[ 3582 ] مسألة 15 : لو باعه أو صالحه المضمون له بما يساوي أقلّ من الدَّين ، أو وفّاه الضامن بما يساوي أقلّ منه ، فقد صرّح بعضهم بأ نّه لا يرجع على المضمون عنه إلاّ بمقدار ما يساوي . وهو مشكل بعد كون الحكم على خلاف القاعدة ((1)) (2) وكون القدر المسلّم غير هذه الصور وظاهر خبر الصلح الرِّضا من
ـــــــــــــــــــــــــ (2) وفيه : ما عرفته في محله من كون الحكم على القاعدة ، حيث لا موجب لإثبات الضمان قبل الأداء ، فإنّ الأمر إنما يوجبه بشرط الوفاء خارجاً ، باعتبار أنّ الخسارة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظاهر أنه لا إشكال فيه ، والحكم على طبق القاعدة ، وخبر الصلح مطلق .
ــ[428]ــ
الدَّين بأقلَّ منه (1) لا ما إذا صالحه بما يساوي أقلَّ منه . وأمّا لو باعه أو صالحه أو وفّاه الضامن بما يساوي أزيد ، فلا إشكال في عدم جواز الرجوع بالزيادة (2) .
[ 3583 ] مسألة 16 : إذا دفع المضمون عنه إلى الضامن مقدار ما ضمن قبل أدائه ، فإن كان ذلك بعنوان الأمانة ليحتسب بعد الأداء عما عليه ، فلا إشكال ويكون في يده أمانة ، لا يضمن لو تلف إلاّ بالتعدي أو التفريط (3) .
وإن كان بعنوان وفاء ما عليه ، فإن قلنا باشتغال ذمّته حين الضمان وإن لم يجب عليه دفعه إلاّ بعد أداء الضامن ، أو قلنا باشتغاله حينه بشرط الأداء بعد ذلك على وجه الكشف ، فهو صحيح ويحتسب وفاءً ، لكن بشرط حصول الأداء من الضامن على التقدير الثاني .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكون عليه حينئذ بالسيرة القطعية .
(1) وفيه : أنه لا وجه له . فإنّ النصّ مطلق ، ومقتضى قوله «صالح عليه» عدم الفرق بين كون ما صالح به من جنس الدَّين كي يستلزم الإسقاط والرضا من الدَّين بأقلّ منه ، وبين كونه من غير جنسه فيكون وفاءً له .
نعم ، النصّ مختصّ بالصلح ولا يعمّ البيع ، إلاّ أنه لا ينبغي الشكّ في عدم الخصوصية له ، وكون العبرة بما يخسره الضامن للمضمون له نتيجة للضمان .
إذن فالصحيح ما ذهب إليه المشهور ، من كون رجوع الضامن على المضمون عنه ـ في المقام ـ بمقدار ما يسوى ، لا مقدار الدَّين .
(2) لأن أمر المضمون عنه بالضمان ، لا يوجب إلاّ ضمانه عند أداء المأمور له بمقدار ما أمر به . وأمّا الزائد عنه فلما لم يكن عن أمره ، كان الضامن متبرعاً به ، ومعه فلا يصحّ له الرجوع عليه .
(3) على ما تقتضيه قواعد الأمانة .
ــ[429]ــ
وإن قلنا أنه لا تشتغل ذمّته إلاّ بالأداء وحينه ، كما هو ظاهر المشهور (1) فيشكل صحّته وفاءً ، لأنّ المفروض عدم اشتغال ذمّته بعد ، فيكون في يده كالمقبوض بالعقد الفاسد (2) . وبعد الأداء ليس له الاحتساب إلاّ بإذن جديد ، أو العلم ببقاء الرضا به (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وتقتضيه القواعد ، على ما عرفت .
(2) كما هو الحال فيما لو دفع إلى غيره مالاً بتوهم كونه مديناً له ، فإنه لا يعدّ وفاءً لعدم مصادفته لاشتغال الذمّة ، بل يبقى المال على ملك مالكه الأوّل ـ الدافع ـ ويكون في يد الثاني من قبيل المقبوض بالعقد الفاسد، فيكون تصرّفه فيه موجباً للضمان، نظراً لكونه تصرّفاً في مال الغير بغير حقّ ، كما هو الحال في سائر موارد المقبوض بالعقد الفاسد .
(3) ظاهر تقييده (قدس سره) للحكم بالعلم ببقاء الرضا به ، عدم كفاية الاستصحاب في مورد الشكّ. وهو الصحيح، إذ لا مجرى للاستصحاب في المقام، لتبدّل الموضوع . فإنّ ما كان متيقّناً في السابق ، الإذن في احتسابه في ذلك الوقت ، لا أثر له بالفعل لفوات ظرفه . وما له أثر بالفعل ، الإذن في الاحتساب بعد الأداء ، لم يكن ثابتاً في زمان كي يستصحب إلى حالة الشكّ .
فهو نظير إذن زيد لعمرو في سكنى دار لم يكن يملكه حين الإجازة ثمّ ملكه ، فإنه لا مجال للقول بكفايته لسكناه بالفعل لاستصحاب بقائه . فإنّ ما كان ثابتاً في السابق لا أثر له بالمرّة لكونه في غير محله ، وما ينفع بالفعل لم يكن ثابتاً في زمان كي يستصحب بقاؤه .
وبعبارة اُخرى : إنّ الأعراض والأفعال تختلف عن الجوهر في تعددها وتغايرها بحسب الأزمنة . فالقيام في هذا اليوم والقيام في اليوم السابق فردان من القيام مختلفان بخلاف وجود زيد في هذا اليوم ووجوده في اليوم السابق ، فإنهما ليسا بوجودين مختلفين ، وإنما هما وجود واحد لشخص واحد .
ومن هنا فلا مجال لإجراء الاستصحاب في الأوّل ، وإثبات الفعل الثابت في الزمان
|