ــ[269]ــ
وكذا ابنتها (1) وإن نزلت (2) بشرط الدخول بالاُم (3) سواء كانت في حجره أم لا (4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه أيضاً ، باعتبار أ نّه لم ينقل القول باعتبار الدخول بالبنت في تحريم الاُم إلاّ عن شاذّ من العامّة ، وإلاّ فأئمّة المذاهب وأرباب الفتوى على ثبوت الحرمة في المقام مطلقاً ، سواء أدخل بالبنت أم لم يدخل ، وإذا كان الحال هكذا فكيف يمكن حمل الطائفة الثانية على التقية !
فالصحيح في المقام هو ما ذكره الشيخ (قدس سره) في التهذيب من لابدّية اطّراح الطائفة الثانية والإعراض عنها ، نظراً لمخالفتها للكتاب العزيز (1) . حيث عرفت أنّ مقتضى إطلاق قوله تعالى : (واُمَّهَاتُ نِسائكُم) هو حرمتها بمجرد العقد على البنت ومن دون اعتبار الدخول بها .
إذن فلا بدّ من العمل بمقتضى الطائفة الاُولى وطرح الطائفة الثانية ، لموافقتها للكتاب ومخالفتها له ، فتترجح الاُولى على الثانية بهذا الاعتبار ، وبذلك تنحلّ مشكلة التعارض في المقام .
(1) بلا شكّ ولا ريب ولا خلاف فيه . وقد دلّت عليه مضافاً إلى قوله تعالى : (وَرَبائِبكُمُ اللاّتي فِي حُجُورِكُم) النصوص الصريحة المتقدمة .
(2) على ما يستفاد من الآية الكريمة بقرينة وحدة السياق ، إذ المراد من الاُمهات والبنات وبنات الأخ وبنات الاُخت الأعم من الصلبية وغير ذات الواسطة ومن ذات الواسطة بلا كلام ، فبهذه القرينة يستفاد إرادة الأعم من البنت في المقام أيضاً . وكذا الحال في النصوص الواردة في المقام . ومن هنا يظهر أ نّه لا حاجة للتمسك في إثبات المدعى بالإجماع والتسالم وإن كان ذلك صحيحاً أيضاً .
(3) على ما صرحت به الآية الكريمة والنصوص الصحيحة المتقدمة .
(4) وذلك لأنّ الآية الكريمة وإن قيّدت الربائب بـ (اللاّتي فِي حُجُورِكُم) إلاّ أنّ هذا القيد ملغى إجماعاً ـ إلاّ عن شاذّ من العامة ـ ومحمول على الغالب ، باعتبار أنّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 7 : 275 .
ــ[270]ــ
وإن كان تولّدها بعد خروج الاُم عن زوجيته (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتعارف والغالب هو كونها مع اُمّها ، فتكون في حجر الزوج وتحت كفالته فيكون هو المربِّي لها .
إذن فيكون الحكم من هذه الجهة مطلقاً .
(1) قد يستدلّ عليه بقوله تعالى : (وَرَبائِبكُمُ اللاّتي فِي حُجُورِكُم) بعد حمل القيد على الغالب والالتزام بحرمتها مطلقاً ، لصدق عنوان الربيبة عليها ، نظراً لتولدها من زوجته السابقة . وليس هذا الاستدلال متوقفاً على القول بكون المشتق حقيقة في الأعم من المتلبس بالمبدأ والمنقضي عنه ، فإنّ المقام ليس منه وإنّما هو من باب الإضافة ، حيث اُضيفت في الآية الكريمة إلى زوج الاُم ، ولما كان يكفي في الإضافة أدنى ملابسة ، صدق على البنت المولودة بعد خروج الاُم عن زوجيته أ نّها بنت للمرأة المدخول بها .
إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لما تقدم في مبحث المشتق من المباحث الاُصولية أنّ النزاع في المسألة لا يختص بالمشتقات الاصطلاحية ، بل يعمّ كل ما هو موضوع لمعنى منتزع عن أمر خارج عن مقام الذات ، وحيث أنّ الإضافة من ذلك باعتبار أ نّها توجب التلبس بوصف ، وكان مختارنا بل مختار المشهور ظهور العنوان في المتلبس بالمبدأ بالفعل ، فلا مجال لإثبات حكم الربيبة لبنت الزوجة المولودة بعد خروج الاُم عن زوجيته ، فإنّها إنّما هي بنت لمن كانت زوجته .
بل ذكرنا في محلّه أنّ الحكم في المسألة المعروفة ـ من كانت له زوجتان إحداهما كبيرة والاُخرى صغيرة فأرضعت الكبيرةُ الصغيرة ـ بتحريم الكبيرة مبتن على الالتزام بكون المشتق موضوعاً للأعم ، باعتبار أن الاُمية والبنتية من العناوين المتضايفة التي لا يمكن الفصل بينهما ، بمعنى أ نّه لا يمكن تحقق إحداهما دون تحقق الاُخرى ، فمتى ما تمّ شرائط الرضاع تحققا معاً ، فكانت الكبيرة اُمّاً للصغيرة وهي بنتاً لها .
فالالتزام بحرمتهما يتوقف على كون المشتق موضوعاً للأعم ، وإلاّ فلو قلنا بوضعه لخصوص المتلبس بالمبدأ فلا مجال للقول بحرمتهما ، لأن الصغيرة حين تمامية الرضاع لم تكن زوجة له كي تكون الكبيرة اُمّاً لزوجته ، وحيث كانت زوجة له لم تكن
ــ[271]ــ
الكبيرة اُمّاً لها ، وكذلك الكبيرة حين تمامية الرضاع لم تكن زوجة له كي تكون الصغيرة بنتاً لزوجته . نعم ، لو كان الرضاع بلبنه حرمت الصغيرة جزماً ، لأ نّها تصبح بنتاً له .
وبعبارة اُخرى : إنّ الاُمية والبنتية لم تكونا عند الزوجية ، وعند تحققهما لم تكن هناك زوجية ، فلا وجه للقول بتحريمهما لو كنّا نحن والآية الكريمة ، لما عرفت من توقف الاستدلال على ظهور المشتق في الأعم وهو مما لم نرتضه .
هذا كلّه بحسب القواعد الاُصولية ، وإلاّ فقد دلّ النص الصحيح على حرمتهما معاً (1) .
إذن فالصحيح في الاستدلال على المدعى هو التمسك بصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألت أحدهما (عليهما السلام) عن رجل كانت له جارية فاُعتقت فزُوجت فوَلدت ، أيصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها ؟ قال : «لا ، هي حرام وهي ابنته والحرّة والمملوكة في هذا سواء» (2) فإنّها صحيحة سنداً وواضحة دلالة .
بل حتى ولو فرض عدم هذه الصحيحة أيضاً ، لأمكن إثبات الحرمة بالروايات التي دلّت على أنّ من تزوج امرأة ودخل بها حرمت عليه ابنتها ، فإنّ مقتضى إطلاقها هو عدم اختصاص الحكم ببنتها حال الزواج .
ومن هنا يثبت الحكم في عكس هذا الفرض ، كما لو تزوج طفلة صغيرة لا اُمّ لها ثم ارتضعت من امرأة فأصبحت اُمّاً لها بالرضاع ، حرمت على الزوج لإطلاق قوله (عليه السلام) : «حرمت عليه اُمّها» (3) .
بل يمكن تأييد هذا الحكم بقوله تعالى : (واُمّهاتُ نِسائكُمْ وَرَبائِبكُمُ اللاّتي فِي حُجُورِكُم) . فإنّه بعد أن علمنا من الخارج أنّ الربيبة أعم من كونها للزوجة الفعلية والسابقة ـ على ما دلّت عليه صحيحة محمد بن مسلم ـ فبقرينة وحدة السياق يفهم أنّ المراد من (نِسائكُم) الاُولى في الآية الكريمة هو الأعم من الاُمّ الفعلية والتي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 18 ح 26088 .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 18 ح 2 .
(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 18 ح 26090 .
|