لا يجوز للعبد إن اُعتق أن تكون عنده أكثر من أمتين 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4077


   [ 3705 ] مسألة 2: لو كان عبد عنده ثلاث أو أربع إماء ، فاُعتق وصار حرّاً لم يجز إبقاء الجميع، لأنّ الاستدامة كالابتداء، فلا بدّ من اطلاق الواحدة أو الاثنتين . والظاهر كونه مخيَّراً بينهما ، كما في إسلام الكافر عن أزيد من أربع (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــ
   (2) حيث ورد في معتبرة عقبة بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) في مجوسي أسلم وله سبع نسوة وأسلمن معه ، كيف يصنع ؟ قال : «يمسك أربعاً ويطلق ثلاثاً» (2) .

   فقد استدلّ بها لإثبات التخيير في المقام حيث كان الزواج ـ كما فيما نحن فيه ـ صحيحاً ابتداءً حيث يقر على مذهبه ما لم يسلم .

ـــــــــــــ
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ، ب 6 ح 1 .

ــ[153]ــ

   إلاّ أ نّه غير تامّ ومن القياس الباطل ، حيث أنّ ثبوت التخيير في ذلك المورد لا  يلازم ثبوته فيما نحن فيه ، بعد أن لم يكن هناك إطلاق أو عموم أو تعليل يشمل المقام أيضاً .

   ومن هنا يظهر حال الاستدلال بما ورد فيمن تزوج خمساً أو تزوج الاُختين بعقد واحد ، كصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل تزوج اُختين في عقدة واحدة ، قال (عليه السلام) : «يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الاُخرى» ، وقال في رجل تزوج خمساً في عقدة واحدة : «يخلي سبيل أ يّتهن شاء» (1) .

   بدعوى أنّ هذا الحكم إذا كان ثابتاً ابتداءً ، كان ثابتاً استدامة بطريق أوْلى .

   فإنّه ضعيف جداً ، فإنّ الحكم الثابت في هذين الموردين حكم تعبدي خاص ثبت بالدليل على خلاف القاعدة ، فلا مجال للتعدي عنه إلى سائر الموارد وذلك لاقتضاء القاعدة في مثله البطلان ، حيث أنّ دليل صحة العقد ونفوذه شامل لكل من العقدين أو العقود في نفسه .

   إلاّ أ نّه لما كان الجمع بينهما غير ممكن ، وكان ترجيح أحدهما على الآخر ترجيحاً بلا مرجّح ، كان مقتضى القاعدة فيهما بطبيعة الحال هو البطلان ، على ما هو الحال في جميع موارد عدم إمكان التمسك بالدليل بالنسبة إلى كلا الفردين أو الأفراد . كما لو باع داره لشخص وباع وكيله الدار لآخر مقارناً لبيعه لها ، فإن كلاً من العقدين في نفسه وإن كان مشمولاً للصحة ، إلاّ أ نّه لما لم يمكن الجمع بينهما . ولم يكن لأحدهما مرجح على الآخر ، حكم ببطلانهما عملاً بالقاعدة .

   ومن هنا يقال بالبطلان من رأس لو تزوج العبد بثلاث حرائر بعقد واحد من دون أن يلتزم فيه بالتخيير ، وكذا الحال لو تزوج الحر بثلاث إماء في عقد واحد .

   والحاصل أنّ الحكم الثابت في فرض التزوج بالاُختين أو التزوج بالخمس دفعة حكم تعبدي ثبت بالنص على خلاف القاعدة ، فلا مجال للتعدي عن موردهما إلى غيرهما من الموارد خصوصاً إلى ما نحن فيه ، حيث أنّ العقد قد وقع صحيحاً ابتداءً بمقتضى القاعدة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 25 ح 1 .

ــ[154]ــ

   وعلى هذا فقد يلتزم بالبطلان في الجميع ـ فيما نحن فيه ـ حيث لا ترجيح في البين ولا يمكن الجمع بينهن ، إلاّ أ نّه غير صحيح إذ لا مقتضي للبطلان بعدما كان العقد صحيحاً وكانت الزوجية ثابتة ، فإنّ الفرق بين هذه المسألة ومسألة الجمع بينهن ابتداءً واضح ، حيث كانت القاعدة ـ كما تقدم ـ تقتضي البطلان في الثانية بخلاف ما نحن فيه حيث وقعت العقود في وقتها صحيحة ، غاية الأمر أنّ الجمع بينهن بقاءً غير ممكن .

   إلاّ أ نّه لما كان من الواضح أنّ الذي لا يمكن بقاؤه إنّما هو الزائد عن الاثنتين لا كل واحدة منهن ، فلا بدّ ـ بحسب ما تقتضيه الأدلة ـ الحكم ببطلان عقد الزائد عن الاثنتين وصحة عقدهما . ولا يقدح في ذلك كونهن لا تعيين لهنّ ، إذ لا تعيين للاثنتين المحكوم بصحة نكاحهما عن الزائد عنهما المحكوم بفساد نكاحها ، فإنّه لا مانع من الحكم بصحة نكاح اثنتين منهنّ في الواقع وفساد نكاح الاُخريين في الواقع أيضاً، ومن دون تعيين لهنّ على نحو الجامع، حيث لا محذور في قيام الزوجية أو عدمها فيه، فيقال: إن اثنتين من هذه النساء زوجتان ، واثنتين منهنّ ليستا بزوجتين من دون تعيين .

   وما قد يقال : من أنّ الزوجية ونحوها لا يمكن قيامها في الفرد المردد والمبهم ، فلا يمكن الحكم بقيامها باثنتين مبهمتين ومرددتين وانتفائها عن اثنتين كذلك ، فلا بدّ من الحكم بفساد نكاح جميعهن .

   مدفوع بما ذكرناه في مبحث العلم الإجمالي من أنّ الفرد المردّد والمبهم وإن كان لا يمكن أن يكون متعلقاً لأي شيء حيث لا وجود له ولا ذات ، إلاّ أنّ الجامع ليس منه ، حيث أنّ معنى الجامع إنّما هو إلغاء الخصوصيات والأخذ بما يجمع بين الأفراد . وعلى هذا فلا مانع من كونه متعلقاً لعرض خارجي كما هو الحال في موارد العلم الإجمالي .

   كما  لو علم إجمالاً بوقوع قطرة من النجاسة في أحد الإناءين ، في حين كان الواقع في علم الله سبحانه وقوع قطرة في كل من الإناءين من دون أن يعلم المكلف بوقوع الثانية ، بحيث أ نّه لم يكن يعلم إلاّ بنجاسة أحد الإناءين لا كليهما معاً، فإنّ من الواضح حينئذ أنّ المعلوم ـ ما تعلق به العلم ـ للمكلف ليس إلاّ الجامع ، وإلاّ فكل من الإنائين

ــ[155]ــ

ويحتمل القرعة (1) والأحوط أن يختار هو القرعة بينهنّ ((1)) .

   ولو اُعتقت أَمة أو أمتان ، فإن اختارت الفسخ ـ حيث أن العتق موجب لخيارها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليس بمعلوم النجاسة كما أ نّه ليس هو النجس الواقعي ، لأ نّه بحسب الفرض اثنان ، فلا معنى لأن يقال : إنّ علم المكلف قد تعلّق به ، فليس المعلوم إلاّ الكلي والجامع كما هو واضح .

   وعليه فإذا كان العلم الذي هو وصف خارجي موجود قابلاً للتعلق بالجامع بما هو ، فكيف لا يمكن أن يكون الأمر الاعتباري كالملكية والزوجية متعلقاً به ؟

   إذن فلا مانع من حكم الشارع بفساد نكاح اثنتين من هذه النساء ، وصحة نكاح الاثنتين الاُخريين منهنّ على نحو الكلّي .

   وحينئذ فلا بدّ من معيّن للتي بقيت على الزوجية عن التي انفسخت زوجيتها وحيث لا نصّ خاص يدلّ على التعيين بالتخيير ، فلا بدّ من الرجوع إلى القرعة لا محالة إذ لا  طريق آخر سواها .

   (1) بل القول بها هو المتعين ، على ما تقدم .

   وما قد يقال : من أنّ القرعة إنّما هي لما هو مشكل عندنا ، ومعيّن في الواقع ـ على ما دلّت عليه بعض الأخبار (2) ـ فلا تشمل المقام ، حيث لا واقع له بعد أن كانت النسبة في الجميع واحدة .

   يندفع بأنّ القرعة على ما يظهر من نصوصها لا تختص بما ذكر ، وإنّما تجري لحل المشكلة مطلقاً ، سواء أ كان لها واقع أم لم يكن ، فإنّ عمدة أدلّتها صحيحتان :

   الاُولى : صحيحة إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل قال : أوّل مملوك أملكه فهو حر فورث ثلاثة، قال: «يقرع بينهم، فمن أصابه القرعة أعتق»، قال: «والقرعة سنّة»(3).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هو الأظهر  .

(2) الوسائل ، ج 27 كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم ، ب 13 .

(3) الوسائل ، ج 27 كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم ، ب 13 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net