الصفات المعتبرة في الهدي - إذا اشترى هدياً باعتقاد سلامته فبان معيباً 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4232


ــ[250]ــ

   ويعتبر في الهدي أن يكون تام الأعضاء فلا يجزئ الأعور والأعرج والمقطوع اُذنه ، والمكسور قرنه

الداخل ونحو ذلك . والأظهر عدم كفاية الخصي أيضاً . ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولاً عرفاً ،

والأحوط الأولى أن لا يكون مريضاً ولا موجوءاً ولا مرضوض الخصيتين ولا كبيراً لا مخّ له ، ولا بأس

بأن يكون مشقوق الاُذن أو مثقوبها ، وإن كان الأحوط اعتبار سلامته منهما ، والأحوط الأولى أن لا

يكون الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) وأمّا من حيث الصفات المعتبرة فيه ، فلا بدّ من كونه تام الأجزاء والأعضاء وعدم نقص

عضوي فيه ، حتى إذا كان النقص غير دخيل في حياته وعيشه كمقطوع الاُذن ، لصحيح علي بن جعفر

«عن الرجل يشتري الاُضحية عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها ، هل تجزي عنه ؟ قال : نعم إلاّ أن

يكون هدياً واجباً فانه لا يجوز أن يكون ناقصاً»(1) فان المستفاد منه اعتبار كون الحيوان تام الخلقة

والأعضاء ، وعدم الاجتزاء بالناقص ولو كان النقص لا يضر بحياته العادية ولا يخل بسعيه ومشيه

وأكله كمقطوع الاُذن ونحوه .

   ويظهر من هذه الصحيحة ومعتبرة السكوني عدم النقص من حيث الصفة وإن كان أصل العضو

موجوداً كالأعرج والأعور ، فان أصل الرجل والعين موجودة ولكن لا ينتفع بها في المشي أو الرؤية ،

وصحيح علي بن جعفر قد طبّق فيه الناقص على مورد السؤال وهو العوراء ، وفي معتبرة السكوني

صرح بعدم إجزاء عدّة من الاُمور كالعوراء ولا العجفا والخرقا، والجذعاء ولا العضباء(2).

   وكذا لا يجزئ مكسور القرن أو مقطوعه كما في معتبرة السكوني، لتفسير العضباء في المعتبرة

بمكسور القرن ، ولكن في صحيح جميل فصّل بين القرن الداخل والخارج وجعل العبرة بكسر القرن

الداخل ، قال (عليه السلام) «في المقطوع القرن أو المكسور القرن إذا  كان القرن الداخل صحيحاً

فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 14 : 125 / أبواب الذبح ب 21 ح 1 ، 5 ، 3 .

ــ[251]ــ

مقطوعاً»(1) ونحوه صحيح آخر عنه(2) فسلامة القرن الداخل معتبرة وإن لم تكن دخيلة في حياة

الحيوان وعيشه على النحو المتعارف . وفسّر القرن الداخل بالأبيض الذي في وسط الخارج .

   وأمّا الخصي ففي صحيحة ابن مسلم المنع عنه قال : «وسألته أيضحى بالخصي ؟ فقال : لا» بل

يظهر من صحيح عبدالرحمن عدم الإجزاء حتى لو ذبحه وهو لا يعلم ثم علم أنه كان خصياً «عن الرجل

يشتري الهدي ، فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجزي في الهدي هل يجزيه

أم يعيده ؟ قال : لا يجزيه إلاّ أن يكون لا قوة به عليه» .

   ولكن يظهر من معتبرات اُخر جواز الاُضحية بالخصي ، وإطلاقها يقتضي الجواز في الهدي أيضاً ،

ففي صحيح الحلبي قال (عليه السلام) «النعجة من الضأن إذا كانت سمينة أفضل من الخصي من الضأن

، وقال : الكبش السمين خير من الخصي ومن الاُنثى»(3) فيعلم من ذلك جواز الخصي وإن كان دون

غيره في الفضل ، إلاّ أنه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقه وحمله على الاُضحية المندوبة ، لصراحة

الصحاح المتقدمة في المنع عن الهدي بالخصي .

   وأمّا بقية الصفات فالظاهر عدم اعتبارها فيما إذا لم تكن دخيلة في حياة الحيوان كمرضوض الخصيتين

والموجوء ، فان المنفعة المطلوبة غير موجودة في المرضوض فهو كالخصي ولكن مع ذلك يجتزأ به ، لعدم

صدق الناقص على هذا الحيوان ، فان الناقص إنما يصدق على فاقد العضو كفاقد الاُذن ونحو ذلك

وإن لم يكن دخيلاً في حياة الحيوان وألحقنا بالفاقد الأعور والأعرج، وأمّا المرضوض والموجوء فلا

موجب لعدم الاجتزاء بهما ، لعدم دخلهما في حياة الحيوان ، وعدم صدق الناقص عليهما ، بل ورد في

بعض الروايات المعتبرة جواز الموجوء ومرضوض الخصيتين (4) مع أنه مثل الخصي في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 14 : 128 / أبواب الذبح ب 22 ح 3 ، 1 .

(3) الوسائل 14 : 106 / أبواب الذبح ب 12 ح 1 ، 3 ، 5 .

(4) الوسائل 14 : 107 / أبواب الذبح ب 12 ح 7 .

ــ[252]ــ

عدم التوالد والتناسل ، فلو فرض عموم دليل الناقص وشموله لمثل ذلك ، يكون ما دل على جواز

الموجوء ومرضوض الخصيتين مخصصاً ومقيداً لعموم الناقص .

   وأمّا المهزول فالظاهر عدم الاجتزاء به في الهدي والاجتزاء به في الاُضحية المندوبة وتدل عليه عدّة

من الروايات : منها صحيح الحلبي «وإن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فانها لا تجزئ عنه» . وفي

صحيح ابن مسلم «وإن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم يجز عنه» (1) .

   وأمّا الكبير الذي لا مخ له فالظاهر جواز الاجتزاء به ، لعدم ما يدل على المنع سوى رواية عامية

مروية عن غير طرقنا وهي رواية البراء بن عازب (2) .

   وكذا لا مانع بمشقوق الاُذن أو مثقوبها ، والوجه في ذلك : أن صحيح الحلبي وإن كان يظهر منه

عدم الاجتزاء لقوله (عليه السلام) «وإن كان شقاً فلا يصلح» (3) ولكن لا يمكن الالتزام بالمنع ، لأن

مشقوق الاُذن لو كان ممنوعاً لظهر وبان ، لأن شق الاُذن في الحيوانات كثير جداً ومما يكثر الابتلاء به

فكيف يخفى المنع عنه على الأصـحاب مع أنهم صرحوا بجواز الاكتفاء بالمشقوق ومثقوب الاُذن .

على ان المستفاد من معتبرة السكوني المتقدمة (4) اختصاص المنع بالمقطوع ، ومن الواضح أن القطع

مسبوق بالشق دائماً ، فلو كان الشق مانعاً لما كان القطع مانعاً برأسه ، بل الشق السابق يكون مانعاً

فلا مجال حينئذ لكون القطع مانعاً ، فيعلم من اعتبار مانعية القطع أن الشق بنفسه غير مانع .

   ويؤيَد ما ذكرناه بمرسل البزنطي باسناد له عن أحدهما (عليهما السلام) قال: «سئل عن الأضاحي

إذا كانت الاُذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة، فقال: ما لم يكن منها مقطوعاً فلا بأس» (5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 114 / أبواب الذبح ب 16 ح 5 ، 1 .

(2) سنن البيهقي 5 : 242 .

(3) الوسائل 14 : 129 / أبواب الذبح ب 23 ح 2 .

(4) في ص 250 .

(5) الوسائل 14 : 129 / أبواب الذبح ب 23 ح 1 .

ــ[253]ــ

   وأمّا المريض فلا بأس به لعدم الدليل على المنع إلاّ النبوي المتقدم . ولا يصدق عنوان الناقص عليه ،

فان المرض تقابله الصحّة والنقص يقابله الكمال ، فان تمّ الاجماع في المقام فهو وإلاّ فالأظهر الاجتزاء

بالمريض .

   وأمّا التي لم يخلق لها قرن ولا ذنب فهل تجزئ أم لا ؟ فيه كلام ، فعن المشهور الاجتزاء بذلك .

واستشكل في الجواهر (1) لأنه مناف لاطلاق عدم جواز كون الهدي ناقصاً ، فان النقص أعم من

النقص العارض أو النقص الأصلي حسب خلقته .

   ولكن الصحيح ما ذهب إليه المشهور ، والوجه في ذلك : أنه لو كان جنس الحيوان كذلك حسب

خلقته الأصلية ، فان الحيوانات تختلف خلقة بحسب اختلاف البلاد ، فاذا فرضنا أن معزاً لا ذنب له

حسب جنسه وخلقته الأصلية فلا ريب في عدم صدق عنوان الناقص على ذلك، ومجرّد وجود الذنب

في صنف آخر لا يوجب صدق الناقص على الفاقد في نوع آخر . وأمّا إذا فرضنا أن فرداً من أفراد

نوع لا ذنب له خلقة اتفاقاً فالأمر كذلك أيضاً ، فان النقص إنما يلاحظ بحسب حياته وعيشه كالعوراء

والعرجاء ونحوهما .

   وبعبارة اُخرى : الأعضاء التي تساعد الحيوان على عيشه وحياته يعتبر فقدها نقصاً، وأمّا فقد العضو

الذي لايؤثر في استمرار حياته وعيشه لايصدق عليه النقصان. وأمّا عدم الاجتزاء بالأعرج وبمكسور

القرن ومقطوع الاُذن فللنص ، ولذا لا ريب في عدم صدق الناقص على الحيوان الذي اُخذ صوفه أو

شعره ، ولم يقل أحد بعدم إجزائه باعتبار نقصان بعض أجزائه ، فحال القرن والذنب حال الصوف ،

فالاطلاقات كافية في الحكم بالاجتزاء بالتي لم يخلق لها قرن أو ذنب من أصله . ولو شك في تقييدها

بصحيح علي بن جعفر لعدم العلم بالمراد من النقص ، يؤخذ بالقدر المتيقن من عنوان النقص وهو

مقطوع الرجل بالعرض ونحو ذلك ، فما نسب إلى المشهور هو الصحيح .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 144 .

ــ[254]ــ

   مسألة 385 : إذا اشترى هدياً معتقداً سلامته فبان معيباً بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الاكتفاء
به(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) خلافاً للمشهور، وعمدة الروايات الواردة في المقام إنما هي صحيحة علي بن جعفر المتقدمة(1)

«عن الرجل يشتري الاُضحية عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها ، هل تجزي عنه ؟ قال : نعم إلاّ أن

يكون هدياً واجباً فانه لا يجوز أن يكون ناقصاً» فانها صريحة في عدم الاجتزاء في الهدي الواجب في

الصورة المذكورة في الرواية .

   وبازائها صحيح معاوية بن عمار «في رجل يشتري هدياً فكان به عيب عور أو غيره ، فقال : إن

كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره» (2) فانه يعارض صحيح ابن جعفر

بالاطلاق ، فان مقتضى إطلاق صحيح علي بن جعفر عدم الاجزاء إذا  كان ناقصـاً فيما إذا لا يعلم

إلاّ بعد شرائه ، سواء نقد الثمن أم لا ومقتضى إطلاق صحيحة معاوية بن عمار أنه إذا نقد الثمن

يجزي، علم بالنقص بعد الشراء أم لا .

   فيقع التعارض فيما إذا نقد الثمن ولم يعلم بالعيب إلاّ بعد الشراء ، فمقتضى إطلاق صحيح علي بن

جعفر هو عدم الاجتزاء ومقتضى صحيح معاوية بن عمار هو الاجتزاء ولكن صحيح عمران الحلبي

يقيد كلا الاطلاقين قال : «من اشترى هدياً ولم يعلم أن به عيباً حتى نقد ثمنه ثم علم فقد تم» (3) فانه

يدل على الاجتزاء في مورد الاجتماع ، فما دلّ على الاجزاء محمول على العلم بعد نقد الثمن ، وما

دل على عدم الاجزاء محمول على العلم قبل نقد الثمن فلا تعارض بين الروايتين .

   ولكن الشيخ (قدس سره) حمل الاجزاء على الهدي المندوب أو على تعذّر ردّه فاقتصر في الاجزاء

في صورة عدم التمكّن من الرد (4) ولا وجه له أصلاً ، لأن صحيح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 250 .

(2) الوسائل 14 : 130 / أبواب الذبح ب 24 ح 1 .

(3) الوسائل 14 : 130 / أبواب الذبح ب 24 ح 3 .

(4) الاستبصار 2 : 269 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net