والأمر كما ذكره العلاّمة والجواهر ، لأن خبر معاوية بن عمار مطلق لم يذكر فيه الإكراه ، فلا يمكن
أن يكون مستنداً للمفيد وسلار ، فالخبر لا عامل به أصلاً .
على أن دلالتها بالاطلاق ، لأنه لم يرد فيها أنها طافت طواف الحج أو قصّرت ، بل ورد فيها أنها لم
تطف طواف النساء وذلك مطلق من حيث إنها قصّرت أم لا أو طافت طواف الحج أم لا .
ثم إنه هل تحرم النساء على المميز الصبي إذا لم يطف طواف النساء بناء على شرعية عبادته خصوصاً
في الحج ، للنصوص الدالّة على مشروعية الحج للصبي (2) ؟
يظهر من الجواهر عدم الفرق بين المكلف والصبي المميز ، فانه ذكر أن طوافه يصلح سـبباً للحل ،
فقبل الطّواف تحرم عليه النساء ، وحديث الرفع إنما يرفع الحكم التكليفي ، وأمّا الحكم الوضعي
المترتب على فعل من الأفعال فلا يرفعه الحديث، وحرمة النساء من الآثار الوضعية لترك طواف النساء
(3) .
ولكن الظاهر أنه لا يترتّب على تركه للطواف حرمة النساء ، فان الأحكام المترتبة على الاحرام قد
يكون حكماً وضعياً كبطلان العقد الواقع حال الاحرام ، فان من شرائط العقد إيقاعه في غير حال
الاحرام ، ففي مثله لا يفرق بين صدور العقد من الصبي أو البالغ ، لأن الأحكام الوضعية لا تختص
بالمكلف كسائر الشرائط المعتبرة في صحة العقد، فاذا كان الصبي محرماً لا يصح منه عقد النكاح،
ولكن يرتفع ذلك بطواف الحج أو بالحلق وإن لم يطف طواف النساء ، لما عرفت قريباً من التحلّل عن
جميع المحرمات بعد الحلق إلاّ الطيب والنساء .
ـــــــــــــــ (2) الوسائل 11 : 54 / أبواب وجوب الحج ب 20 ، وص 336 / أبواب المواقيت ب 18 .
(3) الجواهر 19 : 260 .
ــ[362]ــ
والنائب في الحج عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
وأمّا بالنسبة إلى غير العقد كالتقبيل والملامسة بشهوة وغيرهما من التروك فهي أحكام تكليفية محضة
، وهي غير ثابتة على الصبي من أوّل الأمر حتى يقال بارتفاعها بالطواف أو عدمه ، لأن التكليف يعتبر
فيه البلوغ فاذا كان المحرم غير مكلف لا تحرم عليه هذه المحرمات ويجوز له ارتكابها .
ودعوى أنه وإن لم تحرم عليه من الأول ولا بالفعل ولكن تحرم عليه بعد البلوغ لو ترك طواف
النساء ، فاسدة لعدم الدليل على ذلك ، فان طواف النساء يرفع ما حرم عليه لا أن تركه يوجب
الحرمة عليه بعد البلوغ ، فان ذلك مما لا دليل عليه ، فحرمة النساء بترك طواف النساء من الأحكام
المختصة بالبالغين .
(1) لا ريب في وجوب طواف النساء على النائب ، لوجوب الاتيان به بعد الحج من دون
خصوصية للموارد ، وهل يجب على النائب أن يأتي بطواف النساء عن نفسه أو عن المنوب عنه ؟
الظاهر هو الثاني، لأن النائب يأتي بأعمال الحج عنه ويأتي بالعمل الواجب على المنوب عنه سواء
كان ميتاً أو حياً ، ولا إشكال أن ما وجب على المنوب عنه هو الحج وما يلحقه من طواف النساء ،
والنائب ينوب عنه في جميع ما وجب على المنوب عنه ومنه طواف النساء ، فالعمل للمنوب عنه وهو
الواجب عليه ، وإنما النائب يأتي بما وجب عليه .
وبعبارة اُخرى : يلزم على النائب أن يأتي بعمل يوجب فراغ ذمة المنوب عنه عما وجب عليه ، ولا
ريب أن طواف النساء قد وجب على المنوب عنه ، فلا بد من أن يأتي النائب به نيابة عن المنوب عنه
كسائر الأعمال والأفعال للحج من الوقوفين والطّواف والسعي والرمي وغيرها من أجزاء الحج .
|