لو اختلف العامل والمالك في نوع المعاملة - اعتبار قول المالك للعامل 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4176


   [ 3413 ] مسألة 24 : لو اختلف العامل والمالك في أنها مضاربة فاسدة أو قرض ، أو مضاربة فاسدة أو بضاعة ، ولم يكن هناك ظهور لفظي ولاقرينة معينة، فمقتضى القاعدة التحالف((1))(2).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) ذكرنا في محلّه من كتاب القضاء ، أن النصوص الواردة في التخاصم على كثرتها لم تتعرض لبيان المدّعي والمنكر . ومن هنا فلم تثبت لهما حقيقة شرعية ولا متشرعية ، بل هما باقيان على معناهما اللغوي المفهوم عرفاً .

   والمراد بالمدعي كل من يدّعي شيئاً ويكون هو المطالب بإثباته عند العقلاء . وهو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إنّما يتم فيما إذا ادّعى المالك القرض وادّعى العامل المضاربة الفاسدة ، وأمّا إذا انعكست الدعوى فالظاهر أنّ الحلف يتوجّه إلى المالك لإنكاره القرض ، وليس في دعواه المضاربة الفاسدة إلزام للعامل بشيء ليتوجّه الحلف إليه أيضاً ، وإذا اختلفا في أ نّها مضاربة فاسدة أو بضاعة فلا أثر له بناءً على استحقاق العامل اُجرة المثل في البضاعة ، وذلك لاتفاقهما على كون الربح للمالك واستحقاق العامل اُجرة المثل على عمله ، نعم ، بناءً على عدمه كما اخترناه يتوجّه الحلف إلى المالك لإنكاره المضاربة الفاسدة ، وكيف كان فلا مجال للتحالف .

 
 

ــ[61]ــ

يتحقّق في موردين : ادعائه على غيره شيئاً من مال أو حق . أو اعترافه بثبوت حق لغيره عليه مع دعواه الأداء والوفاء ، كما لو أقرّ بدين لغيره على نفسه وادّعى الأداء فإنّ المطالب وإن كان هو المقرض ولو ترك ترك ، إلاّ أنه لما اعترف الطرف الآخر به كان هو المدّعي والملزم بالإثبات لدى العقلاء .

   ومن هنا فإن كان هذا من طَرف واحد فهو المدّعي ، والطرف الآخر هو المنكر . وإن كان من الطرفين ، بحيث يدّعي كلّ منهما على الآخر شيئاً وهو ينكره ، فهو التداعي ، فيلزم كلّ منهما ببناء العقلاء بإثبات ما يدعيه ، فلا بدّ من التحالف . فإن حلفا سقطت كلتا الدعويين ، وإلاّ فدعوى الذي لم يحلف خاصة .

   هذا كله بحسب كبرى المسألة . وأما بلحاظ تطبيقها على المقام ، فقد يفرض أن المالك يدّعي القرض والعامل يدّعي المضاربة الفاسدة ، وكانت المعاملة خاسرة ، فبناءً على ما تقدّم منه (قدس سره) من استحقاق العامل لاُجرة المثل في المضاربة الفاسدة مطلقاً ـ وإن ناقشنا فيه على تفصيل تقدّم ـ فهو من مصاديق التداعي ، حيث يطالب كلّ منهما الآخر بشيء . فالمالك يدّعي القرض ويطالب العامل بتمام المال من دون أن يتحمل شيئاً من الخسارة ، والعامل يدّعي المضاربة الفاسدة ويطالب المالك باُجرة مثل عمله ، فيتحالفان لا محالة .

   وأما لو انعكس الأمر بأن كانت التجارة مربحة ، والمالك يدّعي المضاربة الفاسدة كي يكون تمام الربح له ، والعامل يدّعي القرض ليحرمه منه ، فليس المورد من التداعي في شيء . وذلك لأنّ المالك بدعواه المضاربة الفاسدة لا يطالب العامل بشيء كي يكون عليه إثباته ، وإنما يكفيه عدم ثبوت ما يدّعيه العامل ، لأنّ انتقال الربح التابع لرأس المال قهراً إلى العامل بالقرض هو الذي يحتاج إلى الإثبات ، فإن أثبته بالبيّنة كان الربح له ، وإلاّ حلف المالك وأخذه بتمامه .

   وبعبارة اُخرى : إنّ المالك لا يحتاج في أخذ الربح إلى إثبات كون العقد مضاربة فاسدة ، فإنه لا يلزم العامل بشيء ، وإنما يطالبه بربح ماله بعد أن يثبت كونه قرضاً .

   ومن هنا فالنماء له حتى ولو لم يدع المضاربة الفاسدة ، حيث يكفيه مجرّد إنكاره للقرض .

ــ[62]ــ

   وقد يقال بتقديم قول من يدّعي الصحة . وهو مشكل ، إذ مورد الحمل على الصحّة (1) ما إذا علم انهما أوقعا معاملة معينة واختلفا في صحّتها وفسادها ، لا مثل المقام الذي يكون الأمر دائراً بين معاملتين على إحداهما صحيح وعلى الاُخرى باطل ، نظير ما إذا اختلفا في أنهما أوقعا البيع الصحيح أو الإجارة الفاسدة مثلاً . وفي مثل هذا مقتضى القاعدة التحالف . وأصالة الصحّة لا تثبت كونه بيعاً مثلاً لا إجارة ، أو بضاعة صحيحة مثلاً لا مضاربة فاسدة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وعلى هذا فالعامل هو المدّعي ، والمالك هو المنكر .

   وأوضح من هذا ما لو ادّعى أحدهما البضاعة والآخر المضاربة الفاسدة ، بناءً على ما اختاره (قدس سره) من ثبوت اُجرة المثل للعامل في كلا الفرضين ، مع كون الربح بتمامه للمالك . فإنه لا وجه لجعله من موارد التداعي ، إذ لا نزاع بينهما بالمرة ، لاتفاقهما على ثبوت الربح للمالك واستحقاق العامل اُجرة المثل على التقديرين ، فليس هناك نزاع بينهما إلاّ في الصورة ، وإلاّ فليس في الواقع مدّع ومنكر .

   نعم ، بناءً على ما اخترناه من عدم استحقاق العامل الاُجرة في البضاعة ، فلو ادّعى العامل المضاربة الفاسدة والمالك البضاعة ، كان العامل هو المدّعي والمالك منكراً ، لأنه لا يلزمه بشيء ، ولا تصل النوبة إلى التداعي .

   (1) على ما تقدّم بيانه منّا غير مرّة ، فإنّ اصالة الصحّة تجري في موردين :

   الأوّل : حمل فعل المؤمن على الصحّة وأنه لا يرتكب فعلاً على خلاف وظيفته والأصل في هذا المورد ثابت بدليل لفظي ، وأنه لا ينبغي أن يُتَّهم بل ينبغي حمل فعله على أحسنه .

   ومن هنا فلا يختلف الحال فيه بين إحراز عنوان العمل وعدمه . فلا فرق في وجوب الحمل على الصحّة بهذا المعنى ، بين أن يرى مفطراً في شهر رمضان مع احتمال كونه مسافراً أو مريضاً ، فيحمل عمله على الصحّة ولا يتهم بالإفطار في شهر رمضان عمداً ، وبين ما لو صدر منه كلام مردد بين الشتم والسلام ، فيحمل على الصحيح ولا يظن به السوء .

ــ[63]ــ

   [ 3414 ] مسألة 25 : إذا قال المالك للعامل : خذ هذا المال قراضاً والرّبح بيننا ، صحّ ولكلٍّ منهما النصف (1) .

   وإذا قال : ونصف الربح لك ، فكذلك (2) .

   بل وكذا لو قال : ونصف الربح لي ، فإنّ الظاهر إنّ النصف الآخر للعامل .

   ولكن فرق بعضهم بين العبارتين ، وحكم بالصحَّة في الاُولى ، لأنه صرح فيها بكون النصف للعامل والنصف الآخر يبقى له ، على قاعدة التبعية . بخلاف العبارة الثانية ، فإن كون النصف للمالك لا ينافي كون الآخر له أيضاً ، على قاعدة التبعية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إلاّ أن أصالة الصحّة بهذا المعنى لا تثبت لوازمها وأنه قد سلّم ، ومن هنا فلا يجب الجواب عليه .

   الثاني : الحمل على الصحّة ، بمعنى ترتيب آثارها على الفعل . فإذا صدر منه بيع أو طلاق أو غيرهما من العقود ، وشككنا في اشتماله على شرائط الصحّة وعدمه ، كان مقتضى أصالة الصحّة الحكم بالصحّة وترتيب آثارها عليه . فهي كقاعدة الفراغ في العبادات .

   وهذا الأصل لا دليل عليه سوى السيرة القطعية ، والتسالم عليه بين المسلمين . ومورده ما إذا كان العنوان معلوماً ، وكان الشكّ في الصحّة والفساد فقط .

   وأما إذا كان العمل مجهولاً ، كما لو دار الأمر بين طلاق زوجته طلاقاً صحيحاً أو إجارة داره إجارة فاسدة ، فلم تثبت السيرة منهم على البناء على الصحّة وترتيب آثار الطلاق الصحيح عليه ، إذ لم يحرز عنوان الطلاق كي يحكم بصحّته .

   (1) لأنه ظاهر الكلام، حيث إنّ مثل هذا التعبير ظاهر عرفاً في التساوي، وخلافه هو الذي يحتاج إلى الإثبات . كما هو الحال في سائر الموارد ، كالوصية بشيء واحد لاثنين ، فإنها ظاهرة في تساويهما فيه . ولأجل هذا الظهور يحكم بصحّة المعاملة ، وإن كانت قد تبدو لأوّل وهلة مجملة .

   (2) حيث إنّ ظاهره كون تمام النصف الآخر للمالك ، باعتبار أنّ النماء بتمامه تابع للعين ، فما لم يجعله المالك لغيره يكون بطبيعة الحال له ، لأنه نماء ملكه .

ــ[64]ــ

فلا دلالة فيها على كون النصف الآخر للعامل . وأنت خبير بأنّ المفهوم من العبارة عرفاً كون النصف الآخر للعامل (1) .
ـــــــــــــــــــــ

   (1) باعتبار أنّ ظاهر الكلام هو كون النصف تمام ما له من الربح وتحديد ما يستحقه بذلك ، وهو يقتضي كون الباقي للعامل ، وإلاّ لما كان تمام ما للمالك هو النصف .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net