فصل
في المحرّمات بالمصاهرة
وهي علاقة بين أحد الطرفين مع أقرباء الآخر تحدث بالزوجية ، أو الملك عيناً أو انتفاعاً، بالتحليل، أو الوطء شبهة أو زنا، أو النظر واللمس في صورة مخصوصة.
[ 3737 ] مسألة 1 : تحرم زوجة كل من الأب والابن على الآخر (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
في المحرّمات بالمصاهرة
(2) بلا خلاف فيه ، بل لا يبعد أن يكون من ضروريات الدين، فإنّه لم ينسب إلى أحد من المسلمين القول بجوازه ، بل لم ينسب جوازه إلى غير المسلمين عدا ما نسب إلى المجوس . نعم ، كان الرجل يستحل زوجة أبيه في الجاهلية إلاّ أ نّه لم يكن بعنوان الدين .
وعلى كلٍّ فالحكم لوضوحه لا يحتاج إلى الدليل ، على أنّ الأدلة من الكتاب والسنّة وافرة جداً .
أما من الكتاب فيدلّ على حرمة تزوج الابن من زوجة الأب قوله تعالى : (وَلاَ تَنكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِّساءِ) (1) . فإنّ الظاهر من النكاح لا سيما إذا كان متعلقاً للنهي هو مطلق التزويج الشامل لمجرد العقد أيضاً ، فدعوى اختصاصه بالوطء خلاف الظاهر وبعيد جداً .
كما أنّ قوله تعالى : (وَحَلائلُ أَبنائِكُمُ الَّذينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) (2) يدلّ على حرمة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء 4 : 22 .
(2) سورة النساء 4 : 23 .
ــ[258]ــ
فصاعداً في الأوّل (1) ونازلاً في الثاني (2) نسباً أو رضاعاً (3) دواماً أو متعة (4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تزوج الأب من زوجة الابن ، فإنّ الحليلة إن لم تكن ظاهرة فيها فلا أقلّ من كونها شاملة لها بالعموم .
وأما من السنة فالنصوص الواردة في المقام إن لم تكن متضافرة فلا أقلّ من أ نّها كثيرة جداً .
ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) ، أ نّه قال : «لو لم تحرم على الناس أزواج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لقول الله عزّ وجلّ : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزواجَهُ مِن بَعْدِه أَبداً) حرمن على الحسن والحسين بقول الله عزّ وجلّ : (وَلاَ تَنكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِّساءِ) ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جدّه» (1) .
وفي معتبرة زرارة ، قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ : «وإذا تزوج الرجل امرأة تزويجاً حلالاً ، فلا تحلّ تلك المرأة لأبيه ولا لابنه» (2) .
وفي معتبرة عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: (الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَنَ ) ما ظهر نكاح امرأة الأب، وما بطن الزنا»(3) .
إلى غيرها من النصوص الدالة صريحاً على عدم الجواز .
والحاصل أنّ الحكم مما لا إشكال فيه إجماعاً وضرورة ، كتاباً وسنة .
(1) على ما نصّت عليه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة .
(2) إجماعاً ، ولصدق الابن على الحفيد .
(3) لعموم أدلّة تنزيل من ينتسب بالرضاع منزلة من ينتسب بالنسب .
(4) لإطلاق الأدلة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 2 ح 1 .
والآية الكريمة في سورة النساء 33 : 53 .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 2 ح 2 .
(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 2 ح 8 .
والآية الكريمة في سورة الأعراف 7 : 33 .
ــ[259]ــ
بمجرّد العقد وإن لم يكن دخل (1) . ولا فرق في الزوجين والأب والابن بين الحر والمملوك (2) .
[ 3738 ] مسألة 2 : لا تحرم مملوكة الأب على الابن وبالعكس مع عدم الدخول(3) وعدم اللّمس والنظر (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على ما تقتضيه الآية الكريمة وإطلاقات النصوص .
(2) لإطلاق الأدلة .
(3) لدلالة جملة من النصوص المعتبرة عليه صريحاً .
ففي صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري وعلي بن يقطين ، قالوا : سمعنا أبا عبدالله (عليه السلام) يقول في الرجل تكون له الجارية ، أفتحلّ لابنه ؟ فقال : «ما لم يكن جماع أو مباشرة كالجماع فلا بأس» (1) .
وقد رواها الصدوق بإسناده عن عبدالرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري إلاّ أ نّه زاد : قال : «وكان لأبي جعفر (عليه السلام) جاريتان تقومان عليه فوهب لي إحداهما» (2) . فإنّ ظاهر قوله (عليه السلام) : «تقومان عليه» أنهما تخدمانه .
وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «في كتاب علي (عليه السلام) : إنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً ، ويأخذ الوالد من مال ولده ما يشاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها» (3) . إلى غير ذلك من النصوص .
(4) وتدلّ على اعتبار عدمهما في الجواز ـ مضافاً إلى صحيحة عبدالرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري وعلي بن يقطين المتقدمة ـ معتبرة عيص بن القاسم عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «أدنى ما تحرم به الوليدة تكون عند الرجل على ولده إذا مسّها أو جرّدها» (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 5 ح 3 .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 5 ح 4 .
(3) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 40 ح 6 .
(4) الوسائل ، ج 21 كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والاماء ، ب 77 ح 1 .
|