ــ[154]ــ
مسألة 349 : حكم الشك في عدد الأشواط من السعي حكم الشك في عدد الأشواط من
الطّواف ، فاذا شك في عددها بطل سعيه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
وأمّا إذا كان الشك في الزيادة فقط ، كما إذا كان على المروة وشك في أنّ شوطه الأخير هو السابع
أو التاسع ، ففي مثله لا اعتبار بشكه ويحكم بصحة سعيه ، ويدل عليه صحيح الحلبي الوارد في الشك
بين السبعة والثمانية في طواف البيت ، فانه وإن كان في مورد طواف البيت ولكن المستفاد من التعليل
الوارد فيه تعميم الحكم للسعي لأنه يدل على أنه من تيقن بالسبعة فلا يعتني بالزائد المشكوك ، قال :
«سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة أم ثمانية فقال
: أمّا السبعة فقد استيقن ، وإنما وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين» (1) .
بل لو لم يكن نص في المقام لحكمنا بالصحة ، لأن زيادة السعي سهواً لا تضر بالصحة ، وإن استحب
له التكميل إلى أربعة عشر شوطاً ، وله الاكتفاء بالسبعة وإلغاء الزائد .
نعم ، لو شك في الأثناء بطل سعيه ، لأن الشك حينئذ يرجع إلى الشك في الزيادة والنقيصة الذي
عرفت أنه محكوم بالبطلان .
(1) قد عرفت حكم هذه المسألة مما تقدم ، وقد ذكرنا أن السعي حاله حال الطّواف ، وما دل على
بطلان الطّواف بالشك في أعداد أشواطه يدل على بطلان السعي بالشك في أعداد أشواطه .
فرع :
هل يعتبر في حال السعي إباحة اللباس وإباحة المركوب لو سعى راكباً أم لا ؟
يقع الكلام تارة في اللباس واُخرى في المركوب ، وفي اللباس تارة في الساتر واُخرى غير الساتر .
فاعلم أ نّا قد ذكرنا في باب الطّواف(2) أن الحكم بالبطلان إذا طاف على دابة أو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 368 / أبواب الطّواف ب 35 ح 1 .
(2) في ص 39 .
ــ[155]ــ
عربة مغصوبة أو طاف في اللباس المغصوب يبتني على مسألة اُصولية ، وهي أن حرمة المسبب هل
تسري إلى السبب ؟ وبعبارة اُخرى : حرمة ذي المقدمة تستدعي حرمة المقدمة ، كما أن وجوب ذي
المقدمة يقتضي وجوب المقدمة ؟ فان بنينا على ذلك فبما أن المعلول وهو حركة اللباس والتصرف فيه
محرّم ، والعلّة إنما هي الطّواف وحركة البدن حول البيت فتكون محرمة بالسراية ، وبما أن الطّواف أمر
عبادي لا يمكن أن يكون محرّماً فيبطل .
ولكن ذكرنا في المباحث الاُصولية (1) أنه لا أساس للسراية بين العلّة والمعلول فانّهما موجودان
مستقلاّن وإن كان أحدهما علّة والآخر معلولاً فلا موجب للسريان .
نعم ، لو كان الوجود واحداً والعنوان متعدداً كالأسباب التوليدية ، فالسراية مسلّمة ، لأن الموجود
الخارجي واحد والتعدّد إنما هو في العنوان كالهتك المسبب عن فعل من الأفعال ، فكل ما يوجب الهتك
يكون محرّماً .
وبعبارة واضحة : في مورد الأفعال التوليدية ليس في الخارج وجودان ، بل وجود واحد ينتزع منه
العنوانان ، فالعبرة بوحدة الوجود الخارجي ، ولذا ذكرنا أن من صلى فرادى في محل تقام فيه الجماعة
يحكم بفساد صلاته ، لاستلزامه هتك الإمام فيكون فعله مصداقاً للهتك ، ولا يمكن التقرّب به لعدم
اجتماع الحرمة والفعل القربي ، وأمّا إذا كان الموجود الخارجي أمرين ، وإن كان أحدهما علّة والآخر
معلوماً كما في المقام ـ لأن حركة البدن علّة لحركة اللباس ـ فلا موجب للسراية، لأن أحدهما من
عوارض البدن والآخر من عوارض اللباس فأحدهما أجنبي عن الآخر من هذه الجهة .
هذا في اللباس غير الساتر ، وأمّا المركوب فهو على عكس اللّباس يعني حركة المركوب علّة لحركة
البدن والطّواف ولا تسري الحرمة من العلّة إلى المعلول ، أي لا تسري الحرمة من المقدّمة إلى ذي
المقدّمة ، وعدم السراية هنا أوضح من باب اللباس، ولذا لا يكون السفر على دابة مغصوبة موجبة
لكون السفر معصية، فان المحرّم هو الركوب على الدابة لا السفر والبعد من الوطن .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أشار إلى ذلك في مصباح الاُصول 2 : 548 .
|