أحكام المحصور \ وظيفة المحصور في العمرة المفردة - وظيفة المحصور في عمرة التمتّع 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5037


ــ[435]ــ


أحكام المحصور

   مسألة 447 : المحصور هو الممنوع عن الحج أو العمرة بمرض ونحوه بعد تلبسه بالإحرام (1) .

   مسألة 448 : المحصور إن كان محصوراً في عمرة مفردة فوظيفته أن يبعث هدياً ويواعد أصحابه أن

يذبحوه أو ينحروه في وقت معين ، فاذا جاء الوقت تحلل في مكانه ، ويجوز له خاصة أن يذبح أو ينحر

في مكانه ويتحلل (2) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

فان الكفارة لا يجوز الأكل منها بخلاف الهدي فانه يجوز للناسك أكله ، فان ذلك كاشف عن أن كلاً

منهما يباين الآخر .

   وأمّا النذر فتابع لقصده ، فان كان من قصد الناذر تحقق الذبح منه بأيّ نحو كان فيكتفي بهدي واحد

، نظير ما لو نذر صوم يوم الخميس بمعنى أنه يكون صائماً في يوم الخميس، فلا فرق حينئذ بين صيامه

قضاء عن نفسه أو عن غيره أو كفارة، لأن المقصود أن يكون صائماً في هذا اليوم فحينئذ لا مانع

للتداخل .

   وإن كان من قصد الناذر ذبح شاة مستقلاًّ في قبال ما وجب عليه بسبب آخر وكان قصده متمحضاً

في النذر فلا بدّ من تعدّد الهدي .

   (1) قد ذكرنا في أوّل بحث الصد (1) أن الفقهاء اصطلحوا على من منعه المرض عن الحج أو

العمرة وإتمامهما بعد تلبسه بالاحرام بالمحصور في قبال من منعه العدو عن ذلك فاصطلحوا عليه

بالمصدود تبعاً للروايات، ولكل منهما أحكام خاصّة تقدّم ذكر أحكام الصد وفعلاً نذكر أحكام

الحصر.

   (2) المحصور هو الذي لا يتمكن من دخول مكة المكرمة بسبب المرض بعد تلبسه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 413 .

ــ[436]ــ

بالاحرام، فان كان ذلك في العمرة المفردة فالمشهور أن وظيفته بمقتضى صحيح معاوية ابن عمار(1) أن

يبعث بالهدي ويواعد أصحابه ميعاداً فيذبحه في مكة ، فاذا جاء وقت الميعاد قصّر وأحل ، وعن بعضهم

أنه مخيّر بين البعث بالهدي والذبح في مكانه .

   والظاهر من صحيحة معاوية بن عمار الحاكية لعمرة الحسين(عليه السلام) وحصره في الطريق(2)

امتياز العمرة المفردة عن الحج بالذبح في مكانه وعدم لزوم البعث ، كما أنه يظهر من صحيحة رفاعة

«أن الحسين (عليه السلام) خرج معتمراً وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم فحلق شعر رأسه

ونحرها مكانه»(3) وفعله (عليه السلام) حجة فمقتضى الجمع بين الصحاح هو التخيير .

   ويظهر من الروايتين تعدد الواقعة وتعدد صدور العمرة من الحسين (عليه السلام) فمرة لم يسق

الهدي ويخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) في طلبه ويدركه في السقيا وهو مريض بها ، ومرة اُخرى

ساق بدنة وينحرها في مكانه ويرجع بنفسه ، فعلى كل تقدير ما صدر منه (عليه السلام) هو النحر أو

الذبح في مكانه من دون أن يبعث بالهدي .

   وقد يناقش في الروايتين بمناقشتين :

   الاُولى : يظهر من الروايتين أن الحسين (عليه السلام) كان مضطراً إلى حلق الرأس فما صنعه (عليه

السلام) قضية في واقعة فلا يستدل بها على جواز الحلق مطلقاً .

   وترد أوّلاً بأن راوي هذه القضية لو كان من الرواة العاديين لاحتمل أن ما حكاه قضية شخصية في

واقعة وتاريخيـة ، ولكن الراوي لهذه القضية ولفعل الحسين (عليه السلام) هو الصادق (عليه السلام)

وهو يروي بعنوان الحكم، ولو كان في البين اضطرار لبيّنه الصادق (عليه السلام) فالظاهر من حكايته

(عليه السلام) لفعل الحسين (عليه السلام) أن الحلق جائز مطلقاً وليس مختصّاً بالمضـطر ، وليس في

الرواية إشعار بأن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 181 / أبواب الاحصار والصد ب 2 ح 1 .

(2) الوسائل 13 : 178 / أبواب الاحصار والصد ب 1 ح 3 .

(3) الوسائل 13 : 186 / أبواب الاحصار والصد ب 6 ح 2 .

ــ[437]ــ

وتحلّل المحصور في العمرة المفردة إنما هو من غير النِّساء ، وأمّا منها فلا تحلّل منها إلاّ بعد إتيانه بعمرة

مفردة بعد إفاقته (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الحسين (عليه السلام) كان مضطراً إلى حلق رأسه .

   وثانياً : لو سلمنا كونه مضطراً ، فالاضطرار لا يوجب جواز تقديم الهدي وعدم البعث ، بل

الاضطرار يوجب جواز الحلق ثم تثبت الكفارة للحلق .

   المناقشة الثانية : أنه لم يعلم أن الحسين (عليه السلام) كان محرماً ، وأمّا الذبح أو النحر في مكانه

فكان تطوعاً لا هدياً واجباً .

   والجواب أوّلاً : أن المصرح به في الروايتين أن الحسين (عليه السلام) خرج معتمراً فمرض في الطريق

، فان ذلك ظاهر في خروجه (عليه السلام) محرماً بالعمرة ، لا أنه كان يقصد الاعتمار ، فان المشتق

ظاهر في التلبس بالحال .

   وثانياً : قوله «أحل له النساء ؟ فقال : لا تحل له النساء ـ فقال الراوي ـ فما بال النبي (صلّى الله

عليه وآله) حل له النساء ؟ فقال : ليس هذا مثل هذا ، النبي (صلّى الله عليه وآله) كان مصدوداً

والحسين (عليه السلام) محصوراً» كل ذلك صريح في أن الحسين (عليه السلام) كان محرماً ومنعه

المرض من إتمام بقية الأعمال .

   فالصحيح أن المحصور في العمرة المفردة يجوز له البعث ويجوز له الذبح في مكانه اقتداء بالحسين (عليه

السلام) ويتحلل من كل شيء إلاّ من النساء .

   (1) أمّا بالنسبة إلى النساء فلا يتحلل منها إلاّ باتيان عمرة مفردة بعد رفع الحصر وتدل عليه

صحيحة معاوية بن عمار الحاكية لحصر الحسين (عليه السلام) عن العمرة المفردة ، وأنه (عليه السلام)

لما برئ من وجعه اعتمر ، فقلت : أرأيت حين برئ من وجعه أحل له النساء ؟ فقال : لا تحل له النساء

حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، فقلت فما بال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حين

رجع إلى المدينة حل له النساء ولم يطف بالبيت ؟ فقال : ليس هذا مثل هذا ، النبي (صلّى الله عليه

وآله وسلّم)

ــ[438]ــ

وإن كان المحصور محصوراً في عمرة التمتّع فحكمه ما تقدم إلاّ أنه يتحلل حتى من النِّساء (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

كان مصدوداً والحسين (عليه السلام) محصوراً  (1) وكذلك يدل على عدم حلية النساء للمحصور

إطلاق صحيحة اُخرى لمعاوية بن عمار «والمحصور لا تحل له النساء»(2) .

   (1) الظاهر أن المشهور على أن حكمه كما تقدم فلا يتحلل من النساء إلاّ باتيان عمرة مفردة بعد

رفع المنع عملاً باطلاق قوله في صحيحة معاوية بن عمار «والمحصور لا تحل له النساء» (3) .

   ولكن عن الشهيد في الدروس أنه لو اُحصر في عمرة التمتّع فتحل له النساء من دون أن يأتي بعمرة

مفردة ، واستدل بأنه ليس في عمرة التمتّع طواف النساء فلا حاجة في تحلّل النساء إلى أمر آخر غير

الهدي(4) واستحسنه بعض من تأخر عنه واستدل له بصحيح البزنطي «عن محرم انكسرت ساقه أيّ

شيء يكون حاله ؟ وأيّ شيء عليه ؟ قال : هو حلال من كل شيء ، قلت : من النساء والثياب

والطيب ، فقال : نعم من جميع ما يحرم على المحرم» الحديث (5) .

   أقول : أمّا دليل الشهيد فضعيف ، إذ لم يدل دليل في المقام على أن حرمة النساء وحليتها لأجل

طواف النساء وعدمه حتى يقال بأن عمرة التمتّع ليس فيها طواف النساء فالحرمة الثابتة ليست ناشئة

من ترك طواف النساء ، بل الحرمة ناشئة ومسببة عن الاحرام ، والتحلل من النساء يختلف بحسب

الموارد ، ففي بعضها يتحلل منها بطواف النساء ، وفي بعضها بالذبح في مكانه ، بل مقتضى إطلاق قوله

: «والمحصور لا تحل له

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 13 : 178 / أبواب الاحصار والصد ب 1 ح 3 ، 1 .

(3) الوسائل 13 / 177 / أبواب الاحصار والصد ب 1 ح 1 .

(4) الدروس 1 : 476 .

(5) الوسائل 13 : 179 / أبواب الاحصار والصد ب 1 ح 4 .

ــ[439]ــ

النساء» (1) عدم حلية النساء .

   وأمّا الصحيحة التي استدل بها لحلية النساء من دون حاجة إلى أمر آخر فأورد عليه صاحب الجواهر

بانعقاد الاجماع على الاحلال بالطواف من النساء، ومعارضته بصحيح معاوية بن عمار الدالة على أن

المحصور لا تحل له النساء ، فلابد من حمل صحيحة البزنطي على التقية ، لعدم توقف الحلية عندهم

على الطواف (2) .

   والصحيح أن يقال : إنه لا معارضة بينهما حتى نحمل صحيح البزنطي على التقيّة وما ذكره في

الجواهر من طرح صحيحة البزنطي لمخالفتها للاجماع على توقف الاحلال منهن على الطواف ، فيرد

عليه : أن مخالفة الاجماع توجب رفع اليد عن الاطلاق لا طرح أصل الرواية بالمرّة .

   فالتحقيق يقتضي أن يقال : إن صحيح البزنطي باطلاقه يدل على حلية النساء بالحصر من دون

توقف على شيء ، سواء في العمرة المفردة أو عمرة التمتّع أو الحج لأن الموضوع في الخبر عن المحرم

إذا انكسرت ساقه ، وذلك يشمل جميع الأقسام الثلاثة ، ولكن لابد من رفع اليد عن إطلاقه لأجل

صحيحة معاوية بن عمار الحاكية لعمرة الحسين (عليه السلام) فالعمرة المفردة خارجة عن إطلاق

صحيح البزنطي ويقيد بغير العمرة المفردة لصحيحة معاوية بن عمار الحاكية لعمرة الحسين (عليه

السلام) الدالة على توقف التحلل على إتيان عمرة مفردة بعد الافاقة ورفع الحصر . إذن تنقلب النسبة

بين صحيحة معاوية بن عمار «المحصور لا تحل له النساء» وبين صحيحة البزنطي الدالّة على التحلل من

غير طواف النساء إلى العموم والخصوص بعد ما كانت النسبة بينهما بالتباين ، فالنتيجة أن الحصر في

العمرة المفردة لا تحل له النساء إلاّ باتيان عمرة مفردة اُخرى ، وأمّا عمرة التمتّع فتدخل في إطلاق

صحيح البزنطي .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة آنفاً .

(2) الجواهر 20 : 152 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net