الكلام في التخيير بين الصِّيام في الطريق أو في البلد لمن لم يتمكّن بعد الرجوع من منى 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3858


ــ[293]ــ

وإذا لم يتمكّن بعد الرجوع من منى صام في الطريق أو صامها في بلده أيضاً (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) كما هو المشهور ويدل عليه جملة من النصوص ، فيها الصحيحة ، منها : صحيحة معاوية بن

عمار «قلت : فان لم يقم عليه جماله أيصوم في الطريق ؟ قال : إن شاء صامها في الطريق ، وإن شاء إذا

رجع إلى أهله» (1) .

   وبازاء ذلك روايتان : الاُولى : صحيحة سليمان بن خالد أو عبدالله بن مسكان قال : «سألت أبا

عبدالله (عليه السلام) عن رجل تمتع ولم يجد هدياً ، قال : يصوم ثلاثة أيام قلت له : أفيها أيام التشريق

؟ قال : لا ولكن يقيم بمكة حتى يصومها وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فان لم يقم عليه أصحابه ولم يستطع

المقام بمكة فليصم عشرة أيام إذا رجع إلى أهله» (2) . فانه يدل على أنه إذا لم يتمكن من الصيام في

مكة فليصم عند أهله وظاهره التعيين ، فيعارض ما دل من التخيير بين أن يصوم في الطريق أو عند أهله

.

   وذكر في الجـواهر أن هذه الرواية رواها كاشف اللثام عن ابن مسكان ، ولكن التدبر يقتضي

كون الخبر عن سليمان بن خالد (3) .

   أقول : قد روى الشيخ في موردين من التهذيب والاستبصار(4) هذه الرواية ، في أحدهما ذكرها

عن سليمان بن خالد عن ابن مسكان ، وفي المورد الثاني ذكرها عن عبدالله بن مسكان عن سليمان بن

خالد والمتن متحد تقريباً ، ولا ريب في وقوع التحريف في أحد الموردين ، إذ يبعد جداً أن يروي

عبدالله بن مسكان هذه الرواية لسليمان بن خالد ويرويها بعين المتن سليمان بن خالد لعبدالله بن

مسكان .

   وكيف كان : الرواية معتبرة سواء كانت عن عبدالله بن مسكان أو عن سليمان بن خالد ومفادها

الصوم في أهله ، فتكون معارضة لما دل على التخيير بين الطريق وأهله .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 179 / أبواب الذبح ب 46 ح 4 .

(2) الوسائل 14 : 192 / أبواب الذبح ب 51 ح 2 .

(3) الجواهر 19 : 173 .

(4) التهذيب 5 : 229 /  775، 233 /  789 ، 229، والاستبصار 2 : 277 / 984،

282 / 1001.

ــ[294]ــ


تعقيب حول صحيحة سليمان بن خالد المتقدمة

   قد عرفت أن الشيخ أورد هذه الصحيحة في الكتابين في موردين تارة نسبها إلى سليمان بن خالد

واُخرى إلى ابن مسكان، وذكر كاشف اللثام أن الرواية لابن مسكان(1) وأورد عليه في الجواهر بأن

التدبر فيما رواه في التهذيب يقتضي كون الخبر عن سليمان ولا ريب في وقوع الاشتباه في أحد

الموردين كما تقدم ، ولكن لو كنّا نحن والسند الذي ذكره الشيخ في أحد الموضعين وهو ما رواه عن

الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد وعلي بن النعمان عن

ابن مسكان قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل تمتع ولم يجد هدياً» الحديث (2) لكان

الحق مع كاشف اللثام ، إذ يعلم أن راوي الخبر عن الإمام (عليه السلام) هو ابن مسكان لا سليمان،

وإلاّ لو كان الراوي سليمان بن خالد أيضاً فيكون السند هكذا الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد

عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد وعن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن علي بن

النعمان عن ابن مسكان ، فيكون علي بن النعمان معطوفاً على النضر بطريق التحويل من إسناد إلى

إسناد آخر فحينئذ يلزم أن يقول : قالا سألنا أبا عبدالله (عليه السلام) ، ولكن الشيخ أورد هذا

الحديث في مورد آخر بطريقين أدرج السندين في الآخر ، وهو ما رواه الشيخ باسناده عن سعد بن

عبدالله عن الحسين عن النضر بن سويد عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد وعلي بن النعمان عن

ابن مسكان (3) وأدرج سنداً آخر وهو ما رواه عن الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان عن عبدالله

بن مسكان عن سليمان بن خالد (4) فحينئذ لا يمكن الحكم بصحة الروايتين ، لما عرفت من أنه لا

يحتمل أن سليمان بن خالد يروي لابن مسكان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكى عنه في الجواهر 19 : 173 ولكن لم نعثر عليه في كشف اللثام . لاحظ كشف اللثام 1 :

364  السطر 35 .

(2) الوسائل 14 : 192 / أبواب الذبح ب 51 ح 2 ، التهذيب 5 : 229 / 775 .

(3) الوسائل 14 : 180 / أبواب الذبح ب 46 ح 7 ، التهذيب 5 : 233 / 789 .

(4) الاستبصار 2 : 279 ، 282 .

ــ[295]ــ

ما سمعه من الإمام (عليه السلام) ، ومرة اُخرى يروي ابن مسكان نفس الحديث لسليمان ، فلا بدّ من

السقط في السند كما في الجواهر ، فلابد من إعادة ذكر سليمان بن خالد بعد ذكر ابن مسكان ،

فتكون الرواية عن سليمان بن خالد بطريقين : أحدهما عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن

هشام بن سالم عن سليمان بن خالد . ثانيهما الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان

عن سليمان بن خالد ، أو نقول بأن سليمان بن خالد زائد فتكون الرواية عن ابن مسكان كما في

كشف اللئام ، فيكون المقام من دوران الأمر بين الزيادة والنقيصة .

   هذا كله مع قطع النظر عما يستظهر من الشيخ في الاستبصار من أن الحديث لابن مسكان ، لأنه

(قدس سره) روى أوّلاً عن ابن مسكان ثم ذكر خبرين آخرين وقال : فلا تنافي بين هذين الخبرين وبين

الخبر الذي قدمناه عن ابن مسكان ، فيعلم من ذلك أن الخبر لابن مسكان لا لسليمان فيكون ذكر

سليمان زائداً .

   أضف إلى ذلك : أن سليمان بن خالد ليس له رواية عن عبدالله بن مسكان ، وإنما عبدالله بن

مسكان يروي عن سليمان بن خالد ، فذكر سليمان بن خالد في السند اشتباه ولعله وقع من النسّاخ .

   الرواية الثانية : صحيحة محمد بن مسلم «الصوم الثلاثة الأيام إن صامها فآخرها يوم عرفة وإن لم

يقدر على ذلك فليؤخرها حتى يصومها في أهله ولا تصومها في السفر»(1) .

   والجواب : أمّا عن صحيح محمد بن مسلم فهو بظاهره مقطوع البطلان ، إذ لا شك في تظافر

النصوص في جواز الصوم الثلاثة بعد رجوعه من منى إلى مكة وهو مسافر فكيف بصحيح محمد بن

مسلم ينهي عن الصوم في السفر ، فلا بدّ من رد علمه إلى أهله .

   وأمّا صحيح سليمان بن خالد الذي أمر بالصوم بعد الرجوع إلى أهله فظاهره

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 181 / أبواب الذبح ب 46 ح 10 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net