ضمان ما يحدّثه المشتري في الأرض - لو قال ألقِ متاعك في البحر وعليّ ضمانه 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3809


ــ[474]ــ

   [ 3608 ] مسألة 41  :  الأقوى (1) ـ وفاقاً للشهيدين ((1)) ـ صحّة ضمان

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خارج عن محل الكلام ، أعني ضمان درك الثمن خاصّة .

   (1) بل الأقوى ما ذهب إليه المشهور .

   والوجه فيه ما عرفته في المسائل السابقة ، من عدم معقوليته إذا اُنشئ على نحو الفعلية، بأن أنشأ الضامن اشتغال ذمّته بالفعل بما ستشتغل به ذمة البائع بعد ذلك، فإنّ المعدوم غير قابل للانتقال إلى ذمّة الغير وثبوته فيها ، وبطلانه من القضايا التي قياساتها معها .

   نعم ، لو اُنشئ على نحو الواجب المشروط والضمان المتأخر ، فهو وإن كان معقولاً في حدّ ذاته إلاّ أنه باطل بلا خلاف ، للتعليق المجمع على بطلانه .

   ثمّ بناءً على ما اخترناه من بطلان الضمان على البائع ، فهل يصحّ ضمانه لا من قبل البائع ، بأن يتعهد الآمر تحمّل الخسارة بنفسه ومن غير رجوع على البائع بها ؟

   الأقوى فيه البطلان ، حيث لم يثبت بناء من العقلاء على الضمان الأمري فيما يرجع إلى المأمور به وحده ، فإنّ الغرس والبناء وما شاكلهما من المضمون له فيما يعتقده أرضه ، عمل متمحض له ولا يرتبط بغيره في شيء .

   ومن هنا فإنّ الأمر به أمر بما يرجع إليه ويخصه ، نظير أمره بالتجارة لنفسه مع التعهد بتحمّل الخسارة عنه ، ولم يثبت فيه بناء من العقلاء على الضمان .

   والحاصل أنّ الضمان عن البائع محكوم بالفساد ، لدورانه بين أمر معقول ، وأمر قام الإجماع على بطلانه . والضمان عن نفسه من جهة أمره بفعل ربّما يترتب عليه الضرر غير ثابت .

   ثمّ إنّ الكلام في هذه المسألة إنما يتمّ في فرض كون البائع غارّاً للمشتري ، والقول بثبوت قاعدة الغرور . وأمّا لو لم يكن البائع غارّاً له بأن كان معتقداً لملكيّته للأرض أو قلنا بعدم ثبوت قاعدة الغرور على نحو الكليّة كما هو المختار ، فلا ضمان على البائع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والاحتياط لا يترك .

ــ[475]ــ

ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس في الأرض المشتراة إذا ظهر كونها مستحقّة للغير وقلع البناء والغرس ، فيضمن الأرش، وهو تفاوت ما بين المقلوع والثابت عن البائع . خلافاً للمشهور، لأنه من ضمان ما لم يجب . وقد عرفت كفاية السبب .

   هذا ولو ضمنه البائع ، قيل لا يصحّ أيضاً كالأجنبي ، وثبوته بحكم الشرع لا يقتضي صحّة عقد الضمان المشروط بتحقّق الحقّ حال الضمان .

   وقيل بالصحّة (1) لأنه لازم بنفس العقد فلا مانع من ضمانه ، لما مرّ من كفاية تحقق السبب . فيكون حينئذ للضمان سببان : نفس العقد ، والضمان بعقده .

   وتظهر الثمرة فيما إذا أسقط المشتري عنه حقّ الضمان الثابت بالعقد، فإنه يبقى الضمان العقديّ، كما إذا كان لشخص خياران بسببين فأسقط أحدهما. وقد يورد عليه بأنه لا معنى لضمان شخص عن نفسه، والمقام من هذا القبيل. ويمكن أن يقال ((1)) : لا مانع منه مع تعدّد الجهة (2) . هذا كلّه إذا كان بعنوان عقد الضمان ، وأمّا

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بلا خلاف ولا إشكال فيه . فإنّ المشتري يتحمّل حينئذ الخسارة بنفسه ، لكونه هو الذي أوقع نفسه في الضرر ، بالتصرف في الأرض معتقداً ملكيّته لها .

   (1) إلاّ أنه لا يمكن توجيهه بوجه . فإنّ الضمان لما كان نقل ما في ذمّة إلى غيرها كان ذلك متوقّفاً على تعدد الذمم لا محالة ، وحيث إنه مفقود في المقام ، فتصوّره غير معقول ، فإنه من أين ينتقل الدَّين وإلى أين ؟ !

   نعم ، تعدد أسباب الضمان الواحد أمر معقول في حدّ ذاته ، إلاّ أنه غير ممكن في خصوص المقام ، لعدم معقولية ضمان المدين لنفسه عن نفسه ، كما هو الحال في سائر موارد الدَّين .

   (2) إلاّ أنك قد عرفت عدم معقوليته ، فإنّ تعدد الجهة لا يوجب تغاير الذمّتين ونقل الدَّين من إحداهما إلى الاُخرى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لكنه بعيد ، بل لا وجه له أصلاً .

ــ[476]ــ

إذا اشترط فلا بأس به ، ويكون مؤكّداً لما هو ((1)) لازم العقد (1) .

   [ 3609 ] مسألة 42: لو قال عند خوف غرق السفينة: القِ متاعك في البحر وعليّ ضمانه، صحّ بلا خلاف بينهم، بل الظاهر الإجماع عليه (2) وهو الدليل عندهم . وأمّا إذا لم يكن لخوف الغرق ، بل لمصلحة اُخرى من خفّة السفينة أو نحوها ، فلا يصحّ عندهم . ومقتضى العمومات صحّته ((2)) أيضاً (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وفيه : إنّ الشرط إن كان على نحو شرط النتيجة ، بمعنى اشتغال ذمّة الضامن بالفعل بما تشتغل به ذمّة البائع في وقته ، فهو باطل لعدم معقوليته ، على ما عرفت .

   وإن كان على نحو شرط الفعل ، بمعنى اشتراط المشتري على البائع أداء مقدار الخسارة ، فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنه غير مؤكّد لما هو لازم العقد ، فإنّ الثابت بالشرط هو التكليف المحض ، في حين إنّ الثابت بنفس العقد هو الوضع واشتغال الذمّة .

   والحاصل : إنّ الأمر في المقام يدور بين عدم الصحّة وعدم التأكيد ، فإمّا لا صحّة وإمّا لا تأكيد ، فالجمع بينهما مما لا يمكن المساعدة عليه .

   (2) بل الظاهر اتفاق المسلمين عليه ، حيث لم يظهر الخلاف فيه إلاّ من أبي ثور خاصّة .

   (3) بل الظاهر أنه لا حاجة للتمسّك بالعمومات كي يورد عليه بالمناقشة في صدق العقد على هذا الضمان ، باعتبار أنه ليس فيه إلاّ أمر من الآمر وعمل من المأمور وهما لا يشكّلان العقد ، كما هو الحال في جميع موارد الأمر بشيء وامتثال المأمور له .

   فإنّ السيرة العقلائية القطعية مستقرّة على الضمان في موارد الأمر بإعطاء أو إتلاف الأموال المحترمة لغرض عقلائي يخرجه عن كونه فعل حرام ، إذا لم يكن لكلامه ظهور

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الشرط إن كان بعنوان شرط النتيجة فهو غير صحيح ، وإن كان بعنوان شرط الفعل فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنه لا يكون مؤكداً .

(2) بل السيرة القطعية العقلائية قائمة على الصحة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net