لو قال الضامن عليّ ما تشهد به البيّنة - جواز الدَّور في الضمان 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3620


   [ 3596 ] مسألة 29 : لو قال الضامن : عليّ ما تشهد به البيّنة ، وجب عليه أداء ما شهدت بثبوته حين التكلم بهذا الكلام ، لأنها طريق إلى الواقع وكاشف عن كون الدَّين ثابتاً حينه .

   فما في (الشرائع) من الحكم بعدم الصحّة لا وجه له، ولا للتعليل الذي ذكره بقوله: لأنه لا يعلم ثبوته في الذمّة(2). إلاّ أن يكون مراده في صورة إطلاق البيّنة المحتمل للثبوت بعد الضمان(3).

   وأمّا ما في الجواهر، من أنّ مراده بيان عدم صحّة ضمان ما يثبت بالبينة من حيث كونه كذلك(4) لأنه من ضمان ما لم يجب، حيث لم يجعل العنوان ضمان ما في ذمّته لتكون البيّنة طريقاً(5) بل جعل العنوان ما يثبت بها، والفرض وقوعه قبل

 ـــــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) حيث قد عرفت في المسألة السابقة ، عدم اعتبار علم الضامن بثبوت الدَّين حين الضمان ، فلا بأس في الضمان على تقدير الثبوت . ولا يقدح التعليق فيه ، لكونه تعليقاً على الموضوع والعنصر المقوِّم للمفهوم .

   (3) بمعنى إنشاء الضمان المتأخر من الآن ، فإنه باطل جزماً . إلاّ أنه احتمال بعيد جداً عن ظاهر عبارته (قدس سره) وخارج عن محل الكلام .

   (4) بمعنى تعلّق الضمان بالدَّين المقيد بقيام البيّنة عليه ، فإنه من ضمان ما لم يجب باعتبار أنه غير موجود حين الضمان ، وإنما يحدث عند قيام البيّنة عليه .

   (5) أي لم يجعل المضمون هو الدَّين الواقعي على إطلاقه مع جعل البينة كاشفة له

ــ[452]ــ

ثبوته بها . فهو كما ترى لا وجه له (1) .

   [ 3597 ] مسألة 30 : يجوز الدَّور في الضمان (2) بأن يضمن عن الضامن

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كي يقال إنه كان ثابتاً وموجوداً حين الضمان . وإنما جعل المضمون هو الدَّين المقيّد بقيام البينة عليه ، وهو لا يعقل وجوده قبل قيام البينة عليه .

   (1) أمّا أوّلاً : فلعدم انطباق ما ذكره (قدس سره) على ما علل به المحقق (قدس سره) الفساد في الشرائع ، فإنه (قدس سره) إنما علله بعدم العلم باشتغال ذمّة المضمون عنه بالدَّين(1) . في حين إنّ مقتضى كلام صاحب الجواهر (قدس سره) كون اشتغال ذمّة المضمون عنه بالدَّين حين الضمان معلوم العـدم ، لأنه مقيّد بقيام البيِّنة وهو غير موجود حين الضمان .

   وبعبارة اُخرى : إنّ تعليل صاحب الجواهر (قدس سره) البطلان بكونه من ضمان ما لم يجب(2) ، أجنبي عن عبارة المحقق (قدس سره) ، فلا مجال لحملها عليه .

   وثانياً : إنّ تعليل البطلان بكونه من ضمان ما لم يجب ، غير صحيح في نفسه ، ومع قطع النظر عن انطباقه على عبارة المحقق (قدس سره) وعدمه . وذلك لعدم قابلية الدَّين الثابت في الذمّة للتقييد بقيام البينة عليه وعدمه ، فإنّ الدَّين الثابت في الذمّة فرد واحد للدَّين قد تقوم عليه البيّنة وقد لا تقوم ، وليس أحدهما مغايراً للآخر ، كي يقال بأن ما قامت عليه البيّنة لم يكن موجوداً حين الضمان ، وما كان موجوداً حينه لم يتعلّق به الضمان .

   وبعبارة اُخرى : إنّ قيام البيّنة على الدَّين لا يجعل الفرد الواحد فردين مختلفين ومتغايرين ، بل هو فرد واحد يشتمل على الوصف تارة ويفقده اُخرى .

   فيكون هذا الضمان من ضمان الدَّين على تقدير ثبوته ، فيحكم بصحّته ، لكونه من التعليق على أمر مقوم له ، ولا وجه لأن يقال بأنه غير موجود حين الضمان .

   (2) إذ لا فرق في صحّة الضمان بحسب أدلّته بين دين وآخر ، سواء أكان ذلك من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع  2 : 125 .

(2) الجواهر  26 : 133 .

ــ[453]ــ

ضامن آخر ، ويضمن عنه المضمون عنه الأصيل . وما عن (المبسوط) من عدم صحّته لاستلزامه صيرورة الفرع أصلاً وبالعكس (1) ولعدم الفائدة لرجوع الدَّين كما  كان .

   مدفوع بأنّ الأوّل غير صالح للمانعية(2) بل الثاني أيضاً كذلك (3) . مع أنّ الفائدة تظهر في الإعسار واليسار(4) وفي الحلول والتأجيل ، والإذن وعدمه.  وكذا

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جهة الشراء أو القرض أو الإتلاف أو الضمان أو غيرها من الأسباب ، فإنّ أدلّة الضمان شاملة للكلّ على حدّ سواء .

   (1) فإنّ المدين الأوّل ـ الأصل ـ ينقلب فرعاً في الضمان الثاني ، حيث يتلقى الدَّين من الضامن الأوّل. في حين إنّ الفرع في الأوّل ـ الضامن ـ يصبح أصلاً، لانتقال الدَّين منه إلى الضامن الجديد ـ المضمون عنه الأوّل ـ  .

   (2) فإنه كلام صوري لا محصّل له . فإنّ انقلاب الفرع أصلاً وبالعكس لا يتصوّر في معاملة واحدة ، فإنهما من المتضادّين ، وهما لا يجتمعان في شخص واحد في آن واحد وبالقياس إلى معاملة واحدة . وتصوّرهما في معاملتين وإن كان أمراً ممكناً ، بأن يكون الأصل في المعاملة الاُولى فرعاً في الثانية ، إلاّ أنه لا محذور فيه بالمرّة . فيجوز لمن باع داره من زيد ثمّ باعه زيد من عمرو أن يشتريه منه إجماعاً ، والحال أنه موجب لاتصافه بالبائع والمشتري بلحاظ معاملتين .

   (3) فإنه كيف يمكن نفي الفائدة في الثاني ، مع استلزامه لاشتغال ذمّة المضمون عنه الأوّل بالدَّين بعد أن كانت بريئة منه ! فإنّ ما يملكه المضمون له ينتقل إلى ذمّته ويكون هو الملزم به .

   فهو نظير ما لو اشترى داره ثانياً، أو وهبه الموهوب له العين الموهوبة، وهل يصحّ أن يقال ببطلانهما لعدم الفائدة فيهما؟!

   (4) بناءً على ما اختاره الماتن (قدس سره) وفاقاً للمشهور ، من ثبوت الخيار للمضمون له عند ظهور إعسار الضامن حين العقد .

   وأما بناءً على ما اخترناه من عدم ثبوت الخيار ، فلا مجال لهذه الثمرة .

ــ[454]ــ

يجوز التسلسل بلا إشكال(1) .
ـــــــــــــــــــــ

   (1) لما تقدّم في الدور بعينه . فإنّ مقتضى أدلّة الضمان صحّة ضمان كلّ دين ، مع قطع النظر عن منشَئِه وسببه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net