وأمّا المقام الثاني : وهو الاحرام بينهما ، كما إذا كان الوقت موسّعاً فأراد العمرة المفردة بين عمرة
التمتّع والحج ، ولم أر مَن تعرّض لذلك إلاّ شيخنا النائني (قدس سره) في مناسكه ، فانه (قدس سره)
ذكر في المسألة السابعة من مسائل المواقيت أنه يجوز للمتمتع أن يعتمر بعمرة مفردة بعد إحلاله من
إحرام [ عمرة ] التمتّع بعد مضي عشرة
ــ[175]ــ
أيام ، لاعتبار تحقق الفصل بين العمرتين بعشرة أيام فيجوز له أن يخرج إلى أدنى الحل لاحرامها أو غير
أدنى الحل إذا كان دون المسافة المعتبرة في التقصير ، وأمّا الخروج إلى المسافة فالأحوط أن لا يخرج إلاّ
محرماً بالحج(1) .
وما ذكره (قدس سره) مبني على جواز الخروج من مكة اختياراً بعد عمرة التمتّع وقد ذكرنا في محله
(2) أن الأظهر عدم جواز الخروج من مكة ، ولو إلى ما دون المسافة أو إلى أدنى الحل ، فانه محتبس في
مكة وليس له الخروج من مكة حتى يحج ، وأنه مرتهن بالحج كما في النصوص ، وأمّا التحديد إلى
المسافة فلم يظهر له وجه ولا دليل عليه ، فان الممنوع هو الخروج من مكة سواء كان إلى المسافة أو
إلى ما دونها ، ولا ينافي ما ذكرناه سعة بلدة مكة ودخول مسجد التنعيم في البلدة المقدسة في زماننا ،
لأن العبرة ـ كما تقدم غير مرّة ـ في أمثال هذا الحكم بمكة القديمة .
بل الظاهر عدم جواز ذلك له حتى على القول بجواز الخروج ، وتدل عليه صحيحة حماد بن عيسى
الدالة على عدم جواز الخروج من مكة على من تمتع في أشهر الحج ولكن لو جهل فخرج إلى المدينة
بغير إحرام ثم رجع وأراد الحج ، قال (عليه السلام) : «إن رجع في شهره دخل بغير إحرام ، وإن
دخل في غير الشهر دخل محرماً ، قلت : فأيّ الاحرامين والمتعتين متعة ، الاُولى أو الأخيرة ؟ قال :
الأخيرة هي عمرته ، وهي المحتبس بها التي وصلت بحجّته» الحديث(3) فان المستفاد منها عدم جواز
الفصل بين عمرة التمتّع والحج بعمرة اُخرى ، وإلاّ لو كان الفصل جائزاً لكانت الاُولى عمرته متعة ،
والثانية مفردة ، فيعلم من هذه الصحيحة أن عمرة التمتّع لابد من اتصالها بالحج وعدم فصلها عنه
بعمرة اُخرى .
مضافاً إلى ذلك : أنه لو كان ذلك أمراً جائزاً لوقع مرّة واحدة .
نعم ، لو فرغ من جميع أعمال المناسك ، ولم يأت بطواف النساء لا مانع من إتيان
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دليل الناسك (المتن) : 120 .
(2) في شرح العروة 28 : 192 المسألة 151 .
(3) الوسائل 11 : 302 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 6 .
|