ــ[156]ــ
التقصير
وهو الواجب الخامس في عمرة التمتّع ، ومعناه أخذ شيء من ظفر يده أو رجله أو شعر رأسه أو
لحيته أو شاربه ، ويعتبر فيه قصد القربة ، ولا يكفي النتف عن التقصير (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
ولا فرق في جميع ما ذكرنا بين الطّواف والسعي ، ولكن الشيخ النائيني (قدس سره) جزم بالبطلان
في الطّواف واحتاط في السعي(1) ولم يظهر الفرق بين المقام وبين الطّواف .
وأمّا اللباس إذا كان ساتراً فيفرق بين الطّواف والسعي ونلتزم بالبطلان في الطّواف دون السعي ،
وذلك لأن الطّواف يعتبر فيه الستر ، والساتر إذا كان حراماً لا يكون قيداً للمأمور به ، فاذا كان
الطّواف واجباً فلم يأت بالواجب ، لأن الطّواف مقيد بالساتر المباح فلم يأت بالمأمور به على وجهه .
وأمّا السعي فلا يعتبر فيه الستر فحكم الساتر حكم غير الساتر إلاّ إذا قلنا بالسراية فلا فرق بين
الساتر وغيره ، وإلاّ فلا نقول بالبطلان مطلقاً .
(1) لا ريب ولا خلاف في وجوبه ، وتدل عليه نصوص مستفيضة :
منها : الروايات البيانية الواردة في كيفية الحج كصحيحة معاوية بن عمار(2) .
ومنها : الروايات الواردة في التقصير(3) فأصل الوجوب ممّا لا إشكال فيه ، وبه يحل له كل شيء
حرم عليه بالاحرام إلاّ الصيد ، لأنه لم يحرم من جهة الاحرام وإنما يحرم عليه الصيد للدخول في الحرم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دليل الناسك (المتن) : 248 ، 299 .
(2) الوسائل 11 : 220 / أبواب أقسام الحج ب 2 ح 8 .
(3) الوسائل 13 : 505 / أبواب التقصير ب 1 .
ــ[157]ــ
مسألة 350 : يتعيّن التقصير في إحلال عمرة التمتّع ولا يجزئ عنه حلق الرأس بل يحرم الحلق عليه
، وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالماً عامداً ، بل مطلقاً على الأحوط (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
بماذا يتحقّق التقصير
في صحيح معاوية بن عمار(1) أمر بقصّ الشعر من اللحية والشارب وتقليم الأظفار ولو كنّا نحن
وهذه الصحيحة لوجب الجمع بين هذه الاُمور ، ولكن المستفاد من بقية الروايات الاكتفاء بواحد منها
كصحيحة عبدالله بن سنان «ويقصّر من شعره ، فاذا فعل ذلك فقد أحل»(2) وفي صحيح الحلبي ما
يدلّ على الاكتفاء بقرض الشعر بالأسنان(3) . وفي صحيح جميل وحفص قد وقع التصريح بالاجتزاء
ببعض هذه الاُمور «في محرم يقصّر من بعض ولا يقصّر من بعض ، قال : يجزيه» (4) .
وهل يجزي النتف مكان التقصير أم لا ؟ وجهان، ذهب إلى الأول صاحب الحدائق لأن المقصود
إزالة الشعر فلا فرق بين الأمرين(5) ولكن الظاهر هو الثاني ، لأن المذكور في الروايات هو التقصير ،
والنتف لا يكون مصداقاً للتقصير ، فلا بدّ من الأخذ بظواهر الروايات ، والأحكام تعبدية فيجب
الاقتصار بما في النصوص .
(1) هل يجوز الحلق مكان التقصير، وعلى فرض عدم الجواز فلو حلق فهل يجزئه ذلك عن التقصير
أم لا ؟
المشهور تعيّن التقصير عليه وعدم جواز الحلق وعدم إجزائه عنه لو فرضنا أنه خالف وحلق، ونسب
إلى الشيخ التخيير بين الأمرين(6) ونسب إلى العلاّمة أن الواجب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 505 / أبواب التقصير ب 1 ح 1 .
(2) الوسائل 13 : 505 / أبواب التقصير ب 1 ح 2 .
(3) الوسائل 13 : 508 / أبواب التقصير ب 3 ح 2 .
(4) الوسائل 13 : 507 / أبواب التقصير ب 3 ح 1 .
(5) الحدائق 16 : 298 .
(6) الخلاف 2 : 330 المسألة 144 .
ــ[158]ــ
هو التقصير ، ولكن لو حلق يجزئ عن التقصير (1) .
أمّا التخيير فيردّه ظاهر الروايات الواردة في المقام(2) فان الظاهر منها تعيّن التقصير . وأمّا التخيير
قد ورد في الحج(3) وأمّا في عمرة التمتّع فلا يظهر من شيء من الروايات ولم يعلم مستند الشيخ .
وأغرب من هذا ما نسب إلى العلاّمة من الإجزاء على فرض عدم الجواز ، لأن الواجب لو كان هو
التقصير فكيف يجزئ الحلق المحرّم عن الواجب ، فلا ينبغي الريب في أن المتعين هو التقصير ولا يجوز
ولا يجزئ الحلق .
وصاحب الحدائق أجاز الحلق ، ولكنه خصّ الجواز بصورة حلق بعض الرأس لاتمامه(4) وهذا أيضاً
بعيد ، لأن إزالة الشعر بالحلق لا تكون مصداقاً للتقصير .
وربما يوجّه ما نسب إلى العلاّمة من أن التقصير يتحقق بأوّل جزء من الحلق .
وفيه : أن التقصير لا يصدق على الحلق حتى على أول جزء منه ، فالتقصير باق على ذمّته فلا بدّ من
التقصير بنحو آخر من تقليم الأظفار أو الأخذ من شعره من مكان آخر . ــــــــــــــ
(1) المنتهى 2 : 710 السطر 28 .
(2) الوسائل 13 : 505 / أبواب التقصير ب 1 ، 4 .
(3) الوسائل 14 : 221 / أبواب الحلق والتقصير ب 7 .
(4) الحدائق 16 : 301 .
|