ــ[158]ــ
[ 3464 ] الخامسة : إذا ضارب المالك في مرض الموت ، صحّ وملك العامل الحصّة وإن كانت أزيد من اُجرة المثل ، على الأقوى من كون منجزات المريض من الأصل . بل وكذلك على القول بأنها من الثلث ، لأنه ليس مفوِّتاً لشيء على الوارث((1)) (1) إذ الربح أمر معدوم ، وليس مالاً موجوداً للمالك ، وإنما حصل بسعي العامل .
[ 3465 ] السادسة : إذا تبين كون رأس المال لغير المضارب ، سواء كان غاصباً أو جاهلاً بكونه ليس له ، فإن تلف في يد العامل أو حصل خسران(2) فلمالكه الرجوع ((2))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفيه : أنّ الحصّة المعيّنة التي ستوجد فيما بعد ، وإن لم تكن مملوكة للعامل وللمالك إذ لا معنى لملكيّة المعدوم ، إلاّ أنها وفي ظرف وجودها تكون مملوكة للعامل نتيجة لجعل المالك ذلك له ، إذ لولاه لكان الربح بتمامه مملوكاً للمالك ، بمقتضى قانون المعاوضة المقتضي لانتقال تمام الثمن إلى مالك المثمّن ، على ما تقدّم بيانه غير مرّة . ومن هنا فانتقال الحصّة من المالك إلى العامل ، يكون في ظرفه انتقالاً للمال الموجود بالفعل وإن لم يكن كذلك حين العقد .
وعليه فإذا جعلنا منجزات المريض من الثلث ، كان حال هذا النقل كحال سائر ما يصدر منه من التصرفات المنجزة ، فيمنع منه إذا زاد عن ثلث تركته لا محالة ، والذي يهوِّن الخطب أنّ منجزات المريض تخرج من الأصل لا الثلث .
(2) لا مجال لفرض الرجوع في الخسران في المقام . فإنّ العقود الصادرة من العامل لما لم تكن عن إذن المالك كانت فضولية لا محالة ، ومن ثمّ فإن لم يجزها المالك كان له الرجوع بتمام ماله على من يجدها في يده ، وإن أجازها فقد رضي بها ، ومعه فلا موجب للضمان .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه نظر واضح ، والذي يسهل الخطب أنّ منجزات المريض تكون من الأصل .
(2) ليس للمالك الرجوع في الخسارة وحدها ، فإنّه إن أجاز المعاملة صحّت وليس له الرجوع حينئذ على أحد ، وإلاّ رجع بتمام ماله .
ــ[159]ــ
على كلّ منهما(1). فإن رجع على المضارب، لم يرجع على العامل(2). وإن رجع على العامل ، رجع إذا كان جاهلاً على المضارب وإن كان جاهلاً أيضاً ، لأنه مغرور من قبله((1))(3). وإن حصل ربح كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا إشكال فيه ، لوقوع ماله في يد كل منهما ، ومقتضى ضمان اليد لزوم خروج كل منهما عن عهدته ، فيكون كل منهما ضامناً له على نحو تعاقب الأيدي . ولا مانع من ضمان شخصين أو أكثر لمال واحد ، بحيث يكون كل منهما مطالباً به ، والمال ثابت في ذمّته على نحو الواجب الكفائي . وكون يد العامل يد أمانة لا ينفع في سقوط الضمان عنه في المقام ، بعد أن لم يكن المال أمانة عنده من قبل المالك ، وإنما هو أمانة من قبل المضارب ولا أثر لذلك .
(2) لأنه قد دفع إليه المال على أن لا يكون له حق الرجوع عليه عند تلفه بغير تعدٍّ أو تفريط ، فالعامل غير مسؤول في قبال الدافع على التلف في غير هاتين الحالتين .
(3) في تعليل الحكم بالغرور إشكال ، بل منع . فإنه مضافاً إلى عدم ثبوت القاعدة ، يتوقف صدقه على علم المضارب وجهل العامل ، إذ بدونه يكون كلّ منهما معذوراً ، ولا يصدق الغرور عرفاً .
إلاّ أنّ هذا لا يعني عدم موافقتنا للماتن (قدس سره) في الحكم ، فإنّ للعامل أن يرجع على المضارب وإن كان جاهلاً ، فيما لو رجع المالك عليه .
وذلك لما ذكرناه في مباحث تعاقب الأيدي من المكاسب ، من أنّ الضمان فيها إنما هو على نحو الواجب الكفائي ، حيث يضمن كل منهم المال التالف ويكون للمالك الرجوع على أي منهم شاء . فإذا أدّى أحدهم لعوضه ، كان وباعتبار العقلاء مالكاً لذلك التالف بقاءً ، بحيث يكون التلف بقاءً من ماله . ومن هنا فله مطالبة كل من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لا يصدق الغرور مع جهل المضارب إلاّ أ نّه مع ذلك يرجع العامل عليه ، لأ نّه بأدائه يملك المال الثابت في ذمّة المضارب على ما شيّدنا أركانه في محلّه .
ــ[160]ــ
على ماله (1) وللعامل اُجرة المثل على المضارب مع جهله (2) .
والظاهر عدم استحقاقه الاُجرة عليه((1)) مع عدم حصول الربح ، لأنه أقدم على عدم شيء له مع عدم حصوله (3) . كما أنه لا يرجع عليه إذا كان عالماً ((2)) بأ نّه ليس له ، لكونه متبرِّعاً بعمله حينئذ (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأيادي المتأخرة عنه بملكه وماله إن وجد بعينه وبدله عند تلفه ، وليس له مطالبة الأيادي المتقدِّمة عنه لأدائهم المال إليه .
وهذا الكلام يجري بعينه في المقام . فإنّ العامل وبأدائه للعوض إلى المالك ، يصبح مالكاً للعين التالف بقاءً ، ومن هنا فله الرجوع على المضارب ومطالبته بأداء ماله إليه.
ولا يقدح في ذلك أنّ المفروض أداء المضارب للمال إلى العامل وتسليمه له ، فإنه إنما كان على نحو عدم ضمانه للتلف . فهو نظير ما ذكروه فيما إذا غصب شخص طعاماً وقدمه إلى غيره فأكله ، فرجع المالك على الآكل فضمنه ، فإنه يرجع إلى الغاصب بلا إشكال ، لأنه قد وقع في يده . وليس له الاعتذار بأنه قد سلمه إليه ، لأنه إنما أباحه له وسلّمه إليه مجاناً ، فلا يكون موجباً لسقوط الضمان .
(1) حالها في ذلك حال سائر العقود الفضولية الصادرة بغير رضا المالك .
(2) لصدوره عن أمره لا مجاناً .
(3) فيكون من مصاديق القاعدة المعروفة : «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» .
ولا يخفى أنّ ما أفاده (قدس سره) من المقام مناف لما أفاده في المسألة الثامنة والأربعين ، حيث استشكل في الحكم ولم يجزم به .
وكيف كان ، فالصحيح ما أفاده (قدس سره) في المقام .
(4) تقدّم غير مرّة أنه لا ملازمة بين العلم بالفساد وعدم استحقاقه للمجعول
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا هو الصحيح إلاّ أ نّه تقدّم منه (قدس سره) في المسألة الثامنة والأربعين خلافه .
(2) تقدّم أ نّه لا فرق بين صورتي العلم والجهل .
|