حليّة المحرّمات بعد التقصير عدا الحلق - طواف النِّساء في عمرة التمتّع 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5928


ــ[167]ــ

   مسألة 356 : إذا قصّر المحرم في عمرة التمتّع حل له جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه ما عدا

الحلق ، أمّا الحلق ففيه تفصيل ، وهو أن المكلف إذا أتى بعمرة التمتّع في شهر شوال جاز له الحلق إلى

مضي ثلاثين يوماً من يوم عيد الفطر ، وأمّا بعده فالأحوط أن لا يحلق ، وإذا حلق فالأحوط التكفير

عنه بشاة إذا كان عن علم وعمد (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) إذا فرغ المتمتع عن أعمال العمرة وقصّر يحل له كل شيء حرم عليه لأجل الاحرام، بل يحل له

حتى الصيد في غير الحرم، إنما الكلام في الحلق، فالمشهور والمعروف جوازه بعد التقصير، وإنما يستحب

له التوفير، ونسب إلى بعض المحدثين تحريمه وقال: إنه يحل له بالتقصير كل ما حرم عليه بالاحرام إلاّ

الحلق، والظاهر حرمة الحلق كما نسب إلى بعض، واستشكل الشيخ النائيني فيه وقال (قدس سره) :

يحلّ له بفعله كل ما حرم عليه بعقد إحرامه على إشكال في حلق جميع الرأس(1) .

   ولعل منشأ الاشكال معروفية الجواز وإلاّ فمقتضى النص الحرمة ، والعمدة في ذلك صحيحتان :

   الاُولى: صحيحة معاوية بن عمار قال (عليه السلام) : «ثم قصّر من رأسك من جوانبه ولحيتك وخذ

من شاربك وقلّم أظفارك وابق منها لحجك ، فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء يحل منه المحرم

وأحرمت منه» (2) وقوله : «فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء» يراد به غير الحلق لقوله :

«وابق منها لحجك» .

   وبالجملة : لا ينبغي الريب في ظهور الصحيحة في عدم جواز الحلق وأنه يلزم عليه الابقاء للحج .

   وأوضح من ذلك : الصحيحة الثانية لجميل فقد سأل أبا عبدالله (عليه السلام) «عن متمتع حلق

رأسه بمكة ، قال : إن كان جاهلاً فليس عليه شيء ، وإن تعمّد ذاك في أوّل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دليل الناسك (المتن) : 305 .

(2) الوسائل 13 : 503 / أبواب التقصير ب 1 ح 1 .

ــ[168]ــ

   مسألة 357 : لا يجب طواف النساء في عمرة التمتّع ولا بأس بالاتيان به رجاء ، وقد نقل شيخنا

الشهيد (قدس سره) وجوبه عن بعض العلماء (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

شهور الحج بثلاثين يوماً فليس عليه شيء ، وإن تعمـد بعد الثلاثين يوماً التي يوفر فيها الشعر للحج

فان عليه دماً يهريقه» (1) فان السؤال عن الحلق بمكة ظاهر في أن السؤال من جهة أعمال المتعة ، وأن

من تمتع يجوز له الحلق أم لا ، وإلاّ لو كان السؤال ناظراً إلى جواز الحلق من جهة الاحرام فلا فرق بين

مكة وغيرها، فان الحلق للمحرم غير جائز سواء كان في مكة أم لا .

   ثم إن التفصيل بين مضي ثلاثين يوماً من أوّل شهور الحج وبين مضي أكثر من ذلك وجواز الحلق في

الفرض الأوّل دون الثاني، ظاهر جدّاً في أن السؤال والجواب ناظران إلى الحلق في نفسه للمتمتع ، لا

من جهة الاحرام وإلاّ فلا وجه لهذا التفصيل ، فيعلم من هذه الرواية لزوم إبقاء الشعر وتوفيره بمقدار

يتمكّن من تحقق الحلق للحج ، ولذا يجوز الحلق في أيام شهر شوال ، لأن الحلق في شهر شوال لا يمنع

من الحلق في الحج إذا وفّر شعره من ذي القعدة .

   والحاصل: لا إشكال في أن الرواية ظاهرة بل صريحة في عدم جواز الحلق للمتمتع في نفسه ، وحمله

على الاستحباب كما صنعه المشهور مما لا وجه له ، ولكن حيث إن الصحيحة بمرأى من الأصحاب

ومع ذلك لم يلتزموا بالحرمة فلا أقل من الاحتياط فما ورد في الروايات أنه لو قصّر حل له كل شيء

يقيد بغير الحلق .

   (1) لا خلاف في عدم وجوب طواف النساء في عمرة التمتّع ، فلو قصّر حل له النساء بلا إشكال

ولم يعلم بمخالف معين .

   نعم، نقل الشهيد في الدروس عن بعض الأصحاب قولاً بوجوبه ولم يصرّح باسمه(2) .

   ولكن لا ينبغي الريب في عدم وجوبه ، للنص الدال بالصراحة على عدم الوجوب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 510 / أبواب التقصير ب 4 ح 5 .

(2) الدروس 1 : 329 .

ــ[169]ــ

وهو صحيح صفوان ، قال «سأله أبو حارث ، عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فطاف وسعى وقصّر ،

هل عليه طواف النساء ؟ قال : لا ، إنما طواف النساء بعد الرجوع من منى» (1) أي طواف النساء

ثابت في الحج بعد أعمال الحج .

   وفي معتبرة سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه (عليه السلام) قال : «إذا حج الرجل فدخل مكة

متمتعاً فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) وسعى بين الصفا والمروة وقصّر

فقد حلّ له كل شيء ما خلا النساء ، لأن عليه لتحلة النساء طوافاً وصلاة» (2) .

   وربما يقال بدلالتها على وجوب طواف النساء في عمرة المتعة ، ولكن الدلالة مخدوشة ، لأن

المفروض في الرواية أنه حج الرجل فدخل مكة متمتعاً ، والذي يدخل مكة متمتعاً بالعمرة لا يقال حج

الرجل ، فيعلم أنه دخل مكة بعد أعمال الحج ، فالمعنى أن الرجل تمتع وذهب إلى عرفات والمشعر

وحج ثم دخل مكة بعد أعمال الحج فيكون الطّواف المذكور هو طواف النساء الثابت في الحج ، هذا .

   والرواية على مسلك المشهور ضعيفة السند ، لعدم توثيق سليمان المروزي في الرجال ولذا عبّروا

عنه بالخبر ، لكنه موثقة عندنا لأنه من رجال كامل الزيارات .

   على أنه لو فرضنا دلالته على وجوب طواف النساء في عمرة التمتّع ولم نناقش في السند ، أيضاً لا

نقول بالوجوب ، لا للمعارضة بينه وبين صحيح صفوان المتقدم ، بل للقطع بعدم الوجوب ، للسيرة

القطعية بين المسلمين وهي كافية وافية في نفي الوجوب إذ لو كان واجباً لكان من أوضح الواجبات ،

لأنه ممّا يكثر الابتلاء به ، ولم ينسب القول بالوجوب إلى أحد من العلماء سوى الشهيد نسب

الوجوب إلى عالم مجهـول فلو كان هنا رواية صريحة في الوجوب لالتزمنا بالعدم للسيرة القطعية ،

ونطرح الرواية أو تحمل على محامل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 13 : 444 / أبواب الطّواف ب 82 ح 6 ، 7 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net