ــ[341]ــ
[ 3546 ] مسألة 16 : يجوز أن يفرد كلّ نوع بحصّة مخالفة للحصّة من النوع الآخر، كأن يجعل النخل بالنصف والكرم بالثلث والرمان بالربع مثلاً، وهكذا(1). واشترط بعضهم في هذه الصورة العلم بمقدار كلّ نوع . ولكن الفرق بين هذه الصورة وصورة اتحاد الحصّة في الجميع غير واضح (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أنه لا مجال لتصوّر الغرر من هذه الجهة . فإنّ عمل العامل لما كان يقابله الحصّة من الثمر ، لم يمكن تصور فوات شيء منه إطلاقاً ، فإنه مضمون على كل تقدير لأنه تابع له في القلّة والكثرة . فإن كثرت الأشجار وكثر عمل العامل كثر ما يكون له من الحاصل ، وإن قلّت الأشجار وقلّ عمله قلّ حاصله أيضاً .
ومن هنا فلا وجه لاعتبار عدم الغرر هنا ، فإنه لا يتصور فيه أصلاً . وعلى تقديره فهو معفوّ عنه، لابتناء العقد عليه .
بل عقد المساقاة على هذا البستان ، إنما هو في الحقيقة كالعقد على مجموع بساتين يختص كلّ منها بسنخ معيّن ، الذي لم يشك أحد في صحّته . فإن ما نحن فيه من قبيله غاية الأمر أنه يختلف عنه كون البساتين في الثاني معزولة مفروزة ، في حين إنّ الأشجار فيما نحن فيه مختلطة وغير مفروزة ، إلاّ أنه لا يؤثر شيئاً بعد أن كان مثل هذا العقد منحلاًّ في الحقيقة إلى عقود متعددة ومستقلّة .
(1) لما تقدّم من انحلال هذا العقد المركب إلى عقود متعددة في الحقيقة ، وحينئذ فلا يبقى محذور في الحكم بالصحة .
(2) يمكن التفريق بين الصورتين ، بكون حصّة العامل في فرض اتحادهما في الجميع معلومة ، فإنه وعلى كلّ تقدير يأخذ النسبة المجعولة له من الحاصل من غير زيادة أو نقصان . وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ حصّته وبالقياس إلى المجموع تبقى مجهولة لاحتمال زيادة الصنف وقلّته .
فإنه إذا جعل له النصف من الرمان والثلث من التمر مثلاً ، فكان الحاصل من الرمان مائة رطل ومن التمر تسعين ، كان له خمسون رطلاً من الرمان وثلاثون من التمر ، وهذا يعني أ نّه قد أخذ بالنتيجة ما يعادل ثماني حصص إلى تسع عشرة حصّة من مجموع حاصل البستان . وأما لو انعكس الأمر ، فكان حاصل الرمان تسعين
ــ[342]ــ
والأقوى الصحة (1) مع عدم الغرر (2) في الموضعين ، والبطلان معه فيهما .
[ 3547 ] مسألة 17 : لو ساقاه بالنصف ـ مثلاً ـ إن سقى بالناضح ، وبالثلث إن سقى بالسيح ، ففي صحته قولان ، أقواهما الصّحة ((1)) (3) لعدم إضرار مثل هذه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحاصل التمر مائة رطل ، فله من الرمان خمسة وأربعون رطلاً ومن التمر ثلاثة وثلاثون وثلث ، وهذا يعني أنّ حصّته في النتيجة لم تكن إلاّ سبعة وثمانية أعشار وثلث العشر من أصل تسع عشرة حصّة .
وهكذا فإنّ المشروط فيه أقلّ الجزءين ، قد يكون أكثر الجنسين فتنقص الحصّة وقد يكون أقلّهما فتزيّد . وبذلك فيحصل الغرر والجهالة ، فيحكم ببطلان العقد .
إلاّ أنك خبير بأنّ هذا المقدار من الفرق لا يكفي في الحكم بالبطلان في المقام ، بعد ما عرفته من أنّ هذه المساقاة وإن كانت واحدة بحسب الإنشاء ، إلاّ أنها منحلّة في الحقيقة إلى عقود متعددة ومساقاة على كلّ صنف مستقلاً .
نظير ما ذكرناه في كتاب البيع من ضمّ مبيع إلى غيره ، فإنه لا عبرة بتعدّد المبيع وإنما العبرة بواقع الاعتبار والتمليك . ولذا يلتزم فيما لو باع ماله ومال غيره بصحة البيع بالنسبة إلى ماله ، وتوقّفه على الإجازة بالنسبة إلى مال الغير . في حين إنه لو كانت العبرة بالإنشاء ، لوجب القول ببطلان العقد بالنسبة إلى المالين معاً على تقدير عدم إجازة الآخر .
فما نحن فيه من هذا القبيل . فإنّ هذا العقد الواحد عبارة في الحقيقة عن عقود متعددة جمعها إنشاء واحد فقط ، وحيث إنّ الحصّة في كلّ عقد من تلك العقود معلومة ، فلا وجه للحكم بالبطلان ، واحتمال زيادة المجموع ونقصانه لا يضرّ بعد ذلك .
(1) لما تقدّم .
(2) بل ومعه أيضاً ، لما تقدّم في المسألة السابقة حرفاً بحرف .
(3) بل العدم . فإنّ المساقاة وإن لم تكن تتضمن التمليك والتملك إلاّ أنها تتضمّن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الأقوى البطلان ، كما في الإجارة المردّدة .
ــ[343]ــ
الجهالة ، لعدم إيجابها الغرر مع أنّ بناءها على تحمله . خصوصاً على القول بصحة مثله في الإجارة (1) كما إذا قال : إن خطت رومياً فبدرهمين ، وإن خطت فارسياً فبدرهم . ـــــــــــــــــ
الالتزام والإلزام ، والأمر المردد لا يصلح أن يكون متعلقاً للالتزام الفعلي الذي يترتب عليه الأمر بالوفاء به .
والحاصل أنّ الأمر المردد لا يمكن فيه الإلزام والالتزام والحكم بوجوب الوفاء به .
(1) وقد تقدّم هناك أنّ الصحيح هو البطلان ، لأنّ الإجارة تمليك فلا بدّ وأن يكون متعلّقه معلوماً ، والمردّد غير معلوم .
|