الاُولى - الثانية - الثالثة - الرابعة 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4434


   [ 3436 ] الاُولى : إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في العمل ولا في مقدماته ، فلا إشكال ولا شيء له ولا عليه (1) . وإن كان بعد تمام العمل والإنضاض فكذلك . إذ مع حصول الربح يقتسمانه . ومع عدمه لا شيء للعامل ولا عليه إن حصلت خسارة ، إلاّ أن يشترط المالك كونها بينهما، على الأقوى من صحّة هذا الشرط((2))(2) أو يشترط العامل على المالك شيئاً إن لم يحصل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرط الفعل ، أعني اشتراط عدم إعمال سلطنته على الفسخ . وأما إذا كان على نحو شرط النتيجة ، بأن يكون العقد لازماً ولا يكون له حقّ الفسخ ، بمعنى أن لا يملك الفسخ ، فهو فاسد ومفسد للعقد أيضاً .

   (1) لعدم المقتضي له .

   (2) بل الأقوى هو التفصيل بين شرط النتيجة وشرط الفعل .

ــــــــــــــ
(2) فيه تفصيل قد تقدّم [ في المسألة 3393 ] .

ــ[108]ــ

ربح (1) . وربّما يظهر من إطلاق بعضهم ثبوت اُجرة المثل مع عدم الربح . ولا وجه له أصلاً ، لأن بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل لشيء سوى الربح على فرض حصوله (2) كما في الجعالة .

   [ 3437 ] الثانية : إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل حصول الربح ، فلا اُجرة له لما مضى من عمله . واحتمال استحقاقه لقاعدة الاحترام ، لا وجه له أصلاً (3) . وإن كان من المالك ، أو حصل الانفساخ القهري ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ففي الأوّل : كما لو اشترط عليه كون بعض الخسارة في عهدته ، يبطل لأنه ليس بمشرع ، ومضمونه مخالف للسنة الدالة على عدم ضمان الأمين .

   وفي الثاني : كما لو اشترط عليه أن يعطيه شيئاً من أمواله ، يصح حيث لا محذور فيه ، لأنه وبحد نفسه فعل سائغ ، فإذا وقع متعلقاً للشرط وجب الوفاء به ، ومجرّد كونه في ضمن عقد جائز لا يمنع من وجوب العمل به ، لما عرفت من كونه لازماً بالنسبة إلى ما مضى من المعاملات .

   نعم ، له رفع اليد عن العقد بالقياس إلى ما يأتي ، فيرتفع معه موضوع وجوب الوفاء .

   وقد تقدّم تفصيل الكلام في المسألة الرابعة ، فراجع .

   (1) على التفصيل المتقدِّم .

   (2) ومعه فلا تشمله قاعدة احترام عمل المسلم ، لأنه الذي فوّت على نفسه ذلك حيث أقدم على العمل مجاناً عند عدم الربح .

   (3) فإنّ القاعدة لا تقتضي الضمان . فإنّ معنى احترام عمل المسلم إنما هو عدم جواز جبره على شيء بلا مقابل ومجاناً ، فلا تشمل المقام حيث يكون العمل صادراً منه باختيار رجاءً للربح . على أنّ القاعدة لو اقتضت الضمان في حدّ نفسها فلا تقتضيه في المقام ، باعتبار أنّ العامل هو الذي فوَّت على نفسه الربح بفسخه لعقد المضاربة .

ــ[109]ــ

ففيه قولان(1) أقواهما العدم أيضاً ، بعد كونه هو المقدم على المعاملة الجائزة التي مقتضاها عدم استحقاق شيء إلاّ الربح ، ولا ينفعه بعد ذلك كون إقدامه من حيث البناء على الاستمرار .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ودعوى اقتضاء الأمر له ، حيث إنّ العمل قد صدر عن أمره واستوفى هو منفعته .

   مدفوعة بأنها إنما تتمّ لو كان الآمر قد التزم على نفسه بشيء غير الحصّة من الربح ، فلا تعمّ المقام ، حيث لم يلتزم الآمر بدفع شيء بإزاء العمل سوى الحصّة من الربح على تقدير ظهوره .

   ومن هنا فيكون العامل في فرض عدمه ومن غير هذه الجهة ، متبرعاً ومقدماً على العمل مجاناً .

   (1) ظاهر كلامه (قدس سره) اختيار بعض الأصحاب للضمان حتى في فرض الانفساخ القهري ، إلاّ أننا لم نعثر على قائل به ، حيث لم ينسب إلى أحد من الأصحاب .

   وكيف كان ، فالحكم فيه واضح ، لعين ما تقدّم في فسخ العامل ، حيث لا موجب للضمان . وتوهم اقتضاء قاعدة الاحترام ، أو صدوره عن أمره له ، مدفوع بما تقدّم .

   نعم، في فرض الفسخ من قبل المالك ، ذهب جماعة من الأصحاب إلى الضمان من أجل التفويت، حيث فوَّت المالك بفسخه للعقد الربح على العامل، فيجب عليه أداء أقلّ الأمرين ، من اُجرة المثل والربح المترقب من التجارات الآتية .

   وفيه : أنه لا دليل على الضمان عند التفويت والمنع عن الاسترباح ، فإنه إنما يترتب على إتلاف المال الموجود بالفعل أو الاستيلاء عليه، فلا يعمّ ما ليس بمال بالفعل، وإنما يترقب أن يكون كذلك في المستقبل .

   على أنه من التفويت بحقّ ، لبناء عقد المضاربة عليه ، لأنه عقد جائز ، فيكون من قبيل الشرط في ضمن العقد ، ومعه فلا موجب للضمان بعد إقدام العامل عليه .

ــ[110]ــ

   [ 3438 ] الثالثة: لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف جملة من رأس المال في نفقته، فهل للمالك تضمينه مطلقاً، أو إذا كان لا لعذر منه؟ وجهان أقواهما العدم((1))(1) لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كل وقت ، فالمالك هو المقدم على ضرر نفسه .

   [ 3439 ] الرابعة : لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول الربح وبالمال عروض ، لا يجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك (2) ببيع ونحوه ، وإن احتمل تحقّق الربح بهذا البيع ، بل وإن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فيه إشكال بل منع . وذلك لأن إعطاء المالك للمال إلى العامل والإذن له في صرفه خارج عن العقد بينهما ، وإنما العامل يصرف ذلك المال بإذن المالك في مقدمات العقد الذي يقصد به الاسترباح . إلاّ أنّ الظاهر كون إعطاء المالك للمال والإذن في التصرّف فيه ، مشروطاً بشرط متأخر وهو تحقق التجارة الخارجية .

   وبعبارة اُخرى : إنّ دفع المالك للمال إليه والإذن في التصرّف له لم يكن مطلقاً ، وإنما هو مقيّد بحصول التجارة بعد ذلك . ومن هنا فإذا لم يحصل الشرط ، لم يكن صرفه مأذوناً فيه ، وبذلك فيكون ضامناً لإتلافه مال غيره بغير إذنه .

   ولا يبعد أن يكون هذا من المرتكزات الأوّلية في باب المضاربة وغيرها ، كإرسال الرسل والمبعوثين . فإنه هل يمكن أن يقال بعدم ضمانهم لما صرفوه في سفرهم مع عدم قيامهم بما كلفوا به من مهام ، بدعوى أنه كان بإذنه ؟ كلاّ ، فإنّ الإذن في ذلك مقيد بانتهاء السفر إلى العمل المعيّن ، فعدمه يكشف عن عدم الإذن لا محالة .

   نعم ، ما أفاده (قدس سره) إنما يتمّ لو كان الفسخ من قبل المالك ، أو حصل الانفساخ القهري ، حيث لا موجب للقول بضمان العامل ، باعتبار أنه لم يلتزم بشيء في صرفه للمال ، ولم يقصر في شيء مما هو عليه بعد أن كان الصرف بإذن المالك .

   (2) لكونه بأكمله ملكاً للمالك ، وقد ارتفع إذنه في التصرّف بالفسخ أو الانفساخ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في القوّة إشكال ، والإحتياط لا يترك .

ــ[111]ــ

الربح (1) .

   نعم ، لو كان هناك زبون بان على الشراء بأزيد من قيمته ، لا يبعد جواز إجبار المالك على بيعه منه ، لأنه في قوّة وجود الربح فعلاً . ولكنه مشكل مع ذلك ، لأن المناط كون الشيء في حدّ نفسه زائد القيمة (2) والمفروض عدمه .

   وهل يجب عليه البيع والإنضاض إذا طلبه المالك ، أو لا ؟ قولان ، أقواهما عدمه(3) . ودعوى أن مقتضى قوله (عليه السلام) : «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي»((1)) وجوب ردّ المال إلى المالك كما كان ، كما ترى (4) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لما تقدّم من كونه تصرفاً في مال الغير ، فلا يجوز إلاّ بإذنه .

   (2) وبعبارة اُخرى : إنّ الملاك في اشتراك العـامل للمالك إنما هي الزيادة في المال والعبرة فيها إنما هي بارتفاع القيمة السوقية ، ولا يكفي فيها وجود مشتر يشتري المال بأكثر من قيمته السوقية ، فإنه لا يوجب زيادة في مال المضاربة ، كما لا يخفى .

   على أنه سيأتي في المسألة القادمة من هذه المسائل ، أنه لو حصل الفسخ أو الانفساخ وكان في المال عروض تزيد قيمته على رأس المال ، فليس للعامل إجبار المالك على بيع العروض وإن كان شريكاً له في ذلك ، وإنما له إجباره على القسمة خاصة ، نظراً إلى أنّ جواز التصرّف في مال الغير بغير إذنه يحتاج إلى الدليل . وهو مفقود .

   فإذا كان الحال هذا في فرض وجود الربح بالفعل ، فعدم الجواز في فرض عدمه يكون بطريق أولى .

   (3) لعدم الدليل عليه .

   (4) إذ مع الإغماض عن سندها ، والمناقشة في صدق الأخذ على مثل المقام بدعوى انصرافه إلى ما يكون بالقهر ، فهو غير شامل لما نحن فيه ، لأنه إنما يجب على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 14 : 7  كتاب الوديعة باب 1 ح 12 ، عوالي اللآلي ج 2 : 344 ح 9 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net