ــ[272]ــ
وكذا تحرم اُمّ المملوكة الموطوءة على الواطئ وإن علت مطلقاً ، وبنتها (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكون اُمّاً لها بعد الزواج .
وعلى كلٍّ فالحكم في المقام متسالم عليه ، ولا خلاف فيه ولا إشكال .
(1) بلا خلاف فيه عندنا ، بل والعامّة أيضاً على ما ذكره ابن قدامة في المغني (1) .
وقد نصّت عليه نصوص متضافرة . ففي معتبرة الحسين بن سعيد، قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) : رجل له أَمة يطأها فماتت أو باعها ثم أصاب بعد ذلك اُمّها هل له أن ينكحها ؟ فكتب (عليه السلام) : «لا تحلّ له» (2) .
وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل كانت له جارية وكان يأتيها فباعها فاُعتقت وتزوجت فولدت ابنة ، هل تصلح ابنتها لمولاها الأول ؟ قال : «هي عليه حرام» (3) . إلى غيرهما من النصوص المعتبرة الدالة على المدعى صريحاً .
إلاّ أنّ بإزاء هذه النصوص روايتين تدلاّن على الجواز ، هما :
أولاً : رواية الفضيل بن يسار وربعي بن عبدالله ، قالا : سألنا أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل كانت له مملوكة يطأها فماتت ثم أصاب بعدُ اُمّها ، قال : «لا بأس ليست بمنزلة الحرة» (4) .
وقد ردّها الشيخ (قدس سره) بأ نّه ليس فيه ما ينافي ما تقدم ، لأ نّه ليس في ظاهر الخبر أ نّه إذا أصاب بعدُ اُمّها له وطؤها ، بل تضمن أنّ له أن يصيب اُمّها ، ونحن نقول أ نّه له أن يصيبها بالملك والاستخدام دون الوطء. ويكون قوله (عليه السلام): «ليست بمنزلة الحرة» معناه أنّ هذه ليست بمنزلة الحرة ، لأنّ الحرة محرم منها الوطء وما هو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المغني الكبير .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 21 ح 7 .
(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 21 ح 6 .
(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 21 ح 15 .
ــ[273]ــ
سبب لاستباحة الوطء من العقد ، وليس كذلك المملوكة ، لأن الذي يحرم منها الوطء دون الملك الذي هو سبب استباحة الوطء في حال من الأحوال ، وبهذا افترقت الحرة من الأَمة (1) .
إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه لكونه حملاً بعيداً جداً ، فإنّ الجمع بينهما في الملكية لا بأس به حتى في زمان واحد بلا خلاف فيه ، ومن هنا فلا وجه لحمل السؤال عليه لا سيما بملاحظة أنّ ظاهره أنّ للموت خصوصية يرتفع معها محذور الجمع بينهما فيسوغ بعدها تملك الاُم ، ومن الواضح أنّ ذلك إنّما ينسجم مع إرادة الوطء من الإصابة ، وإلاّ فلا خصوصية للموت في جواز تملكها المجرد إذ أ نّه جائز حتى في زمان حياتها .
فالصحيح ردّ الرواية لضعف سندها نظراً لوقوع محمد بن سنان في الطريق ، وهو ممن لم يثبت توثيقه .
ثانياً : رواية رزين بياع الأنماط عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : قلت له : تكون عندي الأَمة فأطأها ثم تموت أو تخرج من ملكي فاُصيب ابنتها ، يحل لي أن أطأها ؟ قال : «نعم ، لا بأس به ، إنّما حرّم الله ذلك من الحرائر ، فأما الإماء فلا بأس به» (2) .
وقد أورد عليها صاحب الوسائل (قدس سره) تارة بأ نّها محمولة على التقية واُخرى بأنّ من الممكن كون الضمير في (أطأها) راجعاً إلى الاُم ، يعني وإن ملك البنت تحل له الاُم واستدامة ملك البنت بخلاف الحرائر .
إلاّ أ نّه مردود ، بأنّ الحمل على التقية لا مجال له بالمرة ، بعد ما عرفت أنّ الحكم متسالم عليه حتى عند العامّة . والحمل الثاني غريب منه (قدس سره) ، إذ المفروض في الرواية أنّ الاُم قد ماتت أو خرجت عن ملكه ، ومعه كيف يمكن القول برجوع الضمير إليها !
نعم ، ردّها الشيخ (قدس سره) بأنّ هذا الخبر شاذ نادر لم يروه غير بياع الأنماط
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 7 : 276 .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 21 ح 16 .
ــ[274]ــ
[ 3740 ] مسألة 4: لا فرق في الدخول بين القبل والدبر(1) ويكفي الحشفة أو مقدارها (2) . ولا يكفي الإنزال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن تكرر في الكتب ، وما يجري هذا المجرى في الشذوذ يجب طرحه ولا يعترض به على الأحاديث الكثيرة ، ثم أ نّه قد روى ما ينقض هذه الرواية ويوافق ما قدمناه . فإذا كان الأمر على ما ذكرناه وجب الأخذ بروايته التي توافق الروايات الاُخر ، ويعدل عن الرواية التي تفرّد بها ، لأ نّه يجوز أن يكون ذلك وهماً (1) .
وما ذكره (قدس سره) صحيح ومتين ، فلا بدّ من طرح الرواية لذلك . على أ نّها ضعيفة السند في حد ذاتها ، نظراً لعدم ثبوت وثاقة رزين بياع الأنماط ، فلا مجال للاعتماد عليها وجعلها معارضة للنصوص الصحيحة المتقدمة .
(1) لإطلاق الأدلة ، حيث لم يرد في شيء منها التقييد بالوطء في القبل .
(2) وذلك لتحقق الوطء بهما . نعم ، في بعض الكلمات أ نّه لو لا الإجماع على اعتبار إدخال الحشفة أو مقدارها لمقطوعها ، لقيل بكفاية إدخال الأقل منها في ثبوت الحكم لصدق الدخول عليه أيضاً .
إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه ، نظراً إلى أنّ كلمة (دخل بها) ليست بمعنى إدخال شيء فيها ، كي يقال بأ نّه يصدق بإدخال بعض الحشفة أيضاً ، وإنّما معناها هو دخول الرجل بها ، وحيث أنّ من الواضح أنّ المعنى الحقيقي هذا غير مقصود جزماً ، فلا بدّ من حملها على الكناية عن الإتيان والجماع والمقاربة والوطء ، ومن هنا فلا يكون فيها إطلاق يشمل إدخال بعض الحشفة .
ومما يؤيد ذلك ما ورد في بعض النصوص المعتبرة من التعبير بالإفضاء . ففي معتبرة عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل باشر امرأته وقبّل غير أ نّه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها ، قال : «إن لم يكن أفضى إلى الاُم فلا بأس وإن كان أفضى فلا يتزوج» (2) . فإنّ من الواضح أن الإفضاء لا يتحقق إلاّ بالوطء
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 7 : 278 .
(2) الوسائل : ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 19 ح 3 .
ــ[275]ــ
المتعارف بإدخال الحشفة أو الأكثر منها ، ولا يتحقق بإدخال الأقل منها ، فتكون هذه المعتبرة مبيّنة لمعنى الدخول المذكور في سائر النصوص .
نعم ، ناقش صاحب الجواهر (قدس سره) في هذه المعتبرة بأنّ النسخة فيها مختلفة ، حيث أنّ المذكور في بعضها (باشر امرأته) في حين أن المذكور في بعضها الآخر (باشر امرأة) ولما كانت الرواية على النسخة الثانية أجنبية عن محل الكلام ، نظراً إلى أ نّها حينئذ إنّما تكون من روايات باب الفجور ، فلا مجال للاعتماد عليها في إثبات حرمة الربيبة بتقبيل الاُم أو لمسها (1) .
إلاّ أنّ هذه المناقشة قابلة للدفع ، فإنّ نسخة الرواية غير مختلفة ، وإنّما في المقام روايتان :
الاُولى : ما رواه الكليني (قدس سره) في (باب الرجل يفجر بالمرأة فيتزوج اُمّها أو ابنتها أو يفجر باُم امرأته أو ابنتها) من الكافي ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، جميعاً ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل باشر امرأة ، الحديث (2) .
وقد رواها الشيخ (قدس سره) في التهذيب في (باب الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له نكاحها) عن الكليني (قدس سره) بعين السند المتقدم (3) . وكذا الحال في الاستبصار (4) .
كما رواها صاحب الوسائل (قدس سره) أيضاً في (باب أنّ من زنى بامرأة حرمت عليه بنتها واُمّها ، وإن كان منه ما دون الجماع لم تحرما) (5) .
الثانية : ما رواه الشيخ (قدس سره) في (باب من أحلّ الله نكاحه من النساء وحرم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 29 : 370 .
(2) الكافي 5 : 415 .
(3) التهذيب 7 : 330 / 1356 .
(4) الاستبصار 3 : 166 / 607 .
(5) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 6 ح 2 .
ــ[276]ــ
على فرجها من غير دخول وإن حبلت به (1) . وكذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منهنّ في شرع الإسلام) عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عيص بن القاسم ، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل باشر امرأته ، الحديث (1) .
كما رواها صاحب الوسائل (قدس سره) في (باب من تزوج امرأة ولم يدخل بها إلاّ أ نّه رأى منها ما يحرم على غيره كره له تزويج ابنتها) (2) .
وبعد هذا كلّه كيف يمكن القول باتحاد الروايتين وأنّ الاختلاف إنّما هو في النسخ خاصة ، فإن إحداهما واردة في الزنا والاُخرى واردة في نكاح الزوجة ، ولا سيما بملاحظة ذكر كل منهما فيما يخصه من بابه ، على ما عرفت .
نعم ، روى الشيخ (قدس سره) في الاستبصار في (باب حدّ الدخول الذي يحرم معه نكاح الربيبة) بنفس السند المذكور في التهذيب هذه الرواية ، إلاّ أنّ فيها (باشر امرأة) (3) . لكنه من خطأ النساخ جزماً ، وذلك لما يذكره (قدس سره) تعليقاً على هذه الرواية : بأ نّها مطابقة لظاهر الكتاب ، حيث قال الله عزّ وجلّ : (وَرَبائبُكُمُ اللاّتي فِي حُجُورِكُم مِن نِسائكُمُ اللاّتي دَخَلْتُم بهنَّ فَإِن لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهنَّ فَلاَ جُناحَ عَلَيْكُمْ) (4) .
فإنّ هذا الكلام ظاهر الدلالة في أنّ النسخة الصحيحة هي (امرأته) كي ينسجم ذلك مع استفادة حكم الربيبة ، وإلاّ لكانت الرواية أجنبية عنها .
(1) إذ الموضوع للحكم في النصوص إنّما هو الوطء والدخول ، فلا يكون للحمل أثر بعد أن لم يذكر لا في الكتاب ولا السنّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 7 : 280 / 1186 ، إلاّ أن فيه : باشر امرأة .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 19 ح 3 .
(3) الاستبصار 3 : 162 / 589 .
(4) سورة النساء 4 : 23 .
|