الخامس : عدم كونه محجوراً لسفه (3) إلاّ بإذن الولي ، وكذا المضمون له (4) . ولا بأس بكون الضامن مفلساً (5) فإنّ ضمانه نظير اقتراضه ، فلا يشارك المضمون له مع الغرماء . وأما المضمون له فيشترط عدم كونه مفلساً (6) . ولا بأس بكون المضمون عنه (7) سفيهاً أو مفلساً ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــ (3) لكونه محجوراً عليه ، فلا يصحّ ضمانه من غير إذن الولي .
(4) لكون قبوله بانتقال ماله من ذمّة إلى اُخرى تصرّف ، وهو ممنوع منه بمقتضى أدلّة الحجر .
(5) فإنّ الحجر إنما يختص بأمواله دون ذمّته ، فلا بأس بتصرّفاته العائدة إليها غاية الأمر أنّ المضمون له لا يشترك مع الغرماء في الضرب في أمواله الموجودة بالفعل ، فإنها تختص بما عداه من الغرماء ، لتعلق حقّهم بها قبل الضمان ، فيكون حال ضمانه هذا حال القرض الجديد .
(6) لكونه ممنوعاً من التصرّف في أمواله ، بنقل أو إبراء أو غيرهما من الأسباب . وحيث إنّ دَينه هذا من جملة أمواله ، فلا يجوز له التصرّف فيه بنقله من ذمّة إلى اُخرى .
(7) لما عرفته من كونه أجنبياً عن العقد بالمرة . فإنّ المال للغير وأمره بيده ، فله أن
ــ[396]ــ
لكن لا ينفع إذنه في جواز الرجوع عليه((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتصرّف فيه كيفما يشاء ، وذمّة المضمون عنه ليست إلاّ وعاءً لهذا المال فلا سلطنة له عليه .
(1) ظاهر العبارة أنه ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه السفية أو المفلس . وهو مما لا يمكن المساعدة عليه بإطلاقه ، فإنه إنما يتمّ بالنسبة إلى السفيه ، وأما المفلس فلا وجه للقول بعدم جواز الرجوع عليه ، بعد أن كان الضمان بأمره وطلبه .
وذلك لأنه وبضمانه هذا ، يملك ما كان للدائن الأوّل ـ المضمون له ـ في المال الموجود بالفعل والمحكوم عليه بالحجر ، لأنه يقابل الدين ، فينتقل إلى ملك من ملك الدين وانتقل إليه .
وبعبارة اُخرى : إنّ أمر المضمون عنه بالضمان لا يعدّ تصرفاً في ماله وتعلّق به حق الغرماء ، لأنه لا يوجب إلاّ المبادلة بين تمام دين المضمون عنه ونصيبه من المال الموجود ، فإنّ الدَّين ينتقل إلى ذمّة الضامن وبإزاء ذلك يكون له نصيب الدائن الأوّل من المال المحجور عليه ، لكونه عوضاً عنه .
نعم ، بالنسبة إلى المقدار الزائد عن نصيب المضمون له في المال الموجود ، لا مجال لمشاركة الضامن للغرماء في نصيبهم ، فإنه مختصّ بهم قبل الضمان ، فيكون حاله في ذلك حال الدَّين الجديد ، حيث قد عرفت أنه يثبت في الذمّة .
والحاصل : إنّ الضمير في قول الماتن (قدس سره) : (لكن لا ينفع إذنه في جواز الرجوع عليه) إذا كان راجعاً إلى السفيه والمفلس معاً ، فهو مما لا يمكن المساعدة عليه ، لعدم ثبوت ذلك بالنسبة إلى الثاني . وإن كان راجعاً إلى خصوص السفيه ، كما يحتمل إرادته واقعاً وإن كان بعيداً عن ظاهر العبارة جداً ، فالأمر كما أفاده (قدس سره) .
نعم ، لو كان المراد من العبارة نفي جواز الرجوع على المفلس فيما إذا ضمنه بأمره في غير الدين الذي حجر عليه لأجله ، بمعنى أن يكون الضمان لدين جديد متأخر عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي في أمواله الموجودة التي تكون مورداً للحجر .
ــ[397]ــ
السادس : أن لا يكون الضامن مملوكاً غير مأذون من قبل مولاه على المشهور لقوله تعالى : (لا يَقْدِرُ على شَيء ) (1) . ولكن لا يبعد صحّة ضمانه وكونه في ذمّته يتبع به بعد العتق ، كما عن التذكرة والمختلف . ونفي القدرة منصرف عمّا لا ينافي حقّ المولى (2) . ودعوى أنّ المملوك لا ذمّة له ، كما ترى ، ولذا لا إشكال في ضمانه لمتلفاته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحجر ، فهو صحيح ولا ريب فيه ، إلاّ أنه لا بدّ من تقييد إطلاقه بأمواله التي وقع الحجر عليها ، وإلاّ فالمال ثابت في ذمّته ، وللضامن الرجوع عليه به في غير تلك الأموال .
وكيف كان ، ففي خصوص تقدير أمر المفلس غيره بضمان دين خارج عما اقتضى الحجر ، يصحّ القول بعدم ثبوت حق الرجوع للضامن عليه في الجملة .
(1) بدعوى أنّ إطلاقها ، وخصوصاً بملاحظة استشهاد الإمام علي (عليه السلام) بها في صحيحة زرارة على نفي قدرته على الطّلاق (1) شامل لجميع العقود والإيقاعات الصادرة منه .
(2) مراده (قدس سره) من هذه الدعوى ، أنّ تصرفات العبد تكون على نحوين : فإنها قد تكون في نفسه بما هو عبد ومتصف بالمملوكية للغير ، وقد تكون في نفسه لا بما هو كذلك بل بما هو إنسان من الناس .
فالنحو الأوّل من التصرفات محكوم بالبطلان وعدم النفوذ ، لكونه تصرفاً في سلطان المولى ، فتشمله الآية الكريمة ، فإنّها لا تختص بتصرفه في الأموال كما توهّمه بعضهم ، بل تعمّ حتى تصرفاته في نفسه بوصف كونه عبداً مملوكاً للغير .
ومن هذا القبيل الطلاق . فإنه إنما يصدر منه بعنوان كونه مملوكاً للمولى وعبداً له فلا يصحّ حتى ولو كان التصرف عائداً إلى نفسه .
وأما النحو الثاني ، فحيث إنه لا يعدّ تصرفاً في سلطان المولى ، لأنه إنما يقوم به بما هو إنسان ، فلا وجه للحكم بعدم نفوذه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب مقدّمات الطّلاق ، ب 45 ح 1 .
ــ[398]ــ
هذا وأمّا إذا أذن له مولاه ، فلا إشكال في صحّة ضمانه (1) . وحينئذ فإن عيّن كونه في ذمّته نفسه ، أو في ذمّة المملوك يتبع به بعد عتقه ، أو في كسبه ، فهو المتّبع (2) . وإن أطلق الإذن ، ففي كونه في ذمّة المولى ، أو في كسب المملوك ، أو في ذمّته يتبع به بعد عتقه ، أو كونه متعلقاً برقبته ، وجوه وأقوال . أوجهها الأوّل لانفهامه عرفاً (3) كما في إذنه في الاستدانة لنفقته أو لأمر آخر ، وكما في إذنه في التزويج حيث إنّ المهر والنفقة على مولاه .
ودعوى الفرق بين الضمان والاستدانة ، بأنّ الاستدانة موجبة لملكيته وحيث إنه لا قابلية له لذلك يستفاد منه كونه على مولاه ، بخلاف الضمان حيث إنه لا ملكيّة فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن هذا القبيل الضمان . فإنّ العبد إنما يقوم به بما هو إنسان له ذمّة وأجنبي عن المولى بالمرّة ، حيث يثبت المال في ذمّته يتبع به بعد العتق ، ومعه فلا تشمله الآية الكريمة .
(1) بلا إشكال فيه ولا خلاف ، إذ العبد ليس كالمجنون قاصر العبارة ، بل حاله في ذلك حال العقلاء من الأحرار ، غاية الأمر أنّ تصرفه غير نافذ لاحتفافه بمانع عبوديته ومملوكيته للغير ، فيصحّ مع إذن المولى له في ذلك .
(2) أما الأوّل فواضح ، وأما الأخيران فلرجوع التعيين إلى تقييد إذنه له في الضمان بذلك .
(3) وليس المراد به أن الإذن بمنزلة التوكيل ، فيكون الضامن في الحقيقة هو الآمر وأما العبد فلا يقوم إلاّ بدور الإنشاء ، حتى يشكل عليه بما في الجواهر ، من كونه خلفاً وخروجاً عن محل الكلام(1) إذ الكلام إنما هو في ضمان العبد بإذن المولى بتوكيل العبد فيه ، فإنّ فيه لا ينبغي الإشكال في ثبوته في الذمّة كما هو الحال في جميع موارد الوكالة ، فإنّ العوض والبدل إنما يثبت على الموكّل دون الوكيل .
وإنما المراد به كما هو ظاهر العبارة ، ضمان العبد بإذن مولاه ، بحيث يكون العبد هو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 26 : 116 .
ــ[399]ــ
مدفوعة بمنع عدم قابليته للملكية(1). وعلى فرضه أيضاً لايكون فارقاً بعد الانفهام العرفي(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضامن بالأصالة ، ومع ذلك يقال بثبوت المال في ذمّة المولى .
وكيف كان ، فالأمر كما ذكره (قدس سره) . وذلك لأنّ العبد قد يضمن لشخصه بما هو شخص وإنسان مع قطع النظر عن كونه عبداً مملوكاً للغير ، وقد يضمن الغير بوصف كونه مملوكاً للغير وعبداً له .
ففي الأوّل : بناءً على صحته كما اخترناه ، لا مجال للقول بثبوته في ذمّة المولى ، بل المتعيّن هو القول بثبوته في ذمّة العبد يتبع به بعد العتق والحرية ، إذ قبله يكون هو وما في يده مملوكاً للغير ، فلا يصحّ مطالبته بشيء ما دام هو كذلك .
وفي الثاني : يتعيّن القول بكونه في ذمّة المولى ، وأنه هو المطالب به وكأنه هو الضامن له ، ما لم تكن هناك قرينة على الخلاف .
إلاّ أنّ ضمانه هذا إنما يكون في طول ضمان العبد نفسه لا في عرضه ، فإنّ العبد يملك ومن هنا فهو المطالب أوّلاً بما ضمنه ، لكن ضمانه هذا لما كان بوصف كونه عبداً للغير وكان المولى يملك العبد وما يملكه ، كان هو المطالب به في طول مطالبة العبد به .
نظير استدانة العبد لنفسه بإذن المولى ، فإنّه يكون في ذمّة المولى ، ويكون هو المطالب به في طول مطالبة العبد به . والحاصل أنّ العبد لما كان مديناً بوصف كونه مملوكاً للغير ، كان المولى هو المطالب بدينه ، لأنه يملكه ويملك ما في يده .
إذن فالصحيح في المقام هو القول بضمان المولى لما ضمنه عبده بإذنه بوصف كونه عبداً ومملوكاً له ، ما لم يقيد المولى إذنه بكونه في ذمّته يتبع به بعد العتق ، على ما يقتضيه الفهم العرفي .
(1) حيث قد عرفت أنّ الصحيح أ نّه يملك ، وأنّ مالكية المولى لتلك الأموال إنما هي في طول ملكيّته ـ العبد ـ لها أوّلاً .
(2) لما عرفته من أنّ مقتضاه ضمان المولى لما ضمنه عبده بإذنه ، بوصف عبوديته له .
ــ[400]ــ
السابع: التنجيز(1). فلو علّق الضمان على شرط، كأن يقول: أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي، أو ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا، أو إن لم يف أصلاً، بطل على المشهور((1)). لكن لا دليل عليه ، بعد صدق الضمان وشمول العمومات العامة ، إلاّ دعوى الإجماع في كلّي العقود على أنّ اللازم ترتّب الأثر عند إنشاء العقد من غير تأخير ، أو دعوى منافاة التعليق للإنشاء (2) . وفي الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التنجيز في الاصطلاح يقابل أمرين على سبيل منع الخلو .
فتارة يستعمل بمعنى الفعلية في قبال التعليق وتأخر زمان المنشأ عن زمان الإنشاء ، بحيث يكون الإنشاء فعلياً في حين لا يحصل المنشأ إلاّ عند تحقّق المعلّق عليه في ظرفه ، وإن كان أمراً معلوم الحصول عندئذ كالتعليق على طلوع الشمس في يوم غد ، بحيث لا يكون ضامناً بالفعل وإنما ينتقل المال من ذمّة المدين إلى ذمته عند تحقّق المعلّق عليه ، وبذلك يكون هذا العقد في الحقيقة من إنشاء الضمان المتأخر على نحو الشرط المقارن .
واُخرى يستعمل فيما يقابل تعليق العقد الفعلي على أمر آخر ، معلوم الحصول أو مجهوله .
وقد يجتمع الأمران معاً ، فيكون المنشأ متأخراً عن الإنشاء زماناً ، كما يكون المعلّق عليه أمراً مشكوك الحصول .
وكيف كان ، فالذي لا ينبغي الإشكال فيه هو عدم البطلان في فرض تعليق العقد الفعلي على أمر معلوم الحصول والتحقق لدى الطرفين بالفعل ، لأنه في الحقيقة ليس من التعليق فإنه منجز ، وإنما الإنشاء صيغ بصورة تشبه التعليق .
وأما القسمان الآخران ـ تعليق المنشأ على أمر متأخر ، وتعليق العقد الفعلي على أمر مجهول ـ فسيظهر حالهما مما سيأتي .
(2) فإنه عندهم بمعنى الإيجاد ، وهو متّحد مع الوجود حقيقة وإن اختلفا اعتباراً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال ، والاحتياط لا يترك .
ــ[401]ــ
ما لا يخفى (1) . وفي الأوّل منع تحقّقه في المقام (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن هنا فلا يمكن فرض الإيجاد بالفعل مع فرض عدم الوجود كذلك ، بأن يكون معلّقاً على أمر سيتحقق في المستقبل .
(1) فإنّ الإنشاء وعلى ما حققناه مفصلاً في المباحث الاُصولية ، ليس من الإيجاد في شيء وإن ذهب إليه غير واحد من الأصحاب . وعلى تقدير تسليمه ، فليس التعليق هنا في الإيجاد ونفس الإنشاء ، وإنما هو في الأمر الاعتباري أعني المعتبر ، فإنه قد يفرض مطلقاً وقد يفرض مقيداً .
فإنّ الاعتبار والإنشاء كما يتعلقان بالأمر المطلق يتعلقان بالأمر المقيد ، فقد يُنشئ الإنسان الملكيّة المطلقة وقد يُنشئ الملكيّة المقيدة ، فهما من هذه الناحية أشبه شيء بالواجب المطلق والواجب المشروط .
ولا يلزم من ذلك أي انفكاك بين الإنشاء والمنشأ والاعتبار والمعتبر ، فإنّ الملكيّة المقيّدة موجودة بالفعل بالاعتبار ، كما هو الحال في الوصية والتدبير .
بل يمكن القول بذلك في الوجود الحقيقي أيضاً ، إذ يصحّ تعلّق اللحاظ والتصوّر بالأمر الاستقبالي كقيام زيد في يوم غد ونحوه ، فإنّ قيامه كذلك موجود بالفعل بالوجود الذهني ، والحال أنّ الوجود الذهني نوع من الوجود الحقيقي .
والحاصل أنّ التعليق في المقام ليس في نفس الإنشاء والاعتبار ، وإنما هو في المنشأ والمعتبر . ولا مانع منه ، فإنّ كلاًّ منهما موجود بالفعل ، وليس المفقود إلاّ فعلية الملكيّة .
(2) في قبال المقام الأوّل ، أعني تعليق العقد على الأمر المتأخر وإن علم حصـوله فإنه لا يبعد القول بتحققه فيه .
بل ولو لم يتمّ ذلك ، فالحكم بالصحة فيه مشكل أيضاً ، نظراً لعدم شمول العمومات له ، لما عرفته من ظهورها في اعتبار كون الوفاء من حين العقد ، وعدم انفكاك المعتبر عن حين الاعتبار .
ولا يبعد دعوى كون بناء العقلاء على ذلك أيضاً ـ في غير الوصية والتدبير ـ
ــ[402]ــ
وربّما يقال : لا يجوز تعليق الضمان ، ولكن يجوز تعليق الوفاء على شرط مع كون الضمان مطلقاً . وفيه : إنّ تعليق الوفاء عين تعليق الضمان ، ولا يعقل التفكيك (1) .
نعم ، في المثال الثاني يمكن أن يقال ((1)) بإمكان تحقق الضمان منجزاً مع كون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث لم يعهد صدور مثله منهم ، بأن يجري عقد النكاح مع المرأة الآن على أن تكون هي زوجة له من غد ، وهكذا .
وأما في المقام ، أعني التعليق على أمر فعلي مشكوك الحصول ككونه هاشمياً ونحوه ، فلم يتم إجماع على إيجابه لفساد العقد ، ولا سيما في الضمان حيث لا يتضمّن أيّ نوع من التمليك والتملك .
(1) لأنّ الوفاء إذا كان مقيَّداً بشيء كان مرجعه إلى عدم الضمان عند عدم ذلك التقدير ، إذ لا معنى لعدم الوفاء إلاّ عدم الضمان ، وإلاّ فلا معنى لكون الضمان مطلقاً مع تعليق الوفاء على أمر غير متحقق .
نعم ، لا بأس بالتعليق على أمر معدوم التحقق بعد ذلك ، فإنه خارج عن محلّ الكلام لا يتمّ في خصوص المثال الثاني ، أعني تعليق الضمان على عدم وفاء المدين . فإنه لا بدّ من القول فيه بالبطلان حتى بناءً على القول بصحة التعليق في الضمان ، وذلك لأنّ مرجع التعليق على عدم الوفاء بقاء الدَّين في ذمّة المدين إلى حين الأداء ، وهو ينافي مذهبنا في الضمان وكونه نقل ذمّة إلى اُخرى ، وإنما ينسجم مع مذهب العامّة من كونه ضمّ ذمّة إلى اُخرى .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعله يريد بذلك أنّ الضمان في مورد تعليق الوفاء على عدم وفاء المديون ، ليس بمعنى النقل إلى الذمة ليرجع تعليق الوفاء عليه إلى تعليق الضمان ، بل هو بمعنى تعهّد ما في ذمّة الغير على حذو تعهّد العين الخارجية ، وعليه فالضمان فعليّ وأثره الانتقال إلى الذمة على تقدير عدم وفاء المديون ، كما أنّ أثره في ضمان العين الخارجية ذلك على تقدير تلفها . وعلى هذا فلا بأس بما أفاده (قدس سره) ، ولا يبعد أن يكون الضمان بالمعنى المزبور من المرتكزات العرفية .
ــ[403]ــ
الوفاء معلقاً على عدم وفاء المضمون له (1) لأنه يصدق أنه ضمن الدَّين على نحو الضمان في الأعيان المضمونة ، إذ حقيقته قضية تعليقية . إلاّ أن يقال بالفرق بين الضمان العقدي والضمان اليدي . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولعل مراده (قدس سره) من كلامه هذا يرجع إلى إرادة معنى آخر غير المعنى المصطلح من الضمان ، أعني نقل ما في ذمّة إلى اُخرى .
وقد يكون هذا المعنى هو التعهّد بالمال وكون مسؤوليته عليه من دون انتقاله بالفعل إلى ذمّته ، كما هو الحال في موارد ضمان العارية مع الشرط ، أو كون العين المستعارة ذهباً أو فضة . فإنّ ضمانها ليس بالمعنى المصطلح جزماً ، إذ لا ينتقل شيء بالعارية إلى ذمة المستعير ، فإنّ العين لا تقبل الانتقال إلى الذمة وهو غير مشغول الذمة ببدلها قبل تلفها ، فليس ضمانها إلاّ بمعنى كون مسؤوليتها في عهدته ، بحيث يكون هو المتعهد بردّها ولو مثلاً أو قيمة عند تلفها ، ونتيجة ذلك إلزام المستعير بردّها عيناً أو مثلاً أو قيمة .
وبهذا المعنى يستعمل الضمان في موارد كثيرة ، كقولهم : «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي»(1) و «أنّ الغاصب ضامن»(2) . فإنه لا يراد به إلاَّ التعهد وكونه هو المسؤول عن المال ، وإلاّ فهو غير مشغول الذمة ببدله فعلاً .
وكيف كان ، فإذا صحّ مثل هذا الضمان في الأعيان الخارجية كموارد اليد والعارية فليكن ثابتاً في الاُمور الثابتة في الذمة أيضاً ، فإنه لا يبعد دعوى كونه متعارفاً كثيراً في الخارج ، فإنّ أصحاب الجاه والشأن يضمّون المجاهيل من الناس من دون أن يقصد بذلك انتقال المال بالفعل إلى ذممهم ، وإنما يراد به تعهّدهم به عند تخلّف المضمون عنه عن أدائه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 25 : 461 كتاب اللفظة ، ب 16 ذيل الحديث 2 .
(2) انظر الوسائل 28 : 265 ـ 266 كتاب الحدود والتعزيرات ، ب 10 ذيل الحديث 5 .
|