ــ[227]ــ
مسألة 379 : إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي الاجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال ، فالأحوط
أن يرمي المقدار الذي كان سابقاً ، فان لم يتمكن من ذلك رمى المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصاً
آخر لرمي المقدار المزيد عليه، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
فقال : ربما فعلت ، فأما السنة فلا ، ولكن من الحر والعرق» (1) .
وفي صحيحة معاوية بن عمار قال : «ويستحب أن يرمي الجمار على طهر»(2) وقد تقدم(3) في
باب السعي عدم اعتبار الطهارة في شيء من المناسك والأعمال عدا الطّواف وصلاته كما في النصوص
(4) .
ولو لم يكن هنا ما يدل على عدم اعتبار الطهارة لالتزمنا أيضاً بعدم اعتبارها للتسالم على عدم
الاعتبار ، إذ لو كانت معتبرة لكان من الواضحات .
(1) قد عرفت أنه لا بد من وصول الحصيات إلى الجمرة وإصابتها ، ولا ريب أن الجمرة الموجودة
في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لا يمكن بقاؤها إلى يوم القيامة ، ولا ريب
في تغييرها وتبديلها ، فشخص تلك الجمرة الموجودة في زمانهم (عليهم السلام) لا يلزم رميها جزماً ،
لعدم إمكان بقائها إلى آخر الدنيا ، مع أن الدين باق إلى يوم القيامة وقيام الساعة ، فلا بد من تنفيذ
هذا الحكم الاسلامي ، ولذا لو فرضنا هدمت الجمرة وبنيت في مكانها جمرة اُخرى أو رممت أو طليت
بالجص والسمنت بحيث يعد ذلك جزء منها عرفاً لا بأس برميها ، ولا يمنع الجص ونحوه من صدق
وصول الحصى إلى الجمرة ،
ولكن إذا فرض أنه بني على الجمرة بناء آخر مرتفع أعلى من الجمرة السابقة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 14 : 56 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 2 .
(2) الوسائل 14 : 56 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 2 ح 3 .
(3) في ص 122 .
(4) الوسائل 13 : 493 / أبواب السعي ب 15 .
ــ[228]ــ
مسألة 380 : إذا لم يرم يوم العيد نسياناً أو جهلاً منه بالحكم لزمه التدارك إلى اليوم الثالث عشر
حسبما تذكّر أو علم ، فان علم أو تذكّر في الليل لزمه الرمي في نهاره إذا لم يكن ممّن قد رخّص له
الرمي في الليل . وسيجيء ذلك في رمي الجمار (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
الموجودة في زمانهم (عليهم السلام) كما في زماننا هذا ، فلا يجتزئ يرمي المقدار الزائد المرتفع ، لعدم
وجود هذا المقدار في زمانهم (عليهم السلام) فلم نحرز جواز الاكتفاء برمي هذا المقدار ، فتبدّل المواد
لا يضر في الجمرة ، إذ لا يلزم رمي الجمرة الموجودة في زمان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة
(عليهم السلام) فان ذلك أمر لا يمكن بقاؤه إلى زماننا ، لعروض الخراب والتغيير والتبديل على الجمرة
قطعاً في طيلة هذه القرون ، إلاّ أن اللاّزم رمي مقدار الجمرة الموجودة في الزمان السابق ، وإن تغيرت
وتبدلت بحيث كانت الزيادة جزءاً من الجمرة عرفاً ، وأمّا إذا زيدت عليها في ارتفاعها بأن بنوا عليها
فصارت أعلى من السابق أو زيد في بعض جوانبها بناء آخر فلا يجتزئ برمي هذا المقدار الزائد ،
والأحوط لمن لا يتمكّن من رمي نفس الجمرة القديمة أن يرمي بنفسه المقدار الزائد المرتفع ويستنيب
شخصاً آخر لرمي الجمرة القديمة المزيد عليها .
(1) إذا نسي رمي جمرة العقبة يوم العيد أو تركه جهلاً منه بالحكم يجب عليه القضاء في نهار
الحادي عشر إذا لم يكن ممن وظيفته الرمي في الليل وإلاّ فيرمي ليلاً ـ أي ليلة الحادي عشر ـ
ويستمر هذا الحكم أي وجوب القضاء إلى آخر أيام التشريق ـ أي اليوم الثالث عشر ـ لصحيحة
عبدالله بن سنان قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى
فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت الشمس ، قال : يرمي إذا أصبح مرتين : مرة لما فاته ، والاُخرى
ليومه الذي يصبح فيه وليفرّق بينهما يكون أحدهما بكرة وهي للأمس ، والاُخرى عند زوال الشمس»
(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 14 : 72 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 15 ح 1 .
ــ[229]ــ
ولا يخفى أن السؤال ناظر إلى فوت الواجب في وقته لعروض عارض من العوارض وقد حكم (عليه
السلام) بالقضاء في الغد ، والمستفاد من ذلك قضاؤه في الأيام التي يجب عليها الرمي ، وهي أيام
التشريق فيجمع بين الأداء والقضاء مع التفريق بينهما كما سيأتي ، وأمّا بعد انقضاء أيام التشريق الذي
لا يجب فيه الرمي فلا دليل على قضاء ما فاته من رمي جمرة العقبة .
وبعبارة اُخرى : تدل الصحيحة على القضاء فيما إذا أصبح ـ أي في الغد ـ ولكن لا بدّ من
إلغاء اعتبار الغد ، إذ لا خصوصية له ، فالمستفاد منها وجوب القضاء في الأيام التي يجب فيها الرمي ،
فيجمع بين الأداء والقضاء مع الفصل بينهما ، وأمّا اليوم الذي لا يجب فيه الرمي أداء فالصحيحة غير
دالة على قضاء ما فاته من رمي جمرة العقبة ، فاذن لا دليل على القضاء بعد انقضاء أيام التشريق ،
ولذا قيّدنا وكذلك الفقهاء القضاء بأيام التشريق .
ثم إن هذه الصحيحة لم يذكر فيها أن سبب الترك كان هو النسيان أو الجهل ، بل المذكور فيها أنه
عرض له عارض فلم يرم ، وهذا يشمل الناسي والجاهل بل يشمل الترك عن التساهل والتسامح في
إتيان الرمي ونحو ذلك من الموانع والعوارض ، فالميزان ما يمنعه عن أداء الواجب . على أنه لو ثبت
التدارك في مورد النسيان ففي مورد الجهل أولى ، لأن مورد النسيان لا تكليف أصلاً بخلاف مورد
الجهل فانه يمكن التكليف في مورده .
ويمكن أن يستدل بصحيح جميل الوارد في جميع أعمال الحج الدال على أن تأخير ما حقه التقديم
وبالعكس غير ضائر بصحة العمل ، فقد روى المشايخ الثلاثة بسند صحيح عن جميل بن دراج ، قال :
«سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق ، قال : لا ينبغي إلاّ أن يكون
ناسياً ، ثم قال : إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أتاه اُناس يوم النحر فقال بعضهم : يا
رسول الله إني حلقت قبل أن أذبح وقال بعضهم : حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي
أن يؤخروه
|