اشتراط المالك على العامل في الخسارة وضمان رأس المال 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4682


ــ[35]ــ

   [ 3393 ] مسألة 4 : إذا اشترط المالك على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح ، أو اشترط ضمانه لرأس المال ، ففي صحّته وجهان ، أقواهما الأوّل ((1)) (1) لأنه ليس شرطاً منافياً لمقتضى العقد كما قد يتخيل ، بل إنما هو مناف لإطلاقه ، إذ مقتضاه كون الخسارة على المالك ، وعدم ضمان العامل إلاّ مع التعدي أو التفريط .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   غير أنك قد عرفت غير مرّة ، أنّ هذه العمومات لا تصلح لأن تشمل مثل هذه المعاملات . فإنّ التمليك لا بدّ وأن يتعلق إما بشيء خارجي مملوك له بالفعل ، وإما بشيء في ذمّته . باعتبار أنه مسلط عليهما وهما تحت سلطانه . فإذا انشأ المالك تمليك شيء من هذين ، شملته العمومات لا محالة .

   وأما إذا تعلق إنشاء التمليك بأمر معدوم ليس بمملوك له فعلاً ، فلا يصحّ بأي مملك كان ، ولذا لم يلتزموا بصحّته فيما إذا كان ذلك في ضمن عقد آخر . واشتراط أن يكون ملكاً له في ظرفه غير صحيح أيضاً ، إذ الملكيّة لا تكون بغير سبب مملك .

   إذن فهذا النحو من المعاملة الذي يتضمن تمليك أمر معدوم غير صحيح ، وإنما قلنا بصحته في المزارعة والمضاربة والمساقاة والوصية لأجل الدليل الخاص ، وإلاّ فمقتضى القاعدة فيه هو البطلان .

   (1) بل الأقوى هو التفصيل ، بين ما إذا كان الشرط هو الضمان وكون الخسارة في عهدة العامل فيبطل ، وبين ما إذا كان هو التدارك الخارجي فيصحّ .

   أمّا الأوّل : فليس ما ذكرناه من جهة كونه منافياً لمقتضى العقد ، إذ الضمان وعدمه كالجواز واللزوم خارجان عن مقتضى العقد أصلاً وإطلاقاً ، فإنّ مقتضاه ليس إلاّ عمل العامل بالمال وتصرّفه فيه على أن يكون الربح بينهما على ما اتفقا عليه . وإنما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا كان الاشتراط راجعاً إلى لزوم تدارك العامل الخسارة من كيسه ، وأمّا إذا رجع إلى اشتراط رجوع الخسارة إليه فالأظهر بطلان الشرط ، وبذلك يظهر الحال في اشتراط ضمانه لرأس المال .

ــ[36]ــ

ذلك من جهة ملاحظة أن العامل أمين ، ومقتضى ما دلّ على أن الأمين لا يضمن ، ولا سيما بعض النصوص الواردة في خصوص المضاربة ، هو عدم الضمان .

   وعليه فيكون اشتراط الضمان من الشرط المخالف للسنة ، حيث إنّ مقتضاه عدم ضمان الأمين ، سواء اشترط ذلك عليه أم لم يشترط ، فيبطل لا محالة .

   وأما الثاني : فحيث أن تدارك العامل للخسارة والتلف من ماله الخاص ، لا على نحو الضمان، أمر سائغ وفعل جائز قبل الاشتراط ، فلا مانع من اشتراطه عليه، وعنده فيجب الوفاء به .

   ومن الغريب في هذا المقام ما صدر من بعضهم ، من القول بانقلاب عقد المضاربة عند اشتراط الضمان على العامل قرضاً ، فيكون جميع الربح للعامل ، ولا يكون للمالك إلاّ رأس ماله ، وذلك للنص المعمول به لدى الاصحاب .

   وكأنه صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ : «إنّ علياً (عليه السلام) قال : من ضمن تاجراً فليس له إلاّ رأس ماله ، وليس له من الربح شيء» (1) .

   لكنها وإن كانت صحيحة بحسب السند ، إلاّ أنها أجنبية بحسب الدلالة عن محلّ الكلام ، فإنّها واردة في التضمين من أوّل الأمر ، لا اشتراط الضمان عند التلف الذي هو محلّ كلامنا .

   فإنّا ذكرنا في مبحث الفرق بين البيع والدين من مباحث المكاسب ، أنّ البيع عبارة عن مبادلة المال بالمال ، بحيث إنّ كلاًّ من المتبايعين يعطي شيئاً بإزاء أخذ شيء من صاحبه . في حين إنّ القرض لا يتضمن أيّ مبادلة بين المالين ، وإنما هو تمليك للمال مع الضمان ، بمعنى إثباته في عهدة الآخر ونقله إلى ذمّته ، كما هو الحال في الغاصب مع التلف . فليس القرض تبديل مال بمال غيره ، وإنما هو جعل المال المعيّن بعينه في ذمّة الآخر ، وهذا ما يعبّر عنه بالضمان المطلق .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المضاربة ، ب 4 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net