و اختلف المضمون له والمضمون عنه في أصل الضمان 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3776


ــ[477]ــ


تتمّة

[ في صور التنازع ]

   قد علم من تضاعيف المسائل المتقدّمة الاتفاقية أو الخلافية : أنّ ما ذكروه في أوّل الفصل من تعريف الضمان ، وأنه نقل الحقّ الثابت من ذمّة إلى اُخرى ، وأنه لا يصحّ في غير الدَّين ، ولا في غير الثابت حين الضمان ، لا وجه له ، وأنه أعمّ من ذلك حسب ما فصل((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في المجانية أو يقصد المالك به التبرع ، كما هو الحال في الأمر بالأعمال المحترمة حرفاً بحرف ، إذ لا فرق فيه بين الأمر بالعمل وإعطاء مال أو إتلافه ، فإنّ كلاً من ذلك موجب للضمان عند امتثال الأمر من قبل المأمور ببناء العقلاء والسيرة القطعية ، ما لم يكن هناك ظهور لكلام الآمر ـ لقرينة أو انصراف أو غيرهما ـ في المجانية ، أو يقصد العامل أو المالك التبرّع به .

   وما ذكرناه لا يختصّ بمورد السفينة ، بل يجري حرفياً في جميع موارد الأمر بالإتلاف لغرض عقلائي ، فإنه موجب للضمان جزماً مع قطع النظر عن متعلّقه .

   ومن هنا يظهر عدم اختصاص الحكم بالضمان بصورة تصريح الآمر بضمانه له ، فإنه ثابت في فرض اقتصاره على الأمر بإلقاء المتاع أيضاً ، إذ الأمر على النحو الذي ذكرناه كاف بوحده لإثبات الضمان .

[  في صور التنازع  ]

   (1) حيث قد عرفت التفصيل بين الضمان المصطلح وغيره ، واعتبار ما ذكره

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قد مرّ التفصيل .

ــ[478]ــ

   [ 3610 ] مسألة 1 : لو اختلف المضمون له والمضمون عنه في أصل الضمان(1) فادعى أنه ضمنه ضامن وأنكره المضمون له ، فالقول قوله (2) . وكذا لو ادّعى أنه ضمن تمام ديونه وأنكره المضمون له ، لأصالة بقاء ما كان عليه (3) .

   ولو اختلفا في إعسار الضامن حين العقد ويساره (4) فادّعى المضمون له إعساره ، فالقول قول المضمون عنه((1)) (5) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(قدس سره) في الأوّل دون الثاني ، فإنه يصحّ في الأعيان الخارجية ، وموارد عدم ثبوت الحقّ حين الضمان مما قامت السيرة العقلائية عليه ، كدرك الثمن أو المثمن .

   (1) لا يخفى ما في التعبير بـ : اختلاف المضمون له والمضمون عنه في أصل الضمان من المسامحة إذ مع إنكار الأوّل من أساسه كيف يصحّ التعبير عنه بالمضمون له . وحقّ العبارة أن يقال : لو اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان .

   (2) بلا إشكال فيه ولا خلاف . فإنه لا بدّ للمدين من إثبات براءة ذمّته من الدَّين وإلاّ فهو ملزم بالخروج عن عهدته .

   (3) خرجنا عنها بالنسبة إلى ما يعترف به المضمون له ـ القدر المتيقن ـ لفراغ ذمّته منه جزماً ، ولا بدّ له بالنسبة إلى الزائد ـ ما يدّعيه هو ـ من إثبات البراءة ، وإلاّ فهو ملزم بالخروج من عهدته ، كما عرفت .

   (4) بناءً على ما ذهب إليه المشهور ، من ثبوت الخيار للمضمون له عند ظهور إعساره حين العقد . وأمّا بناءً على ما اخترناه من عدم الدليل على الخيار حينئذ ، فلا أثر لهذا الاختلاف بالمرّة ، فإنّ المضمون عنه بريء الذمّة من الدَّين السابق على التقديرين ـ اليسار والإعسار ـ والضامن هو الملزم به .

   (5) الكلام في هذا الفرع : تارة يفرض مع سبق يسار الضامن ، واُخرى مع سبق إعساره ، وثالثة مع تضادّ الأمرين ، بأن يعلم بيساره في بعض شهر الضمان وإعساره في بعضه الآخر ، مع الجهل بالمتقدّم والمتأخر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا فيما إذا لم يثبت إعساره سابقاً .

ــ[479]ــ

   أمّا الصورة الاُولى : فالأمر كما أفاده (قدس سره) من تقديم قول المضمـون عنه كما هو واضح . فإنّ دعوى المضمون له للإعسار مقدّمة لإثبات الخيار محتاجة إلى الدليل، وإلاّ فمقتضى الاستصحاب هو إثبات اليسار حين الضمان .

   أمّا الصورة الثانية : فالظاهر تقديم قول المضمون له ، وإلزام المضمون عنه بإثبات اليسار ، فإنّ استصحاب العسر إلى زمان الضمان ، يثبت موضوع الخيار للمضمون له .

   والحاصل أنّ الأصل في هذه الصورة يقتضي الجواز ، فيكون الإثبات على مدعي اللزوم لا محالة .

   ومن هنا فلا يمكن المساعدة على إطلاق كلام الماتن (قدس سره) من تقديم قول المضمون عنه ، الشامل لهذه الصورة أيضاً .

   ولعلّ هذه خارجة عن محط نظره وغير مرادة له (قدس سره) .

   وأمّا الصورة الثالثة : فلا مجال فيها للتمسّك باستصحاب العسر واليسر معاً ، سواء لما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) من عدم وجود المقتضي لعدم اتصال زمان اليقين بزمان الشك (1) أو لما اخترناه من وجود المانع . فإنّ النتيجة في المقام واحدة وإن اختلف المبنيان في غيره ، على ما حققناه مفصّلاً في المباحث الاُصولية .

   وعليه فهل يقدّم قول المضمون له ، أو المضمون عنه ، أو يكون المقام من التداعي ؟

   ظاهر إطلاق كلامه (قدس سره) هو الثاني ، وعلى المضمون له الإثبات .

   وقد أورد عليه في بعض الكلمات ، بأنه لا موجب لجعل المضمون له مدعياً وإلزامه بالإثبات ، والمضمون عنه منكراً وقبول قوله ، بعد أن كان قول كلّ منهما مخالفاً للأصل .

   لكنّ الظاهر أنّ ما ذكره الماتن (قدس سره) هو الصحيح .

   والوجه فيه ما ذكرناه في مباحث القضاء ، من أنّ الروايات الواردة في أبواب القضاء وحلّ الخصومات لم تتعرض على كثرتها لتحديد المدّعي والمنكر على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول .

ــ[480]ــ

الإطلاق . وهل المدّعي من خالف قوله الأصل أو الظاهر ، والمنكر من وافق قوله للأصل أو الظاهر ، أم لا ؟ وإنما ذلك مذكور في كلمات الأصحاب (قدس الله أسرارهم) خاصّة . وهو إن كان صحيحاً بحسب الغالب ، إلاّ أنه لا دليل على ثبوته على نحو الكبرى الكلّية .

   ومن هنا فلا محيص عن الرجوع إلى العرف لتحديد المفهومين ، ومن الواضح أنّ مقتضاه كون من يطالب غيره بشيء ويلزمه به ويكون مطالباً لدى العقلاء بالإثبات مدعياً ، وخصمه الذي لا يطالب بشيء منكراً .

   نعم، يستثنى من ذلك ما إذا اعترف الخصم بأصل الحقّ وادّعى وفاءه، كما إذا اعترف بالاستقراض مدعياً أداءه وفراغ ذمّته . فإنه حينئذ وإن كان الدائن هو المطالب غيره بالمال والملزم له به ، إلاّ أنه يعتبر منكراً وعلى خصمه إثبات الأداء وذلك لاعترافه بأصل الدَّين ، فإنه يوجب انقلاب المدّعي ـ لولا الاعتراف ـ منكراً والمنكر ـ لولاه ـ مدعياً .

   والحاصل أنه لا أثر لموافقة الأصل أو الظاهر أو مخالفته لهما في تحديد المدّعي والمنكر ، إذ لا دليل على شيء مما ذكره الأصحاب في كلماتهم في المقام ، وإنما العبرة بما ذكرناه من الرجوع إلى العرف وتحديد المدّعي والمنكر على ضوء الفهم العرفي .

   وعليه ففي المقام وإن كان قول كلّ منهما مخالفاً للأصل الموضوعي ، إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من كون المضمون له هو المدعي ، باعتبار أنه الذي يطالب خصمه ـ المضمون عنه ـ بالمال نتيجة للفسخ بالخيار ، بعد اعترافه ببراءة ذمّته وفراغها منه بالضمان ويكون هو الملزم بالإثبات لدى العقلاء .

   وبعبارة اُخرى : إنّ اشتغال ذمّة المضمون عنه ثانياً ـ نتيجة للفسخ من قبل المضمون له ـ بالمال ورجوع الدَّين إليها من ذمّة الضامن ، لما كان محتاجاً لدى العقلاء إلى الإثبات ، كان المضمون له هو المدعي لا محالة ، فإن أمكنه الإثبات فهو ، وإلاّ فالقول قول المضمون عنه .

   إذن فالصحيح أنّ المقام من موارد المدعي والمنكر ، لاختصاص المطالبة والإلزام بأحد الطرفين دون الآخر ، وليس من موارد التداعي كما توهّمه بعضهم .

 
 

ــ[481]ــ

  وكذا لو اختلفا في اشتراط الخيار للمضمون له وعدمه (1) فإنّ القول قول المضمون عنه (2) . وكذا لو اختلفا في صحّة الضمان وعدمها (3) .
ــــــــــــــــــــــــــ

   والذي يتحصّل من جميع ما تقدّم ، أنّ ما أفاده الماتن (قدس سره) من تقديم قول المضمون عنه عند اختلافه مع المضمـون له في يسار الضامن حين الضمان وإعساره بناءً على القول بثبوت الخيار له عند ظهور إعساره ، إنما يتمّ في الصورتين الاُولى والثالثة خاصّة . وأمّا في الصورة الثانية ، فالظاهر تقديم قول المضمون له ، لثبوت موضوع الخيار بالاستصحاب .

   (1) بناءً على صحّة هذا الاشتراط كما اختاره الماتن (قدس سره) وجماعة ، وإلاّ كما اخترناه فالشرط باطل من أساسه ، ولا أثر لهذا النزاع .

   (2) لكونه منكراً ، باعتبار أنّ خصمه المضمون له هو الذي يطالبه بشيء ويلزمه الإثبات عند العقلاء .

   (3) لأصالة الصحّة بعد إحراز أصل وقوع العقد .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net