[ 3529 ] التاسعة: لا يجب في المزارعة على أرض إمكان زرعها من أوّل الأمر، وفي السنة الاُولى، بل يجوز المزارعة على أرض بائرة لا يمكن زرعها إلاّ بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أزيد (3) .
ـــــــــــــــــــــــــ (3) فإنّ ذلك يرجع في الحـقيقة إلى جعل العقد بعد الفترة المستثناة للإصلاح والتعمير أو غيرهما وكأنه لا عقد قبلها ، مع تسليم الأرض للزارع من الآن لينتفع بها وحده كشرط مأخوذ في العقد ، فإنه لا بأس به ما دام سائغاً ، حيث قد عرفت جواز الاشتراط فيها .
ــ[317]ــ
وعلى هذا إذا كانت أرض موقوفة (1) وقفاً عاماً أو خاصاً وصارت بائرة ، يجوز للمتولي أن يسلمها إلى شخص بعنوان المزارعة إلى عشر سنين أو أقل أو أزيد حسب ما تقتضيه المصلحة ، على أن يعمرها ويزرعها إلى سنتين مثلاً لنفسه ، ثمّ يكون الحاصل مشتركاً بالإشاعة بحصّة معيّنة .
[ 3530 ] العاشرة : يستحب للزارع ـ كما في الأخبار ـ الدعاء عند نثر الحبّ بأن يقول: «اللّهمّ قد بذرنا وأنت الزارع فاجعله حبّاً متراكماً»(2).
وفي بعض الأخبار : «إذا أردت أن تزرع زرعاً ، فخذ قبضة من البذر واستقبل القبلة وقل : (أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) ثلاث مرّات . ثمّ تقول : بل الله الزارع ، ثلاث مرّات .
ثمّ قل: اللّهمّ اجعله حبّاً مباركاً وارزقنا فيه السلامة، ثمّ انثر القبضة التي في يدك في القراح»(3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وممّا ذكرناه يظهر أنه لا وجه للإيراد عليه ، بأنّ اختصاص الزرع في الفترة المستثناة بالعامل ينافي وضع المزارعة ومبناها .
فإنّ عقد المزارعة إنما هو واقع في الحقيقة على الأرض بعد تلك المدّة ، وأما قبلها فلا مزارعة ، وكون الأرض في يد المزارع أمر خارج عن المزارعة ثبت بالاشتراط .
(1) لا وجه لتخصيص ذلك بالوقف ، كما يظهر من عبارته (قدس سره) . فإنه يجوز في الملك الخاص أيضاً ، كما لو زارع المالك غيره على أن يكون الزرع بعد فترة محددة لإصلاح الأرض وتعميرها ، تكون الأرض فيها بيد الزارع بالاشتراط .
(2) ورد ذلك في رواية شعيب العقرقوفي عن أبي عبدالله (عليه السلام) (1) .
(3) كما ورد في رواية ابن بكير عن أبي عبدالله (عليه السلام) (2) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 5 ح 2 .
(2) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 5 ح 3 .
ــ[318]ــ
وفي خبر آخر: «لمّا اُهبط آدم (عليه السلام) إلى الأرض احتاج إلى الطعام والشراب ، فشكا ذلك إلى جبرئيل ، فقال له جبرئيل: يا آدم كُن حرّاثاً ، فقال (عليه السلام): فعلِّمني دعاء، قال: قُل: اللّهمّ اكفني مؤونة الدّنيا وكلّ هول دون الجنّة، وألبسني العافية حتى تهنئني المعيشة» (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) (1) .
تمّ كتاب المزارعة ، وله الحمد والمنّة ، والحمد لله ربّ العالمين .
هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الجزء ، وسيتلوه كتاب المساقاة إن شاء الله تعالى .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 19 كتاب المزارعة والمساقاة ، ب 5 ح 1 .
|