هذا ولو كانت العدّتان لشخص واحد ، كما إذا طلق زوجته بائناً ، ثم وطئها شبهة في أثناء العدّة ، فلا ينبغي الإشكال في التداخل (2) وإن كان مقتضى إطلاق بعض العلماء التعدّد في هذه الصورة أيضاً .
[ 3720 ] مسألة 13 : لا إشكال في ثبوت مهر المثل (3) في الوطء بالشبهة
ـــــــــــــــــــــــــــــ (2) لكونه موافقاً للقاعدة ـ على ما عرفت ـ فيكون عدمه محتاجاً إلى الدليل . وعلى فرض تمامية الإجماع المدعى من قبل بعضهم على عدم التداخل في العدّتين، فهو دليل لبّي يقتصر فيه على المورد المتيقن منه ، وهو ما إذا كانت العدّتان من شخصين .
(3) وتدلّ عليه جملة من النصوص المعتبرة .
ــ[209]ــ
المجرّدة عن التزويج إذا كانت الموطوءة مشتبهة (1) وإن كان الواطئ عالماً . وأما إذا كان بالتزويج ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ففي صحيحة عبيدالله بن علي الحلبي ، قال : سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل ، أعليه غسل ؟ قال : «كان علي (عليه السلام) يقول : إذا مسّ الختان الختان فقد وجب الغسل» . قال : «وكان علي (عليه السلام) يقول : كيف لا يوجب الغسل والحدّ يجب فيه ؟ وقال : يجب عليه المهر والغسل» (1) .
فإنّ هذه الصحيحة بإطلاقها قد دلّت على لزوم المهر عند التقاء الختانين ـ كلزوم الغسل ـ سواء أ كانت المرأة مزوجة بحيث كانت الشبهة ناشئة من الزواج الفاسد في الواقع أم لم تكن . ولذا يجب المهر في غير مورد الشبهة أيضاً كما لو أكرهها على ذلك فإنّ ذلك موجب لثبوت المهر نظراً لعدم كونها زانية ، فيشملها إطلاق «يجب عليه المهر والغسل» عند التقاء الختانين .
وفي هذه الصورة لا ينبغي الشكّ في كون المهر إنّما هو مهر المثل ، إذ المفروض أنّ الوطء كان مجرداً عن التزويج ، ومعه فلا مسمّى في المقام كي يحتمل إرادته .
إلى غير ما هنالك من النصوص التي دلّت بأن لها المهر بما استحلّ من فرجها .
(1) وإلاّ فهي زانية ولا مهر لها ، لكن لا لما ذكر في جملة من الكلمات من الاستشهاد بالكلمة بالمعروفة من (أنه لا مهر لبغي) فإنّ هذه الكلمة لم نعثر عليها في كتب أحاديثنا ، بل ذلك لما يستفاد من جملة من الروايات :
كالتي دلّت على أنّ مهر البغي من السحت (2) .
والتي تضمّنت عدّ اُجور الفواجر ومهر البغي من أنواع السحت (3) .
وما ورد في معتبرة علي بن أحمد بن أشيم ، قال : كتب إليه الريان بن شبيب ـ يعني أبا الحسن (عليه السلام) ـ : الرجل يتزوج المرأة متعة بمهر إلى أجل معلوم وأعطاها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 2 كتاب الطهارة ، أبواب الجنابة ، ب 6 ح 4 .
(2) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، ب 14 ح 6 .
(3) الوسائل ، ج 17 كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب ، ب 5 .
ــ[210]ــ
ففي ثبوت المسمّى أو مهر المثل قولان ، أقواهما الثاني (1) . وإذا كان التزويج مجرّداً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض مهرها وأ خّرته بالباقي ، ثم دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنها زوّجته نفسها ولها زوج مقيم معها ، أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز ؟ فكتب : «لا يعطيها شيئاً لأنها عصت الله عزّ وجلّ» (1) .
وما ورد في معتبرة بريد العجلي ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة فزفتها إليه أختها وكانت أكبر منها ، فأدخلت منزل زوجها ليلاً فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها ولبستها ، ثم قعدت في حجلة اُختها ونحّت امرأته وأطفأت المصباح واستحيت الجارية أن تتكلّم ، فدخل الزوج الحجلة فواقعها وهو يظن أنها امرأته التي تزوجها ، فلما أن أصبح الرجل قامت إليه امرأته فقالت : أنا امرأتك فلانة التي تزوجت ، وإنّ اُختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها وقعدت في الحجلة ونحتني ، فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكر ؟ فقال : «أرى أن لا مهر للتي دلّست نفسها ، وأرى أنّ عليها الحد لما فعلت حد الزاني غير محصن ، ولا يقرب الزوج امرأته التي تزوج حتى تنقضي عدة التي دلست نفسها ، فإذا انقضت عدّتها ضم إليه امرأته» (2) .
فإنّ هذه النصوص وغيرها إنّما تدلّ على أنّ الزانية لا تستحق شيئاً على الواطئ سواء أ كان عالماً بالحال وزانياً أم لم يكن .
(1) والوجه فيه أنّ العقد لما كان فاسداً لم يكن موجباً لثبوت المسمى ، فإنّه إنّما يلزم على تقدير صحة العقد وإمضاء الشارع له ، وحيث أنّ المفروض عدمه فلا وجه لإلزام الواطئ به ، كما هو الحال في سائر العقود الفاسدة .
نعم ، يجب مهر المثل ، للأخبار الكثيرة جداً الدالة على أنّ لها المهر بما استحل من فرجها .
ودعوى أنّ الظاهر من هذه الأخبار هو ثبوت المسمى ، لانصرافه إليه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب 28 ح 2 .
(2) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب العيوب والتدليس ، ب 9 ح 1 .
ــ[211]ــ
عن الوطء فلا مهر أصلاً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدفوعة بأنّ المستفاد من تلك الأخبار أنّ الموجب لثبوت المهر إنّما هو استحلاله لفرجها دون العقد ، ومن هنا يكون وجود العقد وعدمه سيان ، ومعه فلا وجه للإلتزام بثبوت المهر المسمى .
(1) وذلك لعدم الموجب له ، فإنّه إما هو العقد ، وإما هو الوطء . والأوّل فاسد والثاني منتف بحسب الفرض .
نعم، دلّت صحيحة عبدالله بن سنان أنّ لها في فرض عدم الدخول نصف المهر، فقد روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يتزوج المرأة المطلقة قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : «يفرق بينهما ولا تحلّ له أبداً ، ويكون لها صداقها بما استحل من فرجها أو نصفه إن لم يكن دخل بها» (1) .
وهذه الرواية كان من الممكن المناقشة في سندها ، باعتبار أنّ من البعيد رواية أحمد ابن محمد بن عيسى عن النضر بن سويد مباشرة وبلا واسطة ، حيث لم ترد له رواية عنه في مجموع الكتب الأربعة ، لو لا ثبوت رواية واحدة له عنه في الكافي ، فإنّها هي التي تمنع من المناقشة في سند هذه . وبذلك فتكون هذه الرواية صحيحة سنداً ، مضافاً إلى وضوح دلالتها .
إلاّ أ نّها مبتلاة بالمعارض ، ففي صحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألته عن رجل تزوج امرأة في عدتها ، قال : فقال : «يفرّق بينهما ، وإن دخل بها فلها المهر بما استحلّ من فرجها ، ويفرّق بينهما فلا تحلّ له أبداً . وإن لم يكن دخل بها فلا شيء لها من مهرها» (2) .
وفي صحيحة أبي بصير ، قال : سألته عن رجل يتزوج امرأة في عدّتها ويعطيها المهر ثم يفرّق بينهما قبل أن يدخل بها ، قال : «يرجع عليها بما أعطاها» (3) .
وفي خبر علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 17 ح 21 .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 17 ح 7 .
(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 17 ح 13 .
|