مَن لم يجد الهدي وتمكّن من ثمنه - الكلام في الصِّيام بدل الهدي 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3984


ــ[267]ــ

   مسألة 392 : من لم يجد الهدي وتمكن من ثمنه أودع ثمنه عند ثقة ليشتري به هدياً ويذبحه عنه إلى

آخر ذي الحجة ، فان مضى الشهر لا يذبحه إلاّ في السنة القادمة (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   الخامسة : هل يجب الذبح في عشية اليوم الثالث أم يجوز التقدم إلى أول يوم العيد .

   ظاهر صحيح ابن مسلم هو وجوب التأخير إلى عشية الثالث .

   السادسة : وجوب التعريف وجوب نفسي أو شرط في الإجزاء ؟

   الظاهر أن وجوب التعريف تكليف متوجه إلى الواجد نفسه ولا دخل في الإجزاء فان صحيحة

منصور الدالة على الإجزاء مطلقة من حيث التعريف وعدمه ولا مقيد لها ، وإنما التكليف بالتعريف

واجب استقلالي متوجه إلى الواجد نفسه ، فلو عصى وارتكب محرّماً ولم يعرّف وذبحه أجزأ عن صاحبه

ولا دخل للتعريف في الإجزاء وعدمه ، وإن عصى الواجد ولم يعمل بوظيفته .

   (1) المعروف والمشهور بين الأصحاب أنّ من فقد الهدي ووجد ثمنه يخلفه ويودعه عند من يشتريه

طول ذي الحجة ، فان لم يجد فيه ففي العام المقبل في ذي الحجة .

   وخالفهم ابن إدريس وقال ينتقل فرضه إلى الصوم كما في الآية الكريمة (1) ووافقه المحقق في

الشرائع (2) ويقع الكلام في موارد ثلاثة :

   الأوّل : من لم يجد الهدي ولا ثمنه ثم وجده في أيام التشريق أو بعده والمفروض أنه لم يصم .

   الثاني : نفس الصورة ولكن نفرض أنه صام ثم وجد الهدي .

   الثالث : مورد مسألتنا وهي من لم يجد الهدي ولكن وجد ثمنه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السرائر 1 : 591 .

(2) الشرائع 1 : 298 .

ــ[268]ــ

   أمّا الأول : فلا ريب في أن من لم يجد الهدي ولا ثمنه وظيفته الصوم للآية المباركة والروايات الكثيرة

، ولكن لو فرضنا أنه لم يصم ووجد الثمن والهدي في أيام التشريق ففي هذا الفرض تسالموا على

وجوب الذبح كما في الجواهر (1) لأنه متمكن من الهدي ويشمله صدر الآية المباركة (فَما اسْتَيْسَرَ

مِنَ الهَدْي)(2) ففي الحقيقة هو واجد للهدي وإنما تخيل عدم التمكّن من الهدي ، فلا موجب لسقوط

الهدي .

   نعم ، في معتبرة أبي بصير قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل تمتع ولم يجد ما يهدي ولم

يصم الثلاثة الأيام ، حتى إذا  كان بعد النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم ؟ قال: لا، بل يصوم فان

أيام الذبح قد مضت»(3) ولكنها متروكة جزماً ، للتسالم على الذبح فيما إذا لم يصم طبقاً للآية

الكريمة ، لأنه كما ذكرنا واجد للهدي حقيقة وإنما تخيل عدم كونه واجداً فلا يشمله قوله تعالى (فَمَن

لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاَثَةِ أيّام فِي الحَجّ)(4) .

   هذا مضافاً إلى أن الرواية لم تثبت بهذا المضمون ، فان الكليني والشيخ روياها بعين هذا السند من

دون قوله «ولم يصم الثلاثة الأيام» فقد رويا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبدالكريم ـ وهو

كرام في الرواية الاُولى ـ عن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «سألته عن رجل تمتع فلم

يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم ؟ قال : بل يصوم ، فان أيام الذبح

قد مضت» (5) .

   والرواية واحدة جزماً فالاختلاف من سهو الشيخ (قدس سره) أو من النسّاخ وعلى كل حال هذه

الزيادة أي «ولم يصم الثلاثة الأيام» لم تثبت ، ولا أقل أن الرواية مطلقة ، فتحمل على ما إذا صام

ثلاثة أيام كما صرح في صحيحة حماد بأنه لو صام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 166 .

(2) البقرة 2 : 196 .

(3) الوسائل 14 : 177 / أبواب الذبح ب 44 ح 4 .

(4) البقرة 2 : 196 .

(5) الكافي 4 : 509 / 8 والتهذيب 5 : 37 / 111 .

ــ[269]ــ

ثلاثة أيام يسقط عنه الهدي «عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هدياً يوم خرج من منى قال :

أجزأه صيامه» (1) فتقيد صحيحة أبي بصير بما إذا صام ثلاثة أيام ، وأمّا لو لم يصم فوظيفته الذبح بلا

إشكال للآية الكريمة والروايات ، وعدم ما يدل على الاجتزاء بالصوم .

   المورد الثاني : ما إذا لم يجد الهدي ولا الثمن وصام ثلاثة أيام، ثم وجد الهدي وتمكن منه في اليوم

الثاني عشر مثلاً ، فقد وقع الخلاف في ذلك، فعن الأكثر الاكتفاء بالصوم وعن القاضي  وجوب

الهدي(2) والروايات في ذلك متعارضة، منها: ما دلّ على الاجتزاء بالصيام كصحيح حماد المتقدم.

ومنها: ما دل على لزوم الهدي كمعتبرة عقبة بن خالد(3) وسنتعرض لذلك قريباً إن شاء الله تعالى في

المسألة 395 .

   وبالجملة : هذان الموردان خارجان عن محل كلامنا .

   المورد الثالث : وهو ما إذا كان واجداً للثمن ولكن لم يجد الهدي ، فالمشهور بل ادعي عليه الاجماع

أنه يخلف الثمن عند من يشتري طول شهر ذي الحجة ، فان لم يجد فيه ففي العام المقبل، ولا ينتقل

فرضه إلى الصيام، ولا مخالف في البين إلاّ ابن إدريس(4) والمحقق(5) وقالا بانتقال فرضه إلى الصوم

كما يقتضيه إطلاق قوله تعالى : (فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيام ثَلاَثَةِ أيّام فِي الحَجّ)(6) فان عدم وجدان الهدي

صادق وإن كان واجداً لثمنه .

   ودعوى: أن وجدان الهدي يعم وجدان نفس الهدي وثمنه ، فالمراد من عدم الوجدان عدم وجدان

الهدي وعدم وجدان ثمنه ضعيفة ، فان الظاهر من الآية الكريمـة عدم وجدان نفس الهدي ولا يعم

الثمن ، كما أن دعوى أن وجدان النائب كوجدان نفس الحاج ضعيفة أيضاً ، فان الظاهر عدم وجدان

نفس الحاج المكلف بالهدي ، فلو كنّا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 177 / أبواب الذبح ب 45 ح 1 .

(2) المهذّب 1 : 259 .

(3) الوسائل 14 : 177 / أبواب الذبح ب 4 ح 2 .

(4) السرائر 1 : 591 .

(5) الشرائع 1 : 298 .

(6) البقرة 2 : 196 .

ــ[270]ــ

   مسألة 393 : إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه صام بدلاً عنه عشرة أيام ثلاثة في الحج (1)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

نحن والآية المباركة فالحق مع ابن إدريس والمحقق ، لأن مقتضى ظاهر قوله تعالى : (فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ

ثَلاَثَةِ أيّام) أن من فقد الهدي ينتقل فرضه إلى الصيام ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين كونه واجداً

للثمن أم لا .

   إلاّ أن صحيحة حريز تدل صريحاً على إيداع الثمن عند من يشتريه كما ذهب إليه المشهور بعينه ،

فعن حريز بسند صحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم، قال: يخلف

الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه، فان مضى ذو الحجة أخّر

ذلك إلى قابل من ذي الحجة»(1) .

   ومع صراحة هذه الرواية الصحيحة لا يمكن المصير إلى ما ذهب إليه ابن إدريس والمحقق ، فما وقع

من الحلي (قدس سره) يمكن الاعتذار عنه بعدم عمله بأخبار الآحاد كما هو المعروف عنه ، وإن

اعترض عليه صاحب الجواهر بأن هذا الخبر لا يعامل معه معاملة الخبر الواحد لاعتضاده بعمل رؤساء

الأصحاب الذين هم الأساس في حفظ الشريعة كالشيخين والصدوقين والمرتضى وغيرهم (2) ولكن

لا نعرف وجهاً لما ذهب إليه المحقق ، فالصحيح هو القول المشهور .

   (1) لا ريب في أن المتمتع بالحج إذ لا يتمكّن من الهدي ولا ثمنه يجب عليه صيام عشرة أيام ، ثلاثة

أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، لقوله تعالى : (فَإذا أَمِنْتُم فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلَى الحَجِّ فَما

اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيَّام فِي الحَجِّ وَسَبْعَة إذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ ذلِكَ

لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حَاضِري المَسْجِدِ الحَرَامِ)(3)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 176 / أبواب الذبح ب 44 ح 1 .

(2) الجواهر 19 : 165 .

(3) البقرة 2 : 196 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net