحظ شرح العروة 28 : 349 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net