وأما العامل فيجوز أن يشتري من المالك قبل ظهور الربح(4) بل وبعده، لكن يبطل الشراء بمقدار حصّته من المبيع ، لأنه ماله . نعم ، لو اشترى منه قبل ظهور الربح بأزيد من قيمته ، بحيث يكون الربح حاصلاً بهذا الشراء ، يمكن الإشكال فيه ، حيث إن بعض الثمن حينئذ يرجع إليه من جهة كونه ربحاً ، فيلزم من نقله إلى البائع عدم نقله من حيث عوده إلى نفسه .
ويمكن دفعه بأن كونه ربحاً متأخر عن صيرورته للبائع ، فيصير أوّلاً للبائع الذي هو المالك من جهة كونه ثمناً ، وبعد أن تمّت المعاملة وصار ملكاً للبائع وصدق كونه ربحاً ، يرجع إلى المشتري الذي هو العامل على حسب قرار المضاربة ، فملكيّة البائع متقدِّمة طبعاً .
وهذا مثل ما إذا باع العامل مال المضاربة الذي هو مال المالك من أجنبي بأزيد من قيمته ، فإنّ المبيع ينتقل من المالك والثمن يكون مشتركاً بينه وبين العامل . ولا بأس به ، فإنّه من الأوّل يصير ملكاً للمالك ، ثمّ يصير بمقدار حصّة العامل منه له بمقتضى قرار المضاربة .
ـــــــــــــــــــــــ (4) لعدم اتحاد مالك العوض والمعوض ، فتصدق المعاوضة حقيقة ، حيث ينتقل المال المشترى من المالك إلى العامل ، في حين ينتقل الثمن من العامل إلى المالك .
ــ[89]ــ
لكن هذا على ما هو المشهور((1)) (1) من أن مقتضى المعاوضة دخول المعوض في ملك من خرج عنه العوض وأنه لا يعقل غيره . وأما على ما هو الأقوى من عدم المانع من كون المعوض لشخص ، والعوض داخل في ملك غيره ، وأنه لا ينافي حقيقة المعاوضة ، فيمكن أن يقال : من الأوّل يدخل الربح في ملك العامل بمقتضى قرار المضاربة ، فلا تكون هذه الصورة مثالاً للمقام ونظيراً له .
[ 3430 ] مسألة 41 : يجوز للعـامل الأخذ بالشـفعة من المالك في مال المضاربة(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل هو المتعيّن ، لما ذكرناه في مباحث المكاسب من أنّ حقيقة البيع مبادلة بين المالين وتبديل للمال ، وإلغاء للخصوصية في العوضين . فمن يشتري الكتاب مثلاً بدينار أو يبيعه به ، يبدّل ماله بشيء آخر يقوم مقامه في المالية ، وإن لم يكن مشتملاً على ما اشتمل عليه ماله من الخصوصيات .
وعلى هذا فحقيقة البيع متقوّمة بالأخذ والعطاء في قباله بحسب المرتكز العرفي وحيث إنّ هذا المعنى غير متحقّق في المقام ، فقد يشكل الحكم بصحّته .
إلاّ أنه مندفع بما في المتن ، من أنّ حصّة العامل من الربح في المضاربة لا تدخل في ملكه ابتداء ، بل تدخل في ملك البائع ـ المالك ـ آناً ما ، ثمّ تنتقل وبموجب عقد المضاربة إليه .
وهذا مما لا محيص عن الالتزام به ، إذ به يتحقّق الجمع بين مقتضى العقدين : البيع المقتضي لدخول المعوض في ملك من خرج منه العوض ، والمضاربة المقتضية لملكية العامل للحصّة المعيّنة من الربح .
(2) لوجود المقتضي وانتفاء المانع . فإنّ المالك لمّا أصبح شريكاً للعامل في المال بشرائه حصّة شريكه ، شملته أدلّة الشفعة من غير معارض ، فإنه شريك وله الأخذ بالشفعة في حصّة شريكه المبيعة لغيره .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهو صحيح .
ــ[90]ــ
ولا يجوز العكس (1) . مثلاً إذا كانت دار مشتركة بين العامل والأجنبي ، فاشترى العامل حصّة الأجنبي بمال المضاربة ، يجوز له إذا كان قبل ظهور الربح أن يأخذها بالشفعة (2) لأن الشراء قبل حصول الربح يكون للمالك ، فللعامل أن يأخذ تلك الحصّة بالشفعة منه . وأما إذا كانت الدار مشتركة بين المالك والأجنبي ، فاشترى العامل حصّة الأجنبي ، ليس للمالك الأخذ بالشفعة ، لأن الشراء له فليس له أن يأخذ بالشفعة ما هو له . ـــــــــــــــــــــ
(1) لانتفاء موضوعها فيه . فإنّ المال وبشراء العامل حصّة شريك المالك له يصبح وبتمامه مملوكاً للمالك ، ومعه فلا مجال لأخذه بالشفعة ، لأنها إنما تثبت لأحد الشريكين في الحصّة المبيعة لشريكه الآخر من غيره ، وهو منتف في المقام .
(2) مقتضى مفهوم هذه القضيّة ، عدم ثبوت الشفعة للعامل إذا كان بعد ظهور الربح . ولم يظهر لنا وجه ذلك، فإنّ أدلّة الشفعة شاملة للمقام من غير معارض، حيث إنّ الحصّة المبيعة حصّة شريك العامل ، فله أن يأخذ بالشفعة حتى بعد ظهور الربح .
نعم ، إنه يملك بعض تلك الحصّة من جهة ظهور الربح بمقتضى عقد المضاربة ، لكنه لا يمنع من الأخذ بالشفعة في غيره ، ولعله (قدس سره) نظر إلى عدم جواز أخذ الجميع بالشفعة ، وإلاّ فلا وجه لما ذكره .
|