حرمة النِّساء على مَن ترك طواف النِّساء - الكلام في جواز الاستنابة لطواف النِّساء لمن تركه 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4692


ــ[364]ــ

   مسألة 420 : من ترك طواف النِّساء سواء أ كان متعمداً مع العلم بالحكم أو الجهل به ، أو كان

نسياناً ، حرمت عليه النساء إلى أن يتداركه ، ومع تعذّر المباشرة أو تعسرها جاز له الاستنابة ، فاذا

طاف النائب عنه حلّت له النساء (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

أعمال الحج ، ولم يرد في رواية من الروايات تحديده بوقت من الأوقات . وأمّا قوله تعالى : (الحَجُّ

أشْهُرٌ مَعْلُومَات )(1) فهو خاص لأعمال الحج ، والمفروض أن طواف النساء عمل مستقل يؤتى به بعد

الحج فلا تشمله الآية الكريمة .

   فمقتضى إطلاق الروايات جواز الاتيان به بعد شهر ذي الحجة . نعم لا يجوز تقديم طواف النساء

على السعي ، وإنما يؤتى به بعد السعي ، ويدل عليه صحيح معاوية بن عمار «ثم اخرج إلى الصفا

فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت ، ثم ائت المروة فاصعد عليها وطف بهما سبعة أشواط تبدأ

بالصفا وتختم بالمروة ، فاذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء أحرمت منه إلاّ النساء ، ثم ارجع إلى

البيت وطف به اُسبوعاً آخر ، ثم تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) ثم قد أحللت من كل

شيء وفرغت من حجك كله» (2) وثم للترتيب .

   ويدل عليه أيضاً الروايات المتقدمة التي دلت على أنه يأتي بطواف النساء بعد الحج، ومن المعلوم أن

السعي من الحج وأركانه، فالدليل غير منحصر بصحيحة معاوية ابن عمار كما يظهر من الجواهر (3) .

   (1) إذا ترك طواف النساء حتى أتى أهله وبلده ، فتارة يتركه عالماً عامداً ، واُخرى يتركه جاهلاً

بالحكم ، وثالثة يتركه نسياناً ، فهل يجب عليه الرجوع والطّواف مباشرة أو يجوز له الاستنابة حتى مع

التمكن من الرجوع ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 197 .

(2) الوسائل 14 : 249 / أبواب زيارة البيت ب 4 ح 1 .

(3) الجواهر 19 : 397 .

ــ[365]ــ

   أمّا في صورة النسيان، فقد ذكره المحقق (قدس سره) أنه لو نسي طواف النساء جاز أن يستنيب(1)

ومقتضى إطلاق عبارته جواز الاستنابة مطلقاً حتى مع التمكن من الطّواف مباشرة . ونسب جواز ذلك

اختياراً إلى المشهور . وذكر صاحب الجواهر اختصاص إجزاء الاستنابة بما إذا لم يكن الترك عمداً ، أمّا

معه فالأصل يقتضي وجوب الرجوع بنفسه (2) .

   ولكن الظاهر اختصاص جواز الاستنابة بفرض العجز عن الرجوع بنفسه والعجز عن الطّواف

بالمباشرة ، وذلك فان الأخبار الواردة في المقام على طوائف ثلاث :

   الاُولى : ما دل على الاستنابة في مورد النسيان كصحيحة معاوية بن عمار «عن رجل نسي طواف

النساء حتى يرجع إلى أهله ، قال : يرسل فيطاف عنه» (3) .

   الثانية : تدل على لزوم الرجوع والطّواف بنفسه كما في صحيحة اُخرى لمعاوية بن عمار «عن رجل

نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله ، قال : لا تحل له النساء حتى يزور البيت» (4) فان ظاهره

المباشرة وقيام نفسه بالطواف وزيارة البيت ، ولو كنّا نحن وهاتين الطائفتين لكان الواجب تخييرياً بين

الاستنابة وبين المباشرة ، لأن كلاً من الطائفتين ظاهر في الوجوب التعييني ، ونرفع اليد عن ظهور كل

منهما في التعيين جمعاً بين الروايتين ، والنتيجة هي التخيير بين الأمرين ، فيتم ما ذكره المحقق من جواز

الاستنابة اختياراً .

   الطائفة الثالثة : ما دل على جواز الاستنابة في فرض العجز عن المباشرة كما في صحيحة ثالثة لمعاوية

بن عمار «في رجل نسي طواف النساء حتى أتى الكوفة ، قال : لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت .

قلت فان لم يقدر ؟ قال : يأمر من يطوف عنه» (5) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 310 .

(2) الجواهر 19 : 390 .

(3) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 3 .

(4) الوسائل 13 : 406 / أبواب الطّواف ب 58 ح 2 .

(5) الوسائل 13 : 407 / أبواب الطّواف ب 58 ح 4 .

ــ[366]ــ

   وهذه الصحيحة شاهدة للجمع بين الطائفتين المذكورتين بحمل الاستنابة على صورة عدم التمكن من

المباشرة بنفسه ، ولعل وجه الاطلاق في تلك الروايات حملها على الغالب لعدم التمكن من الرجوع

غالباً .

   وبالجملة: مقتضى الجمع بين الروايات وجوب الرجوع عليه بنفسه والطّواف مباشرة وإن لم يقدر

على ذلك فتجوز له الاستنابة ، هذا كله في فرض النسيان .

   وأمّا لو تركه عامداً ، سواء  كان جاهلاً بالحكم أو عالماً به ، فهل تجب عليه المباشرة والطّواف

بنفسه بدعوى أن أخبار الاستنابة موردها النسيان ولا تشمل العامد كما في الجواهر ، أم يستنيب في

صورة العجز عن المباشرة كما هو الحال في مورد النسيان ، فالعامد أيضاً يجب عليه الرجوع لو تمكّن

وإلاّ فيستنيب كما اختاره شيخنا النائيني (قدس سره) (1) ؟ والصحيح هو الثاني ، ويدل عليه :

   أوّلاً : أن النسيان لا خصوصية له ، فان طواف النساء له جهتان : الوجوب النفسي والوجوب

الشرطي .

   أمّا الوجوب النفسي فيسقط بالعجز وبعدم القدرة ، فان من أتى بلده لا يتمكن من الرجوع بنفسه

فيسقط الوجوب التكليفي لعدم القدرة ، من دون فرق بين تركه نسياناً أو  عمداً .

   أمّا الوجوب الشرطي وهو وجوبه لتحل له النساء كما ورد التعليل بذلك في غير واحد من

الروايات، وهذا التعليل كاشف عن عدم الاختصاص بصورة النسيان ، فان مقتضى التعليل الوارد في

النصوص من أنّ الرجل يحتاج إلى الزوجة ولئلاّ تبقى الزوجة بلا زوج، مشروعية النيابة عند سقوط

التكليف بالمباشرة وعدم القدرة على الامتثال .

   وثانياً : يكفينا في جواز الاستنابة في فرض العجز عن المباشرة نفس الروايات المتقدمة (2) من أن

الطّواف له مراتب ثلاث ، فان تلك المطلقات غير قاصرة الشمول

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دليل الناسك (المتن) : 421 .

(2) في ص 353 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net