ــ[233]ــ
2 ـ الذبح أو النحر في منى
وهو الخامس من واجبات حج التمتّع (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
(1) بالضرورة وبالكتاب (فَمن تَمَـتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي)(1) وبالنصوص
المستفيضة ، منها قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة «في المتمتع ، قال : وعليه الهدي ،
قلت : وما الهدي ؟ فقال : أفضله بدنة ، وأوسطه بقرة وآخره شاة» «وأخفظه شاة» (2) .
وقد وقع الكلام في وجوب الهدي لأهل مكة إذا تمتعوا لمشروعية حج التمتّع لهم أيضاً ، فالمشهور
شهرة عظيمة بل لم ينقل الخلاف من أحد في وجوب الهدي على المكي إذا تمتع .
ولكن المحكي عن الشيخ في المبسوط عدم وجوب الهدي عليه (3) فكأنه خص وجوب الهدي على
البعيد إذا تمتع ، بناء على رجوع اسم الاشارة في قوله تعالى : (ذلِكَ لِمَن لَمْ يَكُن أهْلُهُ حاضِري
المَسْجِدِ الحَرَام)(4) إلى الهدي لا إلى التمتّع المذكور في الآية قبل ذلك ، يعني إن الهدي الذي تقدم
ذكره وظيفة لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، فان الاشارة ترجع إلى القريب ، ولذا ادعوا أن
الاشارة إذا تعقبت الشرط والجزاء ترجع إلى الجزاء خاصة لا إلى الشرط والجزاء معاً ، نظير قولنا : من
دخل داري فله درهم ، ذلك لمن لم يكن عاصياً ، فان الاشارة ترجع إلى الجزاء دون الشرط كما مثّل
بذلك في الجواهر(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 196 .
(2) الوسائل 14 : 101 / أبواب الذبح ب10 ، ح 5 ، 11 : 255 / أبواب أقسام الحج ب 5
ح 3 .
(3) المبسوط 1 : 307 .
(4) البقرة 2 : 196 .
(5) الجواهر 19 : 115 .
ــ[234]ــ
ويعتبر فيه قصد القربة (1) والايقاع في النهار ، ولا يجزئه الذبح أو النحر في الليل وإن كان جاهلاً ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
ويُردّ بأن «ذلك» إشارة للبعيد و «هذا» إشارة للقريب ، فالاشارة في الآية ترجع إلى البعيد وهو
التمتّع المذكور قبل الهدي ، فقد قال عزّ من قائل : (فَإذا أَمِنْتُم فَمَن تَمَـتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ فَما
اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي ، فَمَن لَمْ يَجِد فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّام فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذا رَجَعْتُمْ ، تِلْكَ عَشْرَةٌ كامِلَةٌ ،
ذلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَام)(1) أي ذلك الحج التمتّع على من لم يكن أهله
حاضري المسجد الحرام ، فلا ظهور للآية في قول الشيخ .
ولو فرضنا ظهورها في القول المزبور فلا بدّ من رفع اليد عن ذلك، لظهور الروايات المعتبرة المفسرة
للآية ، فانها تدل بوضوح على أن المشار إليه في قوله : «ذلك» إنما هو حج التمتّع لا خصوص الهدي
.
ففي صحيح زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قلت لأبي جعفر : قول الله عزّ وجلّ في
كتابه (ذلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَام) قال : يعني أهل مكة ليس عليهم متعة»
الحديث (2) .
وفي صحيحة اُخرى : «ليس لأهل مكة ولا لأهل مر ولا لأهل سرف متعة ، وذلك لقول الله عزّ
وجلّ (ذلِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَام) »(3) . وغيرهما من الروايات .
فاطلاق الروايات الدالة على لزوم الهدي في حج التمتّع بحـاله ولم يرد عليه تقييد فلا فرق بين المكي
وغيره إذا تمتعا .
(1) لأن الحج من العبادات فلا بد من إتيان أجزائه وأفعاله وأعماله مقرونة بالقربة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 196 .
(2) ، (3) الوسائل 11 : 259 / أبواب أقسام الحج ب 6 ح 3 ، 1 .
|