ــ[157]ــ
[ 3706 ] مسألة 3 : إذا كان عنده أربع ، وشكّ في أن الجميع بالعقد الدائم ، أو البعض المعيّن أو غير المعيّن منهن بعقد الإنقطاع ، ففي جواز نكاح الخامسة دواماً إشكال ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الواضح أنّ الذي ذكره (قدس سره) من الإطلاق بالتخيير أو القرعة إنّما يتمّ فيما إذا كان متزوجاً بأربع فاُعتقت واحدة أو اثنتان ، حيث لا يجوز للعبد الجمع بين الأربع إلاّ إذا كان جميعهن من الإماء ، وفيما إذا كان متزوِّجاً بثلاث إماء فاُعتقت اثنتان حيث لا يجوز له التزوج بأكثر من حرتين . وأما لو كان متزوجاً بثلاث إماء فاُعتقت واحدة منهن واختارت البقاء ، فلا موجب للقول بالتخيير أو القرعة ، إذ لا مانع من جمع العبد بين أَمتين وحرة ابتداءً ، على ما تقدم التصريح منه (قدس سره) أيضاً .
(1) منشأ القول بالجواز هو عدم إحراز موضوع الحرمة ، حيث أنّ موضوعها كونها خامسة لأربع عنده بالعقد الدائم ، وهو غير محرز للشكّ في دوام نكاح بعض التي عنده ، ومن هنا فلا يحرز كون التي يريد العقد عليها خامسة ، ومعه فمقتضى الأصل هو الجواز .
ومنشأ القول بعدم الجواز أحد اُمور :
الأوّل : التمسك بالاستصحاب، فإنّه مع الشكّ في انقضاء زوجية بعض التي عنده وزوالها بعد مرور المدة المعينة يستصحب بقاؤها ، وبه تثبت الزوجية الدائمة إلى أن تموت أو يموت هو ، وبذلك تترتب عليها أحكام الزوجية الدائمة فيحرز موضوع الحرمة ، فلا يجوز له التزوج بغيرهن دواماً ، نظير ما يذكر في باب الإرث من إحراز الدوام بالاستصحاب عند الشكّ في دوامها وعدمه .
وفيه : أنّ الاستصحاب لا يجري في أمثال المقام ، وذلك لأن الشكّ في بقاء الزوجية وعدمه بعد انقضاء الأجل مسبب عن ضيق المجعول وسعته ، بمعنى الشكّ في كون الزوجية التي أنشأها المتعاقدان زوجية محدودة إلى أمد معيّن أو مطلقة من هذه الناحية وكونها زوجية دائمة ، ومن هنا فاستصحاب عدم جعل الزوجية بعد تلك المدة من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أظهره الجواز .
ــ[158]ــ
الأوّل يكون حاكماً على هذا الاستصحاب ومقدّماً عليه ، وبه يحكم بعدم كونها بعد تلك المدة المتيقنة زوجة له . نظير ما تقدم في باب الإجارة عند الشكّ في مدة استئجارها ، حيث حكمنا بفضل الاستصحاب بعد مرور المدة المتيقنة بعدم ملكية المستأجر منفعة العين .
وعلى كلّ فلا أقلّ من كون هذا الاستصحاب معارضاً للاستصحاب المتقدِّم فلا يبقى معه مجال للتمسك به .
الثاني : التمسك بما دلّ من الأخبار على أ نّه إذا لم يذكر الأجل في العقد كان النكاح دائماً والعقد باتاً ، حيث أنّ المستفاد منها كون عدم ذكر الأجل موضوعاً لدوام العقد فبمجرّد عدم ذكر الأجل ينقلب العقد دائماً ، سواء أ كان ذلك عن عمد أم نسيان أم غيرهما ، على ما ذكره بعضهم . وعلى هذا فيمكن فيما نحن فيه إحراز موضوع الدوام بالاستصحاب فيقال : إنّ مرجع الشكّ ، في كون عقد واحدة من الأربع الموجودات بالفعل دائماً أو منقطعاً ، إنّما هو إلى الشكّ في ذكر الأجل في عقدها وعدمه ، فيكون مقتضى استصحاب عدم ذكره كون عقدها دائماً لا محالة .
وبعبارة اُخرى نقول : إنّ استصحاب عدم ذكر الأجل عند الشكّ فيه ، يحرز كون عقد كل واحدة من الأربع الموجودات بالفعل دائماً ، وبه يتمّ موضوع حرمة التزوّج بالخامسة .
وفيه : أنّ هذه الروايات وإن كانت تتضمن بعض النصوص الصحيحة سنداً، إلاّ أ نّها بحسب الدلالة أجنبية عن محل كلامنا ، حيث إنّها في مقام بيان الفارق بين العقد الدائم والعقد المنقطع ، وإنّه إذا ذُكر الأجل واُنشئ العقد مقيداً بزمان معيّن كان العقد منقطعاً ، وإن لم يذكر الأجل واُنشئت الزوجية مطلقة كان العقد دائماً .
بمعنى أنّ العقد المنقطع إنّما هو العقد المنشأ مقيداً ، في قبال العقد الدائم الذي هو عبارة عن العقد المنشأ مطلقاً ، ومن غير تحديد بأمر خاص حتى ولو كان ذلك استحياءً ـ على ما دلّت عليه بعض النصوص المعتبرة (1) ـ من دون أن يكون لها نظر
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب 20 .
ــ[159]ــ
إلى بيان حكم تعبدي ، وأ نّه إذا لم يذكر الأجل انقلب العقد دائماً حتى ولو لم يكن ذلك مقصوداً للمنشئ .
والحاصل أ نّه لا يستفاد من هذه الروايات حكم تعبدي ، بحيث إنّه متى لم يذكر الأجل كان العقد دائماً وإن كان ذلك لنسيان أو غفلة أو نحوهما ، بل الظاهر منها التفرقة بين العقد الدائم والعقد المنقطع ، وأنّ المجعول في الثاني إنّما هو الزوجية في وقت معيّن وأجل مسمى ، فإن لم يذكر ذلك بحيث أنشأ زوجية مطلقة ـ ولو للاستحياء ـ كان العقد دائماً .
وعلى هذا فلا أثر لأصالة عدم ذكر الأجل ، حيث لا يثبت بها كون المنشأ هو العقد الدائم ، فإنّ كلاًّ من العقد الدائم والعقد المنقطع مشكوك فيه ، حيث لا يدرى أنّ المنشأ هل كان الأوّل أم الثاني ، فلا مجال لإحراز أحدهما بأصالة عدم ذكر الأجل في العقد .
الثالث : دعوى اتحاد العقد الدائم والعقد المنقطع حقيقة ، فإنّ كلاًّ منهما إنّما يتكفل إنشاء طبيعي الزواج ، غاية الأمر أنّ المنقطع يزيد على الدائم أ نّه يجعله إلى وقت معيّن يرتفع بانقضائه ، فهو أمر زائد على مقتضى أصل العقد وحقيقته، نظير الشروط في العقود حيث تكون أصالة عدم الاشتراط فيما لو شكّ في اشتراط شيء فيه بعد إحراز أصل المبادلة محكمة .
وعليه ففي المقام يقال : أنّ العقد الدائم والعقد المنقطع لما كانا حقيقة واحدة كان المنشأ فيهما طبيعي الزواج حدوثاً ، بمعنى أنّ الزوجة إنّما تنشأ زوجيتها للرجل حدوثاً فيقبلها الرجل ، والبقاء غير منشأ للزوجة ولا للزوج وإنّما هو لاستعداد ذاتها ، فهي تبقى بطبيعة الحال ما لم يثبت رافع من موت أو طلاق أو انقضاء المدة في المنقطعة ، ومن هنا يكون جعل الرافع في العقد أمراً زائداً عن طبيعي الزوجية المُنشأة للزوجين ، فإذا شككنا فيه كان مقتضى أصالة عدم جعله هو الدوام بمقتضى طبع العقد .
وفيه : أنّ الزوجية والملكية وغيرهما ليست من الاُمور التكوينية ، كي يكون للقول بأنّ علّة حدوثها كافية في بقائها ، وأ نّها إذا وجدت كان بقاؤها بطبعها ولاستعداد ذاتها وجه ـ وإن كان ذلك غير تامّ أيضاً على ما تقدم بيانه في محلّه ـ وإنّما
|