[ 3428 ] مسألة 39 : العامل أمين (1) . فلا يضمن إلاّ بالخيانة (2) كما لو أكل بعض مال المضاربة ، أو اشترى شيئاً لنفسه فأدّى الثمن من ذلك ، أو وطئ الجارية المشتراة ، أو نحو ذلك . أو التفريط ، بترك الحفظ . أو التعدّي ، بأن خالف ما أمره به أو نهاه عنه ، كما لو سافر مع نهيه عنه أو عدم إذنه في السفر ، أو اشترى ما نهى عن شرائه ، أو ترك شراء ما أمره به . فإنه يصير بذلك ضامناً للمال لو تلف ولو بآفة سماويّة ، وإن بقيت المضاربة ، كما مرّ . والظاهر ضمانه للخسارة الحاصلة بعد ذلك أيضاً (3) .
وإذا رجع عن تعدّيه أو خيانته فهل يبقى الضمان أوْ لا ؟ وجهان . مقتضى الاستصحاب بقاؤه ، كما ذكروا في باب الوديعة أنه لو أخرجها الودعي عن الحرز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأخذ المالك لتمام رأس المال ، وكون الاشتراك في الزائد خاصّة .
(1) بلا خلاف فيه ولا إشكال ، بل وعليه الإجماع .
(2) على ما يستفاد من جملة من النصوص الواردة في الضمان ، بل والنصوص الواردة في خصوص المضاربة، حيث علّقت الضمان على المخالفة والتعدي ، فيكون مفهومها عدم ضمان العامل عند تلف مال المضاربة من غير تعدٍّ أو تفريط .
نعم ، عند التلف بالتعدّي أو التفريط يكون ضـامناً له بلا خلاف ، لقاعدة اليد حيث خرج منها عنوان الأمين ويد العامل هذا ليست منه . مضافاً إلى النصوص الكثيرة الدالّة على ضمان العامل عند مخالفته لما اشترط عليه . وقد تقدمت في المسألة الخامسة ، فراجع .
(3) لإطلاق النصوص ، حيث إنّ مقتضاه كون الوضيعة على العامل حينئذ ما لم يصل مال المالك بتمامه إليه ، بلا فرق في ذلك بين كونها حال المعاملة أو بعدها .
ــ[87]ــ
بقي الضمان وإن ردّها بعد ذلك إليه . ولكن لا يخلو عن إشكال ، لأن المفروض بقاء الإذن ، وارتفاع سبب الضمان (1) .
ولو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان ولم يبع ، ضمن الوضيعة إن حصلت بعد ذلك (2) . وهل يضمن بنية الخيانة مع عدم فعلها ؟ وجهان((1)) (3) : من عدم كون مجرّد النيّة خيانة ، ومن صيرورة يده حال النيّة بمنزلة يد الغاصب . ويمكن الفرق بين العزم عليها فعلاً وبين العزم على أن يخون بعد ذلك (4) .
[ 3429 ] مسألة 40 : لا يجوز للمالك أن يشتري من العامل شيئاً من مال المضاربة ، لأنه ماله (5) . نعم ، إذا ظهر الربح يجوز له أن يشتري حصّة العامل منه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وبذلك ينتفي موضوع الاستصحاب ، أعني التعدي أو التفريط ، ومعه فلا مقتضي للحكم بالضمان . هذا مضافاً إلى عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكليّة ، على ما بينّاه في محلّه .
ومنه يظهر الحال فيما ذكروه في باب إخراج الودعيّ للوديعة من الحرز .
(2) وتقتضيه الأخبار الواردة في مخالفة العامل لما شرط عليه . فإنّ إبقاء المال عنده ـ على خلاف المصلحة ـ على خلاف ما شرط عليه ومبنى عقد المضاربة من كون المال متخذاً للاسترباح .
(3) أقربهما عدم الضمان ، نظراً لكون المستفاد من النصوص الواردة في المقام دوران الضمان مدار المخالفة الفعليّة والخيانة الخارجيّة فيكون مقتضى مفهومها عدمه عند عدمها .
ودعوى انّ النيّة توجب انقلاب اليد من الأمانة إلى الغصب ، أوّل الكلام وعهدتها على مدّعيها ، فإن النيّة المحضة لا أثر لها .
(4) بالالتزام بالضمان في الأوّل ، باعتبار كون يده في ذلك الحين يداً غصبية . وعدمه في الثاني ، لبقاء يده حين النيّة على وصف الأمانية . لكن ضعفه يظهر مما تقدّم .
(5) ومعه فلا تتحقق المعاوضة ، ولا يصدق كونه مبادلة مال بمال ، كما هو واضح .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يبعد أن يكون الوجه الأوّل أقرب .
ــ[88]ــ
مع معلومية قدرها (1) . ولا يبطل بيعه بحصول الخسارة بعد ذلك ، فإنه بمنزلة التلف (2) . ويجب على العامل ردّ قيمتها لجبر الخسارة (3) كما لو باعها من غير المالك . ــــــــــــــــــــــــــ
(1) لما عرفت فيما سبق ، من ملكيّة العامل لحصّته من الربح بمجرّد ظهوره .
(2) على ما تقدّم بيانه في المسألة السابعة والثلاثين مفصَّلاً ، فراجع .
(3) لأنّ مجرّد الإذن في البيع وجواز الإتلاف ، لا يقتضي عدم ضمانه ووجوب تداركه عند ظهور الخسارة .
|