حكم الضمان عن الفقير - كون الدين زكاة أو خمساً 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4785


   [ 3598 ] مسألة 31 : إذا كان المديون فقيراً يجوز أن يضمن عنه بالوفاء ، من طرف الخُمس أو الزّكاة أو المظالم أو نحوها من الوجوه التي تنطبق عليه(2) إذا كانت ذمّته مشغولة بها فعلاً ، بل وإن لم تشتغل فعلاً ، على إشكال((1)) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) وفيه ما لايخفى. لأنه (قدس سره) إن أراد به كون الضمان على ما في ذمّته من الحقوق الشرعية، بأن يكون الشخص بريء الذمّة ويكون المال هو المدين والمتعهد به، فقد عرفت فساده في كتاب الزكاة، عندما جوّز الماتن (قدس سره) الاقتراض للزكاة للصرف في الاُمور الخيرية اللازمة، فتكون هي المدينة ويؤدّي دَينها بعد ذلك مما يحصل منها.

   حيث ذكرنا أنه مما لا يمكن تصوّره وتعقله ، فإنّ الدَّين والمدين أمران متغايران لا يمكن اتحادهما . فمعنى الاستدانة لها كونها هي المدينة والمكلّفة بالأداء ، بحيث يجب عليها الوفاء مما تملكه ، ومن الواضح أنّ هذا لا ينسجم مع كون الأداء من نفسها .

   وبعبارة اُخرى : إنّ الحكم باشتغال الحقوق الشرعية بالدَّين ، لا يتلاءم مع الحكم بكون الأداء منها . فإنّ مقتضى الأوّل كون الأداء من غيرها ، في حين إنّ مقتضى الثاني كونها غير مدينة هي بنفسها ، إذ لا يعقل اتحاد الدَّين والمدين .

   وعلى هذا الأساس كان التزامنا في تلك المسألة بلا بدّيّة استدانة الحاكم لنفسه لكن لا بما هو هو وإنما بما هو حاكم وولي، وصرفه في الاُمور اللاّزمة ، ومن ثمّ تأدية دينه هذا من الزكاة .

   ومن هنا فلا يكون هو بما هو هو مشغول الذمّة بشيء ، ولذا لا يخرج شيء من ذلك من تركته ، بل يكون المقام والمنصب هو المتعهد بالدَّين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد عدم الجواز فيه ، بل وفي سابقه .

ــ[455]ــ

   [ 3599 ] مسألة 32 : إذا كان الدَّين الذي على المديون زكاة أو خمساً ، جاز أن يضمن عنه ضامن للحاكم الشرعي (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   على أننا لو تعقّلنا الاستدانة للزكاة وقلنا بكونها أمراً ممكناً ، فلا دليل على ثبوت الولاية لغير الحاكم في ذلك . وعليه فلا مجال لما ذكره (قدس سره) من جوازه لمن عليه الحقّ ، فإنّ غاية دليله ثبوت الولاية له في إخراجها وأدائها خاصّة ، وأمّا جعلها هي المدينة بحيث يكون الضمان في عهدتها ، فلا دليل على ثبوت الولاية له فيه .

   وتفصيل الكلام قد تقدّم في محله من مباحث الزكاة ، فراجع .

   وإن أراد به كون المكلف هو المتعهد بالدَّين ، بحيث يجعل نفسه هو مشغول الذمّة به ، لكن على أن يؤديه من الزكاة .

   ففيه : إنه لا يجوز له بالمرّة ، فإنها إنما تصرف في أداء دين الغارم الفقير ، فلا موجب لأداء دينه منها مع كونه غنياً موسراً ، وإن كان المضمون عنه فقيراً ، فإنّ الدَّين بالفعل دينه لا دين المضمون عنه .

   وبالجملة فما أفاده (قدس سره) من جواز الضمان عن الفقير بالوفاء من الحقوق الشرعية ، مما لا أساس له ولا يمكن المساعدة عليه .

   (1) إذ لا يعتبر في المضمون له كونه مالكاً للمال ، بل يكفي فيه كون أمره بيده بحيث يكون نقله منوطاً برضاه ، سواء أكان مالكاً أو وكيلاً أو ولياً . وحيث إنّ الحاكم الشرعي وليّ على الحقوق الشرعية ، كفى قبوله في صحّة الضمان ونقل الدَّين من ذمّة إلى اُخرى .

   إلاّ أنّ هذا الذي أفاده (قدس سره) لا يتمّ على إطلاقه إلاّ في بعض الموارد . فإنه إذا لم يكن الحقّ الثابت في ذمّة المدين أمراً عبادياً متوقّفاً على قصد القربة ـ كما هو الحال في الكفارات والمظالم ـ تمّ ما ذكره (قدس سره) على إطلاقه ، حيث يصحّ ضمان الغير له برضا الحاكم الشرعي مطلقاً .

   وأمّا إذا كان الحقّ أمراً عبادياً متوقّفاً على قصد القربة ـ كالزكاة والخمس ـ فلا

ــ[456]ــ

بل ولآحاد الفقراء ، على إشكال((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتمّ ما ذكره (قدس سره) على إطلاقه ، بل لا بدّ من التفصيل فيه بين الضمان التبرعي والإذني ، والحكم بالبطلان في الأوّل والصحّة في الثاني .

   وذلك لما ذكرناه في مبحثي الخمس والزكاة ، من أنّ أداء دين الغير وإن لم يكن يتوقّف على رضا المدين ، فيصحّ أداء الغير ويكون مسقطاً له ، لعدم الدليل على اعتبار كون المؤدّي هو المدين . إلاّ أنّ هذا الكلام لا يتمّ في الخمس والزكاة وما يشبههما من الحقوق الشرعية ، باعتبار كونهما من الاُمور العبادية ، فلا بدّ في أدائهما من استناد الفعل إلى من وجب عليه الحقّ مع قصده للقربة ، ومن هنا فلا يصحّ التبرع بهما من الغير .

   نعم ، تعتبر فيهما المباشرة . فيجوز الإعطاء مع التسبيب والتوكيل ، فيأمر به قاصداً فيه القربة ، كي يحصل المقومان معاً ، الاستناد إليه مع قصد القربة .

   وعليه ففيما نحن فيه حيث يكون الدَّين أمراً عبادياً ، لا يصحّ الضمان التبرعي ، ولا يكون دفعه ـ الضامن ـ للمال مسقطاً للواجب في ذمّة المديون ، إذ لا يكفي فيه مجرّد الأداء الخارجي ، بل المعتبر هو الأداء المقرون بالاستناد إليه مع قصد القربة ، وهو أمر غير متحقق .

   نعم ، لو أمر بالضمان قاصداً القربة به ، صحّ وبرئت ذمّته بأداء الضامن ، لاستناد الفعل إليه .

   والحاصل أنّ الصحيح هو التفصيل في المقام ، بين الديون الشرعية غير العبادية فيصحّ ضمانها بإذن الحاكم الشرعي مطلقاً ، والديون الشرعية العبادية حيث يصحّ الإذني منه دون التبرعي .

   (1) واضح ، حيث لم يظهر لجوازه وجه أصلاً . فإنّ آحاد الفقراء أجانب عن المال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا وجه لجوازه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net