العاشر : البحث عن متعلّق المانعية وأنّه الصلاة أو المصلّي أو اللباس 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في اللباس المشكوك   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7014


العاشر : أنّ اعتبار المانعية لغير المأكول في الصلاة إمّا أن يكون في نفس الصلاة ، أو في المصلّي ، أو في اللباس ، بمعنى أنّ القيد الاعتباري في الصلاة هل يكون مركزه نفس الصلاة ، فاعتبر فيها أن لا تقع في غير المأكول ، من دون إضافة إلى المصلّي أو اللباس . أو أنّ مركزه هو المصلّي ، فاعتبر فيها أن لا يكون المصلّي لابساً أو مصاحباً لغير المأكول . أو أنّ المركز هو اللباس ، فاعتبر فيها أن لا يكون هو أو كلّ ما مع المصلّي من غير المأكول . وعلى كل حال ، فالتقييد الاعتباري لنفس الصلاة ، والاختلاف في المركز والمورد .

الذي ينبغي أن يقال : إنّه لا معنى لأخذ شيء شرطاً في المأمور به إلاّ أن يكون هو أيضاً متعلّقاً للأمر بتبع الأمر به ، من جهة أخذ التقيّد فيه ، ولذا قد ذكرنا في الأمر السابع(1) أنّ شرط المأمور به لا يمكن إلاّ أن يكون فعلا اختيارياً ، وحيث إنّ اتّصاف اللباس بكونه من المأكول أو من غيره أو عدم كونه من غير المأكول لا يعقل تعلّق التكليف به وجوداً أو عدماً ، فلا معنى لكونه قيداً في المأمور به ، نعم يصحّ أن يقال : يشترط في الصلاة أن لا يكون اللباس من غير المأكول . لكنّه لا بمعنى أخذه في المأمور به ، بل بمعنى دوران الصحّة مداره ، ولو من جهة تقيّد الصلاة بأن لا تقع فيه .

فيدور الأمر بين أن يعتبر التقيّد في ناحية المصلّي ، بأن يكون الأمر متعلّقاً
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص18 .

ــ[32]ــ

بالصلاة المقيّدة بأن لا يكون المصلّي لابساً أو مصاحباً لغير المأكول ، فيكون عدم لبسه أو مصاحبته إيّاه مطلوباً من ناحية الأمر بالمقيّد . أو في ناحية نفس الصلاة فيكون الأمر متعلّقاً بها بقيد أن لا تكون في غير المأكول .

ولا يبعد أن يكون بعض الروايات ظاهرة في الأول ، كقوله (عليه السلام) في موثّقة سماعة : « ولا تلبسوا منها شيئاً تصلّون فيه »(1) إذ جعل متعلّق النهي الغيري المستفاد منه المانعية فيها هو اللبس حال الصلاة ، وليس في غيرها ما ينافي دلالته فإنّها دالّة على النهي عن الصلاة في غير المأكول ، وحيث إنّ غير المأكول لا معنى لكونه ظرفاً للصلاة إلاّ باعتبار كونه ظرفاً للمصلّي من جهة كونه لباساً له أو مصاحبته إيّاه حتّى تكون الظرفية بالعناية .

وعلى كل حال ، فالصلاة من أفعال المصلّي وكونه لابساً لغير المأكول أو مصاحباً إيّاه من جملة أفعاله أيضاً ، ولا مصحّح لظرفية متعلّق أحد الفعلين للآخر إلاّ بتوسيط الفاعل في البين حتّى يكون الإسناد إلى الفعل بالعرض والمجاز وعليه يكون مركز التقييد حقيقة هو عدم لبس المصلّي أو عدم مصاحبته لغير المأكول ، فيكون التقيّد بالعدم المنتزع عنه المانعية معتبراً في ناحيته ، فلا تكون لها دلالة على خلاف ما يستفاد من الموثّقة ، بل يكون مفادها منطبقاً على ما يستفاد منها بعينه ، فلا يبقى في البين ما يدلّ على اعتباره في ناحية الصلاة حتّى يكون المانع وقوعها في غير المأكول من غير لحاظ المصلّي .

وممّا ذكرناه يظهر فساد ما أفاده بعض المحقّقين من المعاصرين(2) ـ من أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 4 : 353 / أبواب لباس المصلّي ب5 ح3 ، وقد تقدّمت في ص20 .
(2) وهو المحقّق الإيروانيى (رحمه الله) في رسالة الذهب المسكوك في اللباس المشكوك : 27 .

ــ[33]ــ

القيدية الاعتبارية لابدّ وأن ترجع إلى الصلاة ، والقيدية الحقيقية أعني بها الاتّصاف الخارجي ليس إلاّ للمصلّي أو اللباس ، فإنّ اللباس في نفسه إمّا يكون من المأكول أو لا يكون منه ، كما أنّ المصلّي إمّا يكون لابساً له أو لا . فالترديد ليس بين الثلاثة ، بل بين الاثنين ـ فإنّك قد عرفت أنّ القيدية الاعتبارية وإن كانت للصلاة لا محالة إلاّ أنّ مركزها يمكن أن يكون نفسها ، ويمكن أن يكون المصلّي أو اللباس مع قطع النظر عمّا ذكرناه من لزوم كون الشرط فعلا اختيارياً . وسيظهر ثمرة هذا البحث في إجراء الاُصول العملية إن شاء الله تعالى .

إذا تحقّقت هذه الاُمور فيقع الكلام في المباحث :




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net