هل يجوز للمعذور رمي جميع الجمار في اللّيلة الاُولى ؟ - قضاء الرمي لمن نسيه في يومه 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4093


ــ[408]ــ

ولكن لا يجوز لغير الخائف من المكث أن ينفر ليلة الثانية عشر بعد الرمي حتى تزول الشمس من يومه

(1) .

   مسألة 434 : من نسي الرمي في اليوم الحادي عشر وجب عليه قضاؤه في الثاني عشر ، ومن نسيه

في الثاني عشر قضاه في اليوم الثالث عشر (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   فرع : لو فرضنا أنه غير متمكن من البقاء في منى أيام التشريق فهل يجوز له رمي جميع الجمار في

الليلة الاُولى ، أو أن رمي كل يوم يقدّم في ليلته ؟ ذكر صاحب المدارك أنه لم يبعد جواز رمي الجميع

في ليلة واحدة وقال : ربما كان في إطلاق بعض الروايات دلالة عليه (1) .

   ولكن الظاهر أن الروايات لا إطلاق لها من هذه الجهة ، نعم في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة

جوّز الافاضة بالليل ، والمتفاهم من ذلك أنه يفعل جميع أعمال منى ثم يفيض ويذهب إلى حيث شاء ،

فلا بأس بما ذكره صاحب المدارك .

   (1) لأن ذلك واجب آخر لا يرتبط بالتمكن من الرمي في وقته وعدمه ، والنصوص إنما تدل على

تقديم الرمي في الليل ، وأمّا وظيفته الاُخرى وهي عدم جواز النفر قبل الزوال فباقية على حالها ، فان

هذه الروايات تخصيص في الرمي لا في وجوب البقاء إلى الزوال .

   (2) ذكرنا في رمي الجمرة العقبة (2) أنه إذا لم يرم يوم العيد نسياناً لزمه التدارك إلى اليوم الثالث

عشر ، فيرمي الجمرة العقبة ثم يرمي الجمار ، وفي المقام رواية تدل على أنه لو نكس في رمي الجمار

يعود وإن كان من الغد ، وهي صحيحة معاوية بن عمار في حديث قال : «قلت : الرجل ينكس في

رمي الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم العظمى ، قال : يعود فيرمي الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة

وإن كان من الغد» (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 8 : 233 .

(2) في ص 228 .

(3) الوسائل 14 : 266 / أبواب العود إلى منى ب 5 ح 4 .

ــ[409]ــ

   والأحوط أن يفرّق بين الأداء والقضاء ، وأن يقدّم القضاء على الأداء ، وأن يكون القضاء أوّل

النهار والأداء عند الزوال (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   فان الظاهر من ذلك الاتيان بالرمي ثانياً أيضاً في اليوم اللاّحق إذا فاته الترتيب فيستفاد منه أنه لو

فاته أصل الرمي يأتي به في اليوم اللاّحق أيضاً ، بل لو نسي الرمي في اليوم الثالث عشر ـ إذا قلنا

بوجوبه لمن بات ليلة الثالث عشر ـ يأتي به في اليوم الرابع عشر لأجل كلمة «الغد» .

   (1) كما في النصوص الدالة على التفريق (1) ، وأمّا كون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال

فيدل عليه صحيح ابن سنان (2) .

   أمّا تقديم القضاء على الأداء فالمشهور قد التزموا به بل ادعي الاجماع على ذلك ولكن ذكروا أن

الاتيان بالقضاء بكرة وبالأداء عند الزوال مستحب ، واستدلوا بصحيح ابن سنان الذي يستفاد منه

أحكام ثلاثة : تقديم القضاء على الأداء ، والتفريق بينهما والاتيان بالقضاء بكرة والأداء عند الزوال

قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى فعرض له عارض

فلم يرم حتى غابت الشمس قال : يرمي إذا أصبح مرتين : مرة لما فاته والاُخرى ليومه الذي يصبح فيه

، وليفرّق بينهما يكون أحدهما بكرة وهي للأمس والاُخرى عند الزوال» وهذه الرواية رواها المشايخ

الثلاثة عن عبدالله بن سنان (3) ولم يروها الشيخ ولا الصدوق عن معاوية بن عمار كما زعم صاحب

الجواهر (4) .

   ويرد على الاستدلال بصحيح ابن سنان لوجوب التقديم وأصل التفريق من وجهين:

 أحدهما : ما عن صاحب المدارك حيث ناقش في دلالة الخبر بقوله: لاطلاق الخبر(5)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 261 / أبواب العود إلى منى ب 3 .

(2) الوسائل 14 : 72 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 15 ح 1 .

(3) التهذيب 5 : 262 / 893 ، الكافي 4 : 484 / 2 ، الفقيه 2 : 285 / 1402 .

(4) الجواهر 20 : 25 .

(5) المدارك 8 : 236 .

ــ[410]ــ

   مسألة 435 : من نسي الرمي فذكره في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

وتوضيح ما أفاده (قدس سره) أنه بعد الفراغ عن وجوب القضاء ولزوم الرميتين رمي لليوم السابق

ورمي لليوم اللاّحق ، أن الحكم المذكور بالتفريق وباتيان رمي الأمس بكرة وبالحاضر عند الزوال

حكم واحد مستفاد من إنشاء واحد ومن جملة واحدة ولا ريب في عدم وجوب الرمي عند الزوال

إجماعاً ، بل وقته ما بين الطلوعين(1) اتفاقاً ، فكيف يمكن القول بوجوب أصل التفريق واستحباب

إيقاع رمي الأمس بكرة ورمي الحاضر عند الزوال ، مع أن منشأ الحكمين ومدركهما أمر واحد فلا

يمكن القول بأن أصل التفريق واجب ، وخصوصية التفريق بالاتيان بكرة لرمي الأمس والاتيان بالرمي

عند الزوال لرمي اليوم الحاضر مستحبة ، فلا دليل على التفريق ، بل مقتضى إطلاق الخبر مجرّد

وجوب الرميتين ، فالحكم بالاتيان بكرة للأمس وبالحاضر عند الزوال استحبابي جزماً، وقد تقدّمت(2)

روايات كثيرة أن وقت الرمي ما بين الطّلوعين.

   ثانيهما : أن صحيحة ابن سنان واردة في من نسي رمي جمرة العقبة وهو من أعمال الحج بخلاف بقية

رمي الجمار ، فطبعاً لابد من تقديم رمي جمرة العقبة على بقية رمي الجمار ، لتقدّم أعمال الحج على

ذلك ولزوم الاتيان برمي الجمار بعد أعمال الحج ، فتقديم المقضي الذي هو من أعمال الحج على طبق

ما تقتضيه القاعدة ولا حاجة في تقديم ذلك إلى الرواية ، فلا يمكن التعدي من ذلك إلى رمي الجمار في

اليوم الحادي عشر والثاني عشر ، فانهما على حد سواء من حيث خروجهما من أعمال الحـج ، فلا

يجب تقديم السابق المقضي على اللاّحق .

 (1) من نسي الرمي ونفر إلى مكة ففي الروايات أنه لو كان في مكة رجع إلى منى ورمى الجمار فيها ،

وإن كان قد خرج من مكة فليس عليه شيء (3) ولكن صاحب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أي ما بين طلوع الشمس وغروبها .

(2) في ص 405 .

(3) الوسائل 14 : 261 / أبواب العود إلى منى ب 3 .

ــ[411]ــ

   وإذا كان يومين أو ثلاثة فالأحوط أن يفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بساعة ، وإذا ذكره بعد

خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع بل يقضيه في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على
الأحوط(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الجواهر(1) قيّد كلام الشرائع (2) بأيام التشريق التي هي زمان الرمي ، فاذا تذكر في مكة في غير أيام

التشريق فلا يجب عليه العود إلى منى ، فحكمه حكم من تذكر في الطريق عند الخروج من مكة .

   ولا نعرف لما ذكره وجهاً ، فان الروايات فصلت بين بقائه في مكة وعدمه من دون فرق بين أيام

التشريق وغيرها . نعم ورد في رواية عمر بن يزيد هذا التفصيل قال : «من أغفل رمي الجمار أو

بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل فان لم يحج رمى عنه وليه ، فان لم يكن له ولي

استعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لا يكون رمي الجمار إلاّ أيام التشريق» (3) ولكن الرواية

ضعيفة سنداً بمحمد بن عمر ، ولكن لا بأس بالعمل على طبق الرواية من باب الاحتياط .

   ويؤكد ما ذكرنا صحيح معاوية بن عمار الوارد في من نكس في رمي الجمار ، قال : «يعود فيرمي

الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة ، وان كان من الغد» (4) فان مقتضى قوله : «وإن كان من الغد» جواز

الرجوع في اليوم الرابع عشر لمن نسي الرمي في اليوم الثالث عشر بناء على وجوبه على من بات ليلته

، مع أن اليوم الرابع عشر ليس من أيام التشريق قطعاً .

 (1) لا ريب في أن من فاته الرمي في اليوم السابق يتداركه في اليوم اللاّحق ، ولكن ورد في

صحيحتين لمعاوية بن عمار أن يفصل بين كل رميتين بساعة (5) ومقتضاهما هو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 26 .

(2) الشرائع 1 : 316 .

(3) الوسائل 14 : 262 / أبواب العود إلى منى ب 3 ح 4 .

(4) الوسائل 14 : 266 / أبواب العود إلى منى ب 5 ح 4 .

(5) الوسائل 14 : 262 / أبواب العود إلى منى ب 3 ح 2 ، 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net