ــ[355]ــ
ويؤكد ذلك معتبرة سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه (عليه السلام) قال : «إذا حج الرجل
فدخل مكة متمتعاً فطاف وصلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) وسعى بين الصفا والمروة (
وقصر) فقد حل له كل شيء ما خلا النساء»(1) والرواية معتبرة ، فان سليمان بن حفص وإن لم يرد
فيه توثيق في كتب الرجال ولكنه من رجال كامل الزيارات .
إنما الكلام في متنه ، لأن الشيخ رواها في التهذيب مع كلمة «وقصر» (2) وذلك شاهد على أن
مورد الرواية هو العمرة ، لأن الحج ليس فيه تقصير بعد السعي ، فتكون الرواية أجنبية عما نحن
بصدده . مضافاً إلى أنه غير معمول بها عند جميع الأصحاب لأن العمرة المتمتع بها ليس فيها طواف
النساء ، ولكن الشيخ في التهذيب حملها على الحج ، لقوله : فان عليه لتحلة النساء طوافاً وصلاة ،
لأن العمرة التي يتمتع بها إلى الحج لا يجب فيها طواف النساء . ورواها الشيخ في الاستبصار(3) بدون
قوله : «وقصر» فيكون موردها الحج .
والذي أظن أن كلمة «قصر» لم تكن ثابتة في الأصل ، وإنما أثبتها النسّاخ ولذا حملها الشيخ على
الحج في التهذيب ، فلم يعلم أن الشيخ ذكر كلمة «قصر» وكيف كان تدل الرواية على توقف حلية
الطيب على الطّواف وصلاته والسعي ، فتكون الرواية مؤكدة لما ذكرنا .
وأمّا الصيد الاحرامي فقد تقدم أنه لا يحل إلى الظهر من اليوم الثالث عشر وإن طاف وسعى لدلالة
النص على ذلك (4) .
التحلّل الثالث : إذا طاف طواف النساء حل له النساء بلا إشـكال ، وإنما وقع
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 444 / أبواب الطّواف ب 82 ح 7 .
(2) التهذيب 5 : 162 / 544 .
(3) الاستبصار 2 : 244 / 853 .
(4) الوسائل 14 : 279 / أبواب العود إلى منى ب 11 ، 239 / أبواب الحلق ب 16 .
ــ[356]ــ
الكلام في المراد بتحريم النساء، فهل هو جميع الاستمتاعات منها أو خصوص المقاربة؟
ففي القواعد وشرحها أن المراد بها الوطء وما في حكمه من التقبيل والنظر واللمس بشهوة ، دون
العقد عليها وإن حرم بالاحرام (1) وعن الشهيد حرمة العقد عليهن أيضاً بل المفهوم منه حرمة
الإشهاد (2) .
أقول : أمّا بالنسبة إلى العقد والإشهاد ، فلا ينبغي الريب في الجواز ، لأن المتفاهم من النساء هو
الاستمتاعات منهن ، فالظاهر جواز العقد له بعد الحلق .
ودعوى أن مقتضى الاستصحاب حرمة العقد أيضاً ، لأنه قد حرم بالاحرام ونشك في زواله بعد
طواف الحج وقبل طواف النساء ، والأصل بقاؤه .
مدفوعة : أوّلاً بأنه من الاستصحاب في الأحكام الكلية ولا نقول به كما حقق في محله (3) .
وثانياً: بأنه يكفي في رفع اليد عن ذلك صحيحة الفضلاء لقوله: «إلاّ فراش زوجها»(4) فانه يدل
على أنه لو طاف طواف الحج وسعى يحل له كل شيء إلاّ فراش زوجها المراد به الوطء خاصة ، ولا
شك أن فراش زوجها لا يشمل العقد ولا الإشهاد عليه قطعاً ، وسيأتي أن حلية العقد بل الاستمتاعات
لا تتوقف على طواف الحج وسعيه .
وأمّا بالنسبة إلى بقية الاستمتاعات كالتقبيل واللمس بشهوة فلا ريب في شمول النساء لذلك ، ولكن
هذه الصحيحة كالصريحة في أن المحرم هو الجماع خاصة دون بقية الاستمتاعات ، فان المراد بفراش
زوجها كناية عن المقاربة فانها تحتاج إلى الفراش وأمّا بقية الاستمتاعات من التقبيل واللمس فلا تحتاج
إلى الفراش .
ولا شك أن مجرّد النوم على فراش زوجها غير محرم عليها حتى في حال الاحرام
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاحظ القواعد 2 : 422 ، جامع المقاصد 3 : 177 .
(2) الدروس 1 : 368 .
(3) مصباح الاُصول 2 : 233 .
(4) الوسائل 13 : 448 / أبواب الطواف ب 84 ح 1 .
ــ[357]ــ
مسألة 416 : من كان يجوز له تقديم الطّواف والسّعي إذا قدّمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب
حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير (1) .
ـــــــــــــــــ
ــــــ
فالمراد بفراش زوجها هو الوطء خاصة .
وأمّا حلية بقية المحرمات حتى العقد والاستمتاع بهن بعد الحلق ، وعدم توقفها على طواف الحج
وطواف النساء فيدل عليه صحيح الحلبي الآتي قريباً .
(1) إذا قدّم طواف الحج على الوقوفين أو طواف النساء لعذر من الأعذار فهل يجوز له الطيب أو
النساء قبل إتيان أعمال منى أو يتحلل منهما بعد أعمال منى ؟
الظاهر عدم التحلل منهما إلاّ بعد مناسك منى ، لأن طواف الحج أو طواف النساء الذي يحل له
الطيب أو النساء هو المترتب على أعمال منى لا مطلق الطّواف ولو تقدّم على الوقوفين .
|