[ 3614 ] مسألة 5 : إذا ادّعى الضامن الوفاء وأنكر المضمون له وحلف ليس له الرجوع على المضمون عنه إذا لم يصدقه في ذلك(2) . وإن صدّقه جاز له الرجوع إذا كان بإذنه(3) وتقبل شهادته له بالأداء(4) إذا لم يكن هناك مانع من
ــــــــــــــــــــــــــــــ (2) لما عرفته من توقف رجوعه عليه على تحقق الوفاء خارجاً . وحيث إنه غير متحقق ، بل المتحقق بحسب القواعد الشرعية عدمه ، فلا موجب لجواز رجوعه عليه .
(3) أخذاً له باعترافه وإقراره ، فإنه بتصديقه له في الأداء يعترف بتحقق موجب الرجوع عليه ، وإن لم يثبت الأداء بالنسبة إلى المضمون له ، إذ لا منافاة بين الأمرين .
(4) على ما تقتضيه قواعد الشهادة .
ــ[487]ــ
تهمة (1) أو غيرهما ممّا يمنع من قبول الشهادة .
[ 3615 ] مسألة 6 : لو أذن المديون لغيره في وفاء دينه بلا ضمان فوفى ، جاز له الرجوع عليه (2) . ولو ادّعى الوفاء وأنكر الآذن قبل قول المأذون ، لأنه أمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكر هذا الاستثناء في جملة من النصوص المعتبرة وغيرها وقد ذكره غير واحد من الأصحاب أيضاً ، كالمحقق (قدس سره) في الشرائع(1) وغيره .
إلاّ أنّ الكلام في المراد منه ، إذ الذي يعتبر في باب الشهادة جزماً أن لا يكون الشاهد طرفاً في الدعوى ، بحيث تكون شهادته راجعة إلى نفسه بجلب نفع أو دفع ضرر . كما لو ادّعى الوصي المفوض في صرف الثلث على غيره ديناً للميت ، فإنه لا تقبل شهادته عليه ، لاستلزامها دخول ثلث المبلغ المدّعى تحت تصرفه . أو شهد المضمون عنه للضامن بالأداء بعد ظهور إعسار الضامن من حين الضمان ، بناءً على مذهب المشهور من ثبوت الخيار حينئذ للمضمون له ، فإنّ شهادته هذه لما كانت تدفع عن نفسه ضرر إبطال العقد ورجوع الدَّين ثانياً إلى ذمّته لم تكن مسموعة .
ومن هنا فإن اُريد بالتهمة ما يقابل الوثوق بدينه وأمانته ، فاشتراط عدمها ليس إلاّ تعبيراً آخر عن شرطية العدالة في الشاهد ، وليس هو أمراً زائداً عليها وفي قبالها .
وإن اُريد من اشتراط عدمها اعتبار أن لا تكون الشهادة لدوافع القرابة أو الصداقة أو نحوهما ، فهو غير معتبر جزماً ، حيث تصحّ شهادة الأقرباء بعضهم لبعض وإن كان هناك احتمال كون الصلة دخيلة فيها ، فإنه لا أثر له بعد فرض توفر سائر الشروط .
إذن فالمتعيّن حمل هذه الكلمة في لسان النصوص على المعنى الأوّل . ومن هنا فلا وجه لجعل عدمها في قبال سائر الشروط المعتبرة في الشاهد والتي منها العدالة .
(2) لما ذكرناه في غير موضع ، من قيام السيرة العقلائية القطعية الممضاة شرعاً على ثبوت الضمان بالأمر بإتلاف مال محترم على نحو مباح أو القيام بعمل محترم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شرائع الإسلام 2 : 128 .
ــ[488]ــ
من قبله (1) . ولو قيّد الأداء بالإشهاد وادعى الإشهاد وغيبة الشاهدين قبل قوله أيضاً(2). ولو علم عدم إشهاده ليس له الرجوع (3). نعم، لو علم أنه وفّاه ولكن لم يشهد يحتمل جواز الرجوع عليه((1)) (4) لأنّ الغرض من الإشهاد العلم بحصول الوفاء والمفروض تحققه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، لا بدّ من تقييد ذلك بعدم ظهور الأمر في الاستدعاء المجاني ، كما هو الحال في طلب الفقير ممن عليه الحقّ الشرعي من الخمس أو الزكاة أداء دينه ، أو طلب مرجع الحقوق منه ذلك ، بل الأمر كذلك بالنسبة إلى طلب الولد من أبيه ذلك ، فإنه ظاهر في الأداء المجاني لكون الأب متكفلاً بشؤون ابنه ، بل وكذا الحال في طلب سائر أفراد العائلة منه ذلك .
كما ينبغي تقييده بعدم قصد المأمور التبرع في عمله ، إذ معه لا يجوز له الرجوع عليه حتى وإن لم يكن لكلام الآمر ظهور في المجانية ، باعتبار أنه هو الذي قد أتلف ماله بداع من نفسه ومن غير قصد امتثال الأمر .
(1) فهو في ذلك بمنزلة الوكيل ، ومرجع العمل فعلاً وتركاً إليه ، فيسمع قوله ما لم يثبت خلافه ، على ما تقتضيه السيرة القطعية .
(2) لما تقدّم ، إذ لا فرق في تصديقه بين كون المأمور به هو الأداء المطلق أو المقيّد بالإشهاد أو غيره ، فإنّ قوله حجّة فيما يرجع أمره إليه ما لم يثبت خلافه .
(3) لعدم تحقق ما يتوقف عليه جواز الرجوع .
(4) إلاّ أنه بعيد غايته ، بل هو ممنوع . فإنّ الإشهاد لما كان قيداً للمأمور به ـ كما هو المفروض ـ لم يكن الأداء المطلق بمأمور به لا محالة ومن غير تأثير لما هو الداعي له على هذا التقييد ، ومعه فكيف يجوز له الرجوع عليه .
( تمّ كتاب الضّمان )
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لكنه بعيد في فرض التقييد كما هو المفروض .
ــ[489]ــ
|