حكم الجمع بين صوم الثلاثة والسبعة - حكم مَن لم يصم الثلاثة حتّى هلّ هلال محرّم 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5069


ــ[296]ــ

ولكن لا يجمع بين الثلاثة والسبعة (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الوجوب التعييني ، ولكن نرفع اليد عن الوجوب التعييني لأجل بقية الروايات المجوّزة للصيام في

الطريق ، فيحمل الأمر في صحيح سليمان بن خالد على الوجوب التخييري فان المعارضة بين الصريح

والظاهر ، فان تلك الروايات الكثيرة صريحة في الوجوب التخييري ، وصحيح سليمان ظاهر في

الوجوب التعييني ، ومقتضى القاعدة رفع اليد عن الظهور بصراحة الآخر .

   ثم إنه مع قطع النظر عن كون صحيح ابن مسلم مقطوع البطلان ، يمكن أن يحمل النهي الوارد فيه

على الكراهة ، لأن غاية ما في الباب ظهور النهي في الحرمة ونرفع اليد عن الظهور بصراحة بقية

الروايات في الجواز .

   (1) لو لم يصم في الطريق فلا إشكال في وجوبه عند الرجوع إلى أهله ووصوله إلى بلده ، وهل

يجب عليه التفريق بين الثلاثة والسبعة أم يجوز الجمع والتتابع بينهما ؟ فيه كلام .

   اختار الجواهر(1) وتبعه المحقق النائيني(2) جواز الجمع بينهما ، وذكرا أن الفصل يجب على من

يصوم بمكة ، وأمّا لو صام في البلد والأهل فلا مانع من الوصل .

   والظاهر أنه لا وجه لما ذكراه، لصراحة صحيح ابن جعفر في لزوم الفصل والتفريق «ولا يجمع بين

السبعة والثلاثة جميعاً»(3) وليس بازائه سوى المطلقات كصحيح سليمان ابن خالد المتقدم(4) «فليصم

عشرة أيام إذا رجع إلى أهله» ورفع اليد عن المطلق بالمقيد أمر غير عزيز ، فحمل صحيح ابن جعفر

على خصوص من صام في مكة كما في الجواهر لا وجه له .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 187 .

(2) دليل الناسك (المتن) : 393 .

(3) الوسائل 14 : 200 / أبواب الذبح ب 55 ح 2 .

(4) في ص 293 .

ــ[297]ــ

فان لم يصم الثلاثة حتى أهلّ هلال محرّم سقط الصوم وتعيّن الهدي للسنة القادمة(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   نعم، هنا رواية تدل بظاهرها على لزوم التتابع والوصل بين الثلاثة والسبعة، وهي رواية الواسطي

قال : «سمعته يقول : إذا صام المتمتع يومين لا يتابع الصوم اليوم الثالث فقد فاته صيام ثلاثة أيام في

الحج ، فليصم بمكة ثلاثة أيام متتابعات ، فان لم يقدر ولم يقم عليه الجمّال فليصمها في الطريق، أو إذا

قدم على أهله صام عشرة أيام متتابعات»(1) فان قوله : «صام عشرة أيام متتابعات» ظاهر في لزوم

الوصل والتتابع بين الثلاثة والسبعة وعدم جواز التفريق بينهما ، فتقع المعارضة بينها وبين صحيح علي

ابن جعفر الدال على لزوم التفريق وعدم جواز الوصل بينهما .

   والجواب عن ذلك أوّلاً : أن الرواية ضعيفة سنداً فلا تصلح للمعارضة .

   وثانياً : أن دلالتها بالظهور ، لأن موارد التتابع فيها ثلاثة ، التتابع بين نفس الثلاثة كما في صدر

الرواية ، والتتابع بين نفس السبعة ، والتتابع بين الثلاثة والسبعة ، ولا ريب أن دلالتها على التتابع بين

الثلاثة والسبعة وفي نفس السبعة بالظهور ، وصحيح ابن جعفر يدل على التتابع في موردين الثلاثة

الأيام والسبعة ، ويدل على التفريق صريحاً بين الثلاثة والسبعة ، فنرفع اليد عن ظهور تلك الرواية

بصراحة هذه الصحيحة .

   (1) لو خرج شهر ذي الحجة ولم يصم الثلاثة لا في الطريق ولا في البلد تعين عليه الهدي على

المشهور بل ادعي عليه الاجماع، لاختصاص دليل البدلية بشهر ذي الحجة فيرجع في غيره إلى إطلاق

دليل وجوب الهدي .

   ونسب إلى الشيخ جواز الصوم حتى بعد انقضاء شهر ذي الحجة ولكن الهدي أفضل (2) كما

نسب إلى المفيد لزوم الصوم في غير الناسي وأمّا الناسي فيتعين عليه الذبح (3) واستحسنه في الذخيرة

(4) ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 196 / أبواب الذبح ب 52 ح 4 .

(2) التهذيب 5 : 233 .

(3) نسب إليه في الذخيرة : 673 السطر 31 .

(4) الذخيرة : 674 السطر 1 .

ــ[298]ــ

   فمنها : ما دل على أن يصوم الثلاثة في الطريق أو عند أهله وفي بلده كصحيحة معاوية بن عمار

وغيرها (1) وإطلاق هذه الروايات يشمل ما إذا هلّ هلال محرم ولا يختص بشهر ذي الحجة ، وعليه

اعتمد المفيد والسبزواري .

   ومنها : ما بازاء هذه الروايات كصحيحة منصور بن حازم الدالة على أنه إذا هلّ هلال محرم سقط

عنه الصوم وتعين الشاة «قال (عليه السلام) : من لم يصم في ذي الحجّة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم

شاة وليس له صوم ويذبحه بمنى»(2) ونحوها باسناد آخر عن منصور بن حازم .

   ومنها : ما دل على أن من نسي صوم الثلاثة عليه الدم كصحيحة عمران الحلبي «عن رجل نسي أن

يصوم الثلاثة الأيام التي على المتمتع إذا لم يجد الهدي حتى يقدم أهله ، قال : يبعث بدم»(3) .

   والظاهر أن المراد بنسيان صوم الثلاثة نسيان طبيعي الصوم في تمام شهر ذي الحجة حتى قدم شهر

محرم ، وإلاّ فلو نسيه في بعض الشهر فلم ينس الطبيعي الواجب عليه بل نسي فرداً من أفراده . وذكر

السبزواري أن المراد بصحيحة منصور الدالّة على وجوب الهدي هو مورد النسيان فالناسي حكمه

الهدي ، وأمّا غير الناسي أي التارك المتعمد فيصوم ولو بعد محرم (4) .

   يقع الكلام في مقامين :

   أحدهما : في أصل المعارضة وأنه هل هناك معارضة بين المطلقات وصحيحة منصور وعمران الحلبي أم

لا معارضة في البين ؟ والظاهر أنه لا معارضة في البين ، وإطلاق تلك الأدلة المستفيضة لا يشمل ما لو

خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاثة .

   ودعوى : إطلاق النصوص الآمرة بالصوم في الطريق أو عند الرجوع والوصول

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 179 / أبواب الذبح ب 46 ح 4 وغيره .

(2) ، (3) الوسائل 14 : 185 / أبواب الذبح ب 47 ح 1 ، 3 .

(4) الذخيرة : 673 السطر 44 .

ــ[299]ــ

إلى بلده بالنسبة إلى دخول شهر محرم فتدل على لزوم الصوم حتى إذا هل هلال محرم فتكون  معارضة

لصحيحتي منصور الدالتين على سقوط الصوم بانقضاء شهر ذي الحجة فان  مقتضى تلك الروايات

جواز الصوم في شهر محرم ومقتضى صحيحتي منصور سقوط الصوم وثبوت الدم ،

   فاسدة  بأنّ الروايات الواردة في الصوم في الطريق أو في بلده ناظرة إلى إلغاء خصوصية المكان ، ولا

إطلاق لها من حيث الزمان ، فان الواجب أوّلاً على المكلف الصوم في مكة وتوابعها ، فان لم يتمكن

من الصوم بمكة يجوز له الصوم في الطريق أو بلده ، فالمستفاد من هذه الروايات أن خصوصية المكان

ملغاة ولا تجب عليه هذه الخصوصية ، فلابد من الاتيان به مع رعاية سائر شرائطه من وقوعه في طول

شهر ذي الحجة أو وقوعه بعد أيام التشريق ، فلا يصح التمسك بها لاعتبار التتابع أو الفصل بين أيام

الصوم باعتبار عدم ذكر الوصل أو الفصل في هذه المطلقات ، فان الاطلاق إذا لم يكن ناظراً إلى

خصوصية فلا يمكن التمسك به لاعتبارها أو عدمه ، فاللازم رعاية بقية الشروط كوقوع الصوم في

شهر ذي الحجة .

   فظهر أنه لا معارضة في البين أصلاً ، والمرجع إطلاق ما دل على وجوب الهدي ، فما ذهب إليه

المشهور هو الصحيح .

   المقام الثاني : لو فرضنا أن الاطلاق لتلك الروايات متحقق بالنسبة إلى الزمان وعدم دخل شهر ذي

الحجة ، فبالنسبة إلى نسيان صوم الثلاثة الأيام يتعين عليه الدم بلا إشكال ، للنص وهو صحيح عمران

الحلبي ولا معارض له ، وأمّا التارك العامد لصيام الثلاثة في مكة والذي لم يصم في الطريق ولا في البلد

حتى دخل شهر محرم فعليه الدم جزماً ، ولا دليل على جواز الصيام له ، بل لا دليل على جواز صومه

في ذي الحجة فضلاً عن شهر محرم ، لعدم شمول إطلاق أدلّة الصوم للتارك المتعمد ، فهاتان الصورتان ،

الناسي والمتعمد يتعين عليهما الدم من دون أيّ معارض .

   يبقى الكلام في الصورة الثالثة وهي : ما لو ترك صيام الثلاثة الأيام لعذر من

ــ[300]ــ

الأعذار ، لمرض أو حيض أو عدم قيام الجمّال وعدم صبر القافلة ونحو ذلك من الأعذار ، إذ لا

خصوصية لعدم قيام الجمّال المذكور في النص ، فان العبرة بالعذر ، فهل يشمل إطلاق تلك الروايات

هذه الصورة أم لا ؟




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net