حكم الاستيجار بحصّة من الثمرة - حكم ما إذا بطل عقد المساقاة 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3491


   [ 3552 ] مسألة 22 : يجوز أن يستأجر المالك أجيراً للعمل ، مع تعيينه نوعاً


ــ[352]ــ

ومقداراً بحصّة من الثمرة أو بتمامها بعد الظهور وبدو الصلاح (1) بل وكذا قبل البدو (2) بل قبل الظهور أيضاً ((1)) إذا كان مع الضميمة الموجودة أو عامين (3) .

   وأما قبل الظهور عاماً واحداً بلا ضميمة فالظاهر عدم جوازه ، لا لعدم معقولية تمليك ما ليس بموجود (4) لأ نّا نمنع عدم المعقولية بعد اعتبار العقلاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فإنه حينئذ مال موجود بالفعل ، فيصحّ جعله عوضاً لعمل محترم .

   (2) لما تقدّم ، سواء اشترط عليه البقاء حتى يدرك أم لا ، فإنه وبوضعه الحالي أمر موجود بالفعل فتصحّ المعاوضة عليه .

   (3) تقدّم التعرّض لهذه المسألة في كتاب الإجارة . وقد عرفت أنّ الصحيح هو القول بالمنع ، لعدم الدليل على صحة هذه المعاملة في مقام الإثبات ، فإنّ الإجارة تبديل للمنفعة أو العمل من جهة والاُجرة من جهة اُخرى ، فلا تصحّ مع كون الاُجرة معدومة والمستأجر غير مالك لها بالفعل .

   والحاصل أنّ الإجارة إنما تتضمن التمليك ، وهو لا يتعلق إلاّ بالموجود في الخارج أو في الذمة لأنه بحكم الموجود الخارجي . وأمّا ما لا وجود له بالفعل ، فلا يصحّ تعلق الملكيّة به . ولذا لا يذهب أحد إلى صحة إجارة شخص على عمل ، بإزاء ما سيرثه من أبيه عند موته .

   ومما ذكرناه يظهر أنه لا مجال لإثبات حكم البيع لما نحن فيه والقول بالصحّة مع الضميمة ، فإنه قياس محض ولا مجال لقبوله .

   (4) فإنه أمر معقول في نفسه ، فإنّ التمليك أمر اعتباري وهو سهل المؤونة، فيصحّ تعلقه بالمعدوم، كما يصحّ أن يكون المالك غير شاعر أو كلي ، كملكيّة المسجد لأثاثه والسادة للخمس والفقراء للزكاة ، على القول بملكيتهم لها .

   بل الوقوع خير دليل على الإمكان ، حيث يصحّ بيع الثمار مع الضميمة . إلاّ أنّ الإشكال وكما عرفت ليس من هذه الجهة ، وإنما هو من حيث مقام الإثبات ، إذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، وإسراء حكم البيع إلى الإجارة قياس .

ــ[353]ــ

وجوده لوجوده المستقبلي ، ولذا يصحّ مع الضميمة أو عامين ، حيث إنهم اتفقوا عليه في بيع الثمار ، وصرح به جماعة ههنا . بل لظهور اتفاقهم على عدم الجواز ، كما هو كذلك في بيع الثمار .

   ووجه المنع هناك ((1)) خصوص الأخبار الدالّة عليه ، وظاهرها أنّ وجه المنع الغرر ، لا عدم معقولية تعلق الملكيّة بالمعدوم . ولولا ظهور الإجماع في المقام ، لقلنا بالجواز (1) مع الاطمئنان بالخروج بعد ذلك ، كما يجوز بيع ما في الذمة مع عدم كون العين موجوداً فعلاً عند ذيها ، بل وإن لم يكن في الخارج أصلاً .

   والحاصل أنّ الوجود الاعتباري يكفي في صحّة تعلق الملكيّة ، فكأنّ العين موجودة في عهدة الشجر ، كما أنها موجودة في عهدة الشخص .

   [ 3553 ] مسألة 23 : كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك (2) وللعامل اُجرة المثل لعمله (3) . إلاّ إذا كان عالماً بالبطلان ومع ذلك أقدم على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا دليل على صحة هذه المعاملة .

   (1) قد عرفت أنّ وجه المنع إنما هو عدم الدليل على صحة هذه المعاملة ، ومن هنا فلا وجه للالتزام بصحتها حتى مع عدم تمامية الإجماع وانتفاء الغرر .

   (2) لتبعيته للشجر في الملك .

   (3) لأنه عمل محترم صدر عن أمر الغير به مجاناً ، حيث إنه إنما أتى به بإزاء الحصة من الثمر ، فإذا لم يسلّم له ذلك العوض لاستيفاء المالك للثمر بأكمله نظراً لفساد العقد فلا بدّ للمالك من تدارك عوضه بدفع اُجرة مثل عمله له كي لا يذهب سدى .

   نعم ، لا بدّ من تقييد إطلاق الحكم بما إذا لم تكن الاُجرة أكثر من الحصّة المجعولة له ، وإلاّ فليس له إلاّ الأقل ، لإقدامه على إلغاء احترام ماله بالنسبة إلى الزائد عن ذلك المقدار .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدم وجه المنع في بحث الإجارة .

ــ[354]ــ

العمل ((1)) (1) أو كان الفساد لأجل اشتراط كون جميع الفائدة للمالك (2) حيث إنه بمنزلة المتبرع في هاتين الصورتين ، فلا يستحقّ اُجرة المثل على الأقوى وإن كان عمله بعنوان المساقاة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد عرفت غير مرة ، أنّ العلم بالبطلان لا يعني بالضرورة الإقدام على المجانية فالفساد إنما هو بلحاظ الحكم الشرعي لا بلحاظ بناء المتعاقدين ، فإنّ عدم إمضاء الشارع له شيء ، وإقدام العامل على العمل مجاناً شيء آخر .

   إذن فالصحيح هو القول بالضمان ، سواء علم العامل بالبطلان أم جهل به . فإنّ المالك قد استوفى عملاً محترماً صادراً عن أمره لا بقصد التبرع ، فيكون ضامناً له لا محالة بعد أن لم يسلّم له ـ العامل ـ المسمى في العقد .

   (2) فإنه وبذلك يدخل في كبرى : «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» . وليس الوجه فيه إلاّ أنّ عمل العامل في هذه الصورة لم يكن مضموناً على المالك باعتبار أنّ الأمر به إنما كان على نحو التبرع والمجانية .

   هذا وقد ناقش فيه صاحب الجواهر (قدس سره) ، بدعوى أنّ العامل إنما قام بالفعل اعتقاداً منه للزوم العقد عليه ووجوب الوفاء به ، ومعه فلا يكون رضاه بالعمل رضىً منه به مجاناً (2) .

   وفيه : إنّ مجرد اعتقاده بذلك لا يوجب ثبوت العوض على المالك ، فإنّ الملاك إنما هو بصدور الفعـل عن أمره لا  مجاناً ، وحيث إنه غير متحقق في المقام فلا موجب لثبوت الضمان عليه ، ولذا لم يلتزم أحد بالضمان فيما لو تخيل العامل الإجارة فقام بالفعل بذلك الاعتقاد .

   والحاصل أ نّه لا  وجه لإثبات الضمان في المقام ، بعد أن كان العقد على تقدير صحّته يقتضي عدمه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العلم بالبطلان لا يوجب تبرّع العـامل بعمله ، وقد مرّ نظيره في المضاربة والمزارعة . نعم الأمر كما ذكر فيما إذا اشترط كون تمام الفائدة للمالك .

(2) الجواهر  27 : 68 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net