ــ[21]ــ
وكذا يجوز النظر إلى جارية يريد شراءها(1) وان كان بغير إذن سيِّدها. والظاهر اختصاص ذلك بالمشتري لنفسه ، فلا يشمل الوكيل والولي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور في قوله (عليه السلام) : «إنّما يشتريها بأغلى الثمن» (1) . إذ عرفت أنّ جواز نظره إليها كان بسبب سدّ باب ذهاب ماله هدراً ومن دون إمكان التدارك ، وحيث إنّ هذا الاحتمال لا يتأتى في حق المرأة ، إذ لا يمكن أن يذهب مالها هدراً ، باعتبار أ نّها إنما تبذل بضعها بإزاء المهر فلا يتلف عليها شيء ، فالتعدي عن مورد الروايات يكون مشكلاً جداً .
وعليه فالظاهر هو القول بعدم الجواز .
(1) استدل عليه :
أوّلاً : بالتعليل المذكور في الروايات الدالة على جواز النظر إلى المرأة التي يريد تزويجها ، لأنه «يشتريها بأغلى الثمن» فيجوز له النظر إليها .
وفيه : أنّ التعليل إنما يختص بباب الزواج بل بالزوج خاصة على ما عرفت ، إذ الغبن الذي لا يمكن تداركه والغرر الذي لا يمكن تلافيه لا يتصور إلاّ في جانب الزوج ، وليس حال المشتري كحاله ، فإنّ أقل ما يتصوّر في المشتري هو خيار الحيوان ، فله أن يفسخ العقد إلى ثلاثة أيام إذا لم تعجبه الأَمة من دون أن يفوت منه شيء .
وعليه فلا وجه للقول بشمول التعليل له أيضاً .
ثانياً : الروايات الخاصة .
فمنها : رواية أبي بصير ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يعترض الأَمَة ليشتريها ، قال : «لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ويمسّها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه» (2) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ص 15 .
(2) الوسائل ، ج 18 كتاب التجارة ، أبواب بيع الحيوان ، ب 20 ح 1 .
ــ[22]ــ
إلاّ أنها ضعيفة لوجود علي بن أبي حمزة البطائني الكذاب المعروف في سندها .
ومنها : رواية عمران الجعفري عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «لا أحب للرجل أن يقلّب إلاّ جارية يريد شراءها» (1) ببيان أنّ لازم التقليب هو النظر إلى بدنها عادة .
إلاّ أنها غير تامة أيضاً ، فإنّ عمران الجعفري الذي يروي عنه الحارث هذه الرواية ـ على ما في التهذيب (2) والوسائل ـ لم يرد له أي توثيق ، بل لم يذكر اسمه في غير هذه الرواية أصلاً . وصاحب الوافي وإن روى هذه الرواية عن الحارث بن عمران الجعفري (3) الذي وثّقه النجاشي (4) إلاّ أ نّه لمكان اختلاف النسخ لم تثبت صحتها فلا يمكن الاعتماد عليها .
فالعمدة في الاستدلال هو التمسك بالسيرة القطعية ، وعدم الخلاف بين الأعلام في خصوص الوجه واليدين ، فإنهن في عهدهم (عليهم السلام) كن يخدمن في المجالس ومن الواضح أنّ لازم ذلك وقوع نظر الرجال عليهن من دون أن يصدر في ذلك أي ردع منهم (عليهم السلام) .
وأما في غير الوجه والكفّين من المحاسن ، فتكفينا معتبرة الحسين بن علوان عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام: «إنّه كان إذا أراد أن يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر إليها»(5).
فإنّه إذا ثبت جواز النظر إلى الساق التي هي أمر مستور عادة ، ثبت جواز النظر إلى ما ليس بمستور كذلك ـ كالشعر والوجه واليدين ـ بالأولوية القطعية ، فإنه لا حاجة إلى كشفها للنظر إليها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 18 كتاب التجارة ، أبواب بيع الحيوان ، ب 20 ح 3 .
(2) التهذيب 7 : 236 / 1030 .
(3) الوافي 17 : 269 .
(4) النجاشي : 139 ، ترجمة رقم 362 .
(5) الوسائل ، ج 18 كتاب التجارة ، أبواب بيع الحيوان ، ب 20 ح 4 .
ــ[23]ــ
والفضولي (1) . وأما في الزوجة فالمقطوع هو الاختصاص (2) . ـــــــــــــــــــــــــ
(1) اختار صاحب الجواهر (قدس سره) الجواز للأولين (1) مستدلاًّ بأنّ الموضوع في الروايات هو المشتري وهو يصدق عليهما . نعم ، لا يجوز ذلك في الفضولي باعتبار أ نّه أجنبي ولا يصدق عليه عنوان المشتري .
وفيه : أ نّه على تقدير تسليم وجود إطلاق يدل على جواز النظر للمشتري ، فهو منصرف إلى من يريد الشراء لنفسه ، فلا يشمل المشتري للغير بوكالة ، أو ولاية .
وعلى تقدير عدم الانصراف فقد عرفت أنّ عمدة الدليل على الجواز هو فعل علي (عليه السلام) ـ كما جاء في رواية الحسين المتقدمة ـ ومن المعلوم أ نّه (عليه السلام) إنما كان يشتري لنفسه ، إذ من البعيد جداً تصديه (عليه السلام) لشراء الإماء لغيره فلا دلالة فيه على الجواز لغير المشتري لنفسه .
إذن فلا مقتضي للقول بجواز النظر للوكيل والولي .
(2) لاختصاص موضوعه بمن يريد الزواج ، ومن الواضح اختصاصه بالزوج لا سيما بملاحظة التعليل المذكور في صحيحة محمد بن مسلم ومعتبرة البزنطي المتقدمتين (2) فإنّه هو الذي «يشتريها بأغلى الثمن» دون الوكيل والولي .
|