الثاني - الثالث - الرابع 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5334


ــ[11]ــ
   الثاني : أن يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين بسكة المعاملة ، بأن يكون درهماً أو ديناراً . فلا تصحّ بالفلوس ، ولا بالعروض ، بلا خلاف بينهم ، وإن لم يكن عليه دليل سوى دعوى الإجماع . نعم ، تأمَّل فيه بعضهم ، وهو في محلِّه لشمول العمومات ، إلاّ أن يتحقَّق الإجماع ، وليس ببعيد ((1)) (1) فلا يترك الاحتياط .
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   (1) الظاهر أنّ الإجماع المدعى من الإجماع المنقول، فلا يمكن الاعتماد عليه، لا  سيما بعد خلوّ كلمات غير واحد من الأصحاب من التعرض إليه .
   وكيف كان ، فالأصل في هذه الدعوى كلام القاضي في الجواهر ، إلاّ أنّ عبارته صريحة في دعوى الإجماع على صحّة المضاربة بالدراهم والدنانير (2) وأين هذا من دعوى الإجماع على بطلانها في غيرهما ؟ فإن بينهما بوناً بعيداً .
   ومنه يظهر أن الإجماع ، بمعنى الاتفاق الكاشف عن رأي المعصوم (عليه السلام) غير متحقّق في المقام .
   ومعه فلا موجب لرفع اليد عن إطلاقات الأدلّة المعتبرة للمال في المضاربة ، حيث لم يثبت تقييد بكونه من الدراهم أو الدنانير ، فإنّ هذا العنوان كما يصدق عليهما ، يصدق على غيرهما من الأثمان والأموال المتمحضة في المالية .
   نعم ، الحكم لا يعمّ العروض ، باعتبار أنّ الربح والخسران إنما يلاحظان بالنسبة إلى ما هو متمحض في المالية ، وهو الأثمان التي يتحفظ بها أوّلاً ، ثمّ يلاحظ ربحها وخسارتها .
   إذن فما اختاره صاحب الحدائق (قدس سره) من عدم اعتبار هذا الشرط (3) هو الصحيح .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أنّ الإجماع لم يثبت ، وعبارة القاضي في الجواهر تدلّ على تحقّق الإجماع على صحّة المضاربة بالدراهم والدنانير ، لا على عدم صحّتها في غيرهما ، فالظاهر جواز المضاربة بما يكون في حكم النقدين من الأوراق النقديّة وغيرها .
(2) الجواهر 26 : 356 ـ 357 .
(3) الحدائق 21 : 204 .
ــ[12]ــ
   ولا بأس بكونه من المغشوش الذي يعامل به (1) مثل الشاميات والقمري ونحوها . نعم ، لو كان مغشوشاً يجب كسره ، بأن كان قلباً ، لم يصحّ (2) وإن كان له قيمة ، فهو مثل الفلوس .
   ولو قال للعامل : بع هذه السلعة وخذ ثمنها قراضاً ، لم يصحَّ ((1)) (3) إلاّ أن يوكله في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   (1) إذ العبرة ـ بناءً على اعتبار كونه من الذهب والفضّة المسكوكين ـ بصدق الدرهم والدينار ، وهو صادق على المغشوش على حد صدقه على الخالص ، بل الخالص منهما إما لا يكون أو يكون نادراً جداً ، وقد تقدّم الكلام فيه مفصّلاً في باب الزكاة .
   نعم ، لو كان الغش بحدّ يمنع صدق الاسم عليه ، منع من صحة المضاربة به ، بناءً على القول باعتبار كون مال المضاربة درهماً وديناراً .
   (2) بأن كان الغش في الهيئة لا المادة ، بأن صب الذهب والفضة بشكل الدراهم والدنانير ، فإنه لا يكون حينئذ من الأثمان ، وتقدّم اعتبار كون مال المضاربة منها . وبذلك يظهر الفرق بينه وبين الفلوس .
   (3) وكأنه لأن الذي يعطيه المالك للعامل ليس بالفعل درهماً أو ديناراً ، وقد اعتبر كون مال المضاربة منهما . وثمنه وإن كان منهما ، إلاّ أنه حين اعطائه له لم يكن مالكاً لذلك ، وإنما يملكه بعد البيع .
   وفيه ما لا يخفى . فإنا وإن سلّمنا عدم صحة المضاربة بالعروض ، إلاّ أنه إذا قصد المعطي المضاربة بالبدل والثمن كما هو صريح عبارته ، كان ذلك في الحقيقة توكيلاً للعامل في جعل الثمن قراضاً ، كما هو الحال في سائر موارد الأمر بالاُمور المترتبة ، كأن يقول : بع داري واصرف ثمنه على الفقراء ، فإنّه توكيل في الصرف عليهم لا محالة .
   ومن هنا فإذا نفّذ العامل ذلك فباع المتاع ، ثمّ تصدى للتجارة بالثمن ، كان فعله هذا إيجاباً للمضاربة بالوكالة من المالك ، وقبولاً منه هو .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال ، بل لا تبعد الصحّة .
ــ[13]ــ
تجديد العقد عليه بعد أن نض الثمن .
   الثالث : أن يكون معلوماً قدراً ووصفاً ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   ومحذور كونها مضاربة معاطاتية ، مدفوع بأنه لا إشكال فيها ، حيث عرفت أنّ مقتضى العمومات عدم اعتبار اللفظ في صحة العقد إلاّ ما خرج بالدليل .
   (1) ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) في وجهه : أنّ الجهالة تمنع من تحقق الربح الذي ينبغي أن يكون مشتركاً بين المالك والعامل ، وحيث إنه روح هذه المعاملة فيحكم ببطلانها (2) .
   وفيه : إنا لو سلّمنا عموم النهي عن الغرر للمضاربة أيضاً ، فالمقام خارج عنه تخصصاً ، إذ لا غرر في هذه المعاملة من ناحية المضاربة . فإنه لو أعطى المالك العامل كيساً مملوءاً بالدنانير وأمره بالمضاربة بها من دون أن يعلما مقدارها أو وصفها ، لم يكن ذلك غررياً ، من جهة تمكن العامل من عدّها بعد ذلك وإخبار المالك به فيرتفع جهلهما ، لكونه أميناً عنده .
   على أن لو لم يتمكن من عدّها ، فيكفي في رفع الغرر أن المعاملة بذلك المال يستلزم علمه ولو تدريجاً بمقداره ، فإنه كلما يشتري شيئاً ليتّجر به يعرف ما أخرج بإزائه من الكيس إلى ان ينتهي كلّ ما فيه ، وحينئذ يرتفع غرره ويعلم بما كان في الكيس حين قبضه .
   ثمّ لو فرضنا عدم ذلك أيضاً ، فالربح يكون مشتركاً بين العامل والمالك ، وحينئذ فيمكن حلّ المشكلة بالرجوع إلى التصالح إن أمكن ، وإلاّ فيحلّها الحاكم ولو بالقرعة .
   وليس في شيء من ذلك أي غرر ، حيث إنه عبارة عن الخطر المالي أو العرضي أو النفسي ، وكلها مفقود في المقام ، فإنّ الربح لكلٍّ منهما مضمون .
   إذن فالظاهر عدم اعتبار هذا الشرط في عقد المضاربة ، نظراً لعدم الدليل عليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط الأولى .
(2) الجواهر .
ــ[14]ــ
ولا تكفي المشاهدة وإن زال به معظم الغرر (1) .
   الرابع : أن يكون معيّناً ((1)) (2) . فلو أحضر مالين وقال : قارضتك بأحدهما ، أو بأيِّهما شئت ، لم ينعقد إلاّ أن يعيِّن ثمّ يوقِّعان العقد عليه .
   نعم ، لا فرق بين أن يكون مشاعاً أو مفروزاً (3) بعد العلم بمقداره ووصْفه . فلو كان المال مشتركاً بين شخصين ، فقال أحدهما للعامل : قارضتك بحصتي في هذا المال ، صحّ مع العلم بحصته من ثلث أو ربع . وكذا لو كان للمالك مائة دينار مثلاً ، فقال : قارضتك بنصف هذا المال صحَّ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   (1) خلافاً لما حكي عن الشيخ (قدس سره) من الاكتفاء بها ، لما ذكره (2) . وقد ظهر الحال فيه مما تقدّم .
   (2) لم يظهر لنا وجهه .
   فإنّ دعوى أن أحدهما والفرد المبهم لا وجود له في الخارج ، إذ الموجود في الخارج إنما هو الفرد المعيَّن المشخَّص ، فلا تصحّ المضاربة به .
   مدفوعةٌ بما ذكرناه في مبحث الواجب التخييري من المباحث الاُصولية ، من أنّ الفرد المردَّد وإن لم يكن له وجود في الخارج ، إلاّ أنّ الجامع الذي هو عبارة عن عنوان أحدهما موجود في الخارج لا محالة ، فإنه موجود بوجود الفردين . ولذا يقال : إنه يعلم بنجاسة أحد الإناءين ، والحال أنّ الذي لا وجود له كيف يعلم بنجاسته ؟ .
   إذن فلا مانع من إيقاع المضاربة على أحدهما ، فإنه مشمول للعنوان الوارد في النصوص ، أعني دفع المال للتجارة . وحينئذ فيكون التخيير للعامل أو المالك على حسب ما يتَّفقان عليه .
   (3) لصدق المال المذكور في النصوص عليهما على حدٍّ سواء .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط ، ولا يبعد عدم اعتباره .
(2) المبسوط 3 : 168 .



 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net