هل يتوقف شغل ذمّة المحيل للبريء على الأداء 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى-جزء1:المضاربةولمساقاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3452


ــ[519]ــ

   [ 3625 ] مسألة 10: قد يستفاد من عنوان المسألة السابقة حيث قالوا: (لو أحال عليه فقبل وأدّى) فجعلوا محلّ الخلاف ما إذا كان النزاع بعد الأداء ، أنّ حال الحوالة حال الضمان في عدم جواز مطالبة العوض إلاّ بعد الأداء ، فقبله وإنْ حصل الوفاء بالنسبة إلى المحيل والمحتال ، لكن ذمّة المحيل لا تشتغل للمحال عليه البريء إلاّ بعد الأداء .

   والأقوى حصول الشغل بالنسبة إلى المحيل ((1)) بمجرّد قبول المحال عليه (1) إذ

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحال عليه ملتفتاً إلى الملازمة بين الحوالة واشتغال ذمّته بالمال ، وإلاّ فلا وجه لجعل اعترافه بها اعترافاً باشتغال ذمّته .

   وكيف كان ، فالصحيح في وجه حجية المثبتات في باب الألفاظ خاصّة ، هو التمسّك بحجّية الظهورات في الدلالات الالتزامية على حدّ حجّيتها في الدلالات المطابقية للسيرة العقلائية القطعية . فلو أخبرت البينة عن شرب زيد من الماء المعين مع عدم التفاتها إلى كفره أو اعتقادها إسلامه ، كفى ذلك الإخبار في حكمنا بنجاسة ذلك الماء لعلمنا بكفره ، إذ البينة حجّة في المدلول الالتزامي على حدّ حجّيتها في المدلول المطابقي .

   وعلى هذا الأساس فيدخل المقام تحت حجّية الظهورات اللفظية ـ الثابتة ببناء العقلاء ـ في المداليل المطابقية والالتزامية لا حجّية الأخبار .

   وتفصيل الكلام في مبحث الأصل المثبت من المباحث الاُصولية ، فراجع .

   (1) بل الأقوى ما ذهب إليه المشهور من توقف الشغل على الأداء .

   وتفصيل الكلام في المقام : إنّ الحوالة قد تكون على مشغول الذمّة بمثل ما اُحيل عليه ، وقد تكون على البريء .

   ففي الأوّل : لا إشكال ولا خلاف في اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال ، وانتقال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأقوى أنّ ذمة المحيل لا تشتغل للمحال عليه إلاّ بعد الأداء ، إذ به يتحقق استيفاؤه لماله بأمره ، وعليه يترتب أنّ حال الحوالة حال الضمان في بقية الجهات المذكورة في المتن .

ــ[520]ــ

كما يحصل به الوفاء بالنسبة إلى دَين المحيل بمجرّده ، فكذا في حصوله بالنسبة إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدّين من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه بمجرّد الحوالة ، كما لا إشكال في براءة ذمّة المحال عليه للمحيل بمجردها ، فلا يكون له الرجوع بالمال عليه ، لانتقال ما كان له في ذمّته إلى ملكيّة المحال .

   وبعبارة اُخرى : إنّ الدَّين لما كان ديناً واحداً غير متعدد ، لم يمكن فرض المحال عليه مديناً للمحيل والمحال معاً ، بل هو مدين لأحدهما خاصّة على النحو الذي ذكرناه ، أعني للمحيل قبل الحوالة ، وللمحال بعدها .

   وفي الثاني : فإن رفض المحال عليه الحوالة أو قبلها ولكن قلنا بفساد الحوالة على البريء ، فلا ينبغي الإشكال في عدم اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال وعدم اشتغال ذمّة المحيل له ـ المحال عليه ـ .

   وإن قلنا بصحتها على البريء ـ كما هو الصحيح ـ وقبل المحال عليه الحوالة ، فلا إشكال في اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال بمجرد قبوله للحوالة ، فيجوز له الرجوع عليه ومطالبته بها .

   وإنما الكلام في اشتغال ذمّة المحيل حينئذ للمحال عليه ، وجواز رجوعه عليه بمجرد الحوالة وقبل الأداء .

   فالمشهور العدم، إلاّ أنّ الماتن (قدس سره) قد اختار جواز الرجوع عليه، بدعوى أنّ اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال لا يكون مجاناً ، بل لا بدّ وأن يقابله اشتغال ذمّة المحيل له .

   لكنّ الصحيح ما ذهب إليه المشهور . فإنّ اشتغال الذمّة يحتاج إلى الدليل ، ومجرد لزوم المجانية في اشتغال ذمّة المحال عليه للمحال ، لا يصلح دليلاً لإثبات اشتغال ذمّة المحيل للمحال عليه ، بعد أن لم يكن يترتب عليه أيّ ضرر أو نقص مالي بالنسبة إليه ـ  المحال عليه  ـ قبل الأداء في الخارج، إذ الضرر إنما يترتب على أدائه للمال ، حيث يستلزم ذلك نقصاً في ماله مستنداً إلى أمر المحيل ، فيصحّ له الرجوع عليه لكونه من

 
 

ــ[521]ــ

دَين المحال عليه للمحيل إذا كان مديوناً له ، وحصول شغل ذمّة المحيل له إذا كان بريئاً (1) .

   ومقتضى القاعدة في الضمان أيضاً تحقق شغل المضمون عنه للضامن بمجرّد ضمانه (2) إلاّ أنّ الإجماع وخبر الصلح دلاّ على التوقّف الأداء فيه، وفي المقام لا إجماع ولا خبر، بل لم يتعرَّضوا لهذه المسألة .

   وعلى هذا فله الرجوع على المحيل ولو قبل الأداء(3) بل وكذا لو أبرأه المحتال

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موجبات الضمان بالسيرة العقلائية القطعية ، على ما تقدّم بيانه غير مرّة .

   والحاصل أنه ما لم يؤدّ المحال عليه الحوالة خارجاً ، لا يصحّ له الرجوع على المحيل ومطالبته بها ، نظراً لعدم تحقق الخسران والنقص المالي له ، وعدم الدليل على اقتضاء مجرّد الأمر الضمان ، فإنّ السيرة إنما ثبتت في خصوص ما لو أدّى المأمور ما اُمر به وتحمّل الخسران نتيجة الأمر .

   وبعبارة اُخرى : إنّ اشتغال الذمّة يحتاج إلى الدليل من نصّ أو سيرة أو معاوضة تقتضي ذلك ، وحيث إنه لا شيء منها موجود بالقياس إلى المحيل ، فلا وجه للحكم باشتغال ذمّته .

   إذن فالصحيح انحصار الضمان في فرض أداء المحال عليه للحوالة ، وعليه فيكون حال الحوالة حال الضمان في عدم جواز رجوع المأمور على الآمر إلاّ بعد الأداء بمقتضى القاعدة ، وإن كان النصّ الوارد مختصاً بالضمان .

   (1) بمعنى أنّ شغل ذمّة المحال عليه للمحال لا يمكن أن يكون مجاناً بل يقابله شغل ذمّة المحيل للمحال عليه ، كما أنّ حصول الوفاء بالنسبة إلى دين المحيل للمحال يقابله حصول الوفاء بالنسبة إلى دَين المحال عليه للمحيل .

   (2) وقد عرفت في محلِّه عدم الدليل عليه ، لانحصاره في السيرة العقلائية ، وهي لا تقتضي إلاّ الاشتغال بعد الأداء .

   (3) ظهر الحال فيه وفيما يتلوه من الفروع مما تقدّم ، فإنّ الحال فيها هو الحال في الضمان حرفاً بحرف .

ــ[522]ــ

أو وفّاه بالأقلّ ، أو صالحه بالأقلّ ، فله عوض ما أحاله عليه بتمامه مطلقاً إذا كان بريئاً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net