ــ[67]ــ
[ 3418 ] مسألة 29 : تبطل المضاربة بموت كلّ من العامل والمالك. أما الأوّل، فلاختصاص الإذن به(1) . وأما الثاني ، فلانتقال المال بموته إلى وارثه فإبقاؤها يحتاج إلى عقد جديد بشرائطه(2). فإن كان المال نقداً صحّ ، وإن كان عروضاً فلا (3) لما عرفت من عدم جواز المضاربة على غير النقدين((1)) .
وهل يجوز لوارث المالك إجازة العقد بعد موته ؟ قد يقال بعدم الجواز ، لعدم علقة له بالمال حال العقد بوجه من الوجوه ، ليكون واقعاً على ماله أو متعلّق حقّه . وهذا بخلاف إجازة البطن السابق في الوقف أزيد من مدّة حياته ، فإنّ البطن اللاحق يجوز له الإجازة ، لأنّ له حقاً بحسب جعل الواقف .
وأما في المقام ، فليس للوارث حق حال حياة المورث أصلاً ، وإنّما ينتقل إليه المال حال موته . وبخلاف إجازة الوارث لما زاد من الثلث في الوصية ، وفي المنجز حال المرض على القول بالثلث فيه ، فإنّ له حقاً فيما زاد ، فلذا يصحّ إجازته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآخر .
لكنك قد عرفت منا عدم ثبوت مثل هذا الإطلاق . ومن هنا فالظاهر عدم جواز هذا الاشتراط ، بلا فرق في ذلك بين الشركة والمضاربة .
نعم ، لو كان هذا الاشتراط على نحو شرط الفعل لا شرط النتيجة ، لصحّ ووجب الوفاء به ، لأنه فعل سائغ في نفسه . إلاّ أنه خارج عن محلّ الكلام ، حيث إنّ المفروض في المقام ملكيّة أحد الشريكين لبعض حصّة شريكه بمجرد الشرط .
(1) فيرتفع بموته ، وورثته اُناس أجانب عنه فليس لهم التصرّف في المال من دون إذن مالكه .
(2) لما تقدّم من بطلان العقود الإذنية الجائزة بموت أحد الطرفين .
(3) على خلاف تقدّم في محلّه ، وقد عرفت أنّ الأقوى جواز المضاربة بغير النقدين ، فراجع .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرّ أنّ جواز المضاربة على غير النقدين من الأوراق النقدية ونحوها هو الأظهر .
ــ[68]ــ
ونظير المقام إجارة الشخص ماله مدّة مات في أثنائها ، على القول بالبطلان بموته ، فإنه لا يجوز للوارث إجازتها . لكن يمكن أن يقال((1)) : يكفي في صحّة الإجازة كون المال في معرض الانتقال إليه ، وإن لم يكن له علقة به حال العقد (1) فكونه سيصير له كاف ، ومرجع إجازته حينئذ إلى إبقاء ما فعله المورث (2) لا قبوله ، ولا تنفيذه .
فإنّ الإجازة أقسام : قد تكون قبولاً لما فعله الغير ، كما في إجازة بيع ماله فضولاً . وقد تكون راجعاً إلى إسقاط حق ، كما في إجازة المرتهن لبيع الراهن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفيه : أنّ الكلام في إجازة الوارث للمضاربة بعد موت المالك لا في حال حياته ، ومن هنا فكونه في معرض الانتقال إليه أجنبي عن الموضوع بالمرة ، لأنه إذا ثبت له حق الإجازة كان له ذلك ، سواء أكان في معرض الانتقال إليه أم لم يكن ، إذ لا فرق في المجيز بين كونه وارثاً وكونه أجنبياً ، كما لو انتقل إليه المال بالشراء أو الصداق ، فإنّ الكلام في ثبوت حق الإجازة له هو الكلام في ثبوته للوارث .
(2) لم يتحصل لما أفاده (قدس سره) وجه محصل . فإنّ الموت يوجب بطلان المضاربة ، ومعه كيف يمكن الحكم ببقائها ؟ بل إن كانت هناك مضاربة فهي مضاربة جديدة غير التي كانت بين المالك الأوّل والعامل .
على أن لازم بقاء المضاربة الاُولى وعدم كون هذه المضاربة الثانية مضاربة جديدة ، هو تدارك الخسران الواقع في زمن المالك الأوّل من الرّبح في عهد المالك الجديد ، وبالعكس ; وهو يعني حرمان العامل في إحدى المضاربتين عن بعض الربح وتحميله لبعض الخسارة ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به ، لمنافاته لما دلّ على عدم تحمّل العامل لشيء من الخسران .
إذن فما أفاده (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه ، والصحيح هو الحكم بالبطلان .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلاّ أ نّه لا دليل عليه ، بل الدليل قائم على عدمه .
ــ[69]ــ
وإجازة الوارث لما زاد عن الثلث . وقد تكون إبقاءً لما فعله المالك كما في المقام .
[ 3419 ] مسألة 30: لايجوز للعامل أن يوكِّل وكيلاً في عمله، أو يستأجر أجيراً، إلاّ بإذن المالك(1) . نعم ، لا بأس بالتوكيل أو الاستئجار في بعض المقدّمات ، على ما هو المتعارف (2) . وأما الإيكال إلى الغير وكالة أو استئجاراً في أصل التجارة ، فلا يجوز من دون إذن المالك ، ومعه لا مانع منه . كما أنه لا يجوز له أن يضارب غيره إلاّ بإذن المالك . ـــــــــــــــــــــ
(1) لقبح التصرّف في مال الغير بغير إذنه ، وخروجه عن عنوان المضاربة .
(2) كاستئجار الحمال على نقل البضائع ، أو الصانع لمساعدته في بعض العمل . والوجه فيه أن التعارف قرينة على رضا المالك بذلك التصرّف .
|