[ 3760 ] مسألة 24 : إذا حصل بنتيّة الأخ أو الاُخت بعد التزويج بالرضاع لم يبطل (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ (3) لعدم شمول أدلة المنع له ، نظراً لعدم تحقق موضوعها ـ أعني عنوان دخول بنت الأخ أو الاُخت على العمة أو الخالة ـ فإنّ الزوجية متحققة قبل تحقق البنتية ، وعليه فلا حاجة إلى إذنهما وإن جمع بينهما وبين البنتين .
نعم ، قد خالف في ذلك صاحب الجواهر (قدس سره) فذهب إلى اعتبار إذنهما بقاءً ، فإنْ أذنتا فهو ، وإلاّ تخير الزوج بينهما وبين البنتين (1) .
ولعلّ مستنده (قدس سره) في ذلك خبر أبي الصباح الكناني المتقدم ، والذي دلّ على حرمة الجمع بين العمة وابنة الأخ والخالة وابنة الاُخت ، بدعوى شمول النهي للبقاء فضلاً عن الحدوث ، وعلى هذا فلا بدّ من إذنهما بعد تحقق البنتية ، وإلاّ فالزوج بالخيار بينهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 30 : 70 .
ــ[302]ــ
وكذا إذا جمع بينهما في حال الكفر ثم أسلم ، على وجه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيه : أنّ الخبر ـ على ما عرفت ـ ضعيف السند بمحمد بن الفضيل ، فلا مجال للاعتماد عليه . وأما سائر الأخبار فهي لم تتضمن النهي عن الجمع ، وإنّما تضمنت النهي عن الإدخال ، وقد عرفت أ نّه غير صادق في المقام .
ثم على تقدير التنزّل وتسليم صحة خبر الكناني ، فليس فيه دلالة على تخيّر الزوج بينهما عند عدم إذن العمة أو الخالة ، بل لم نعرف لذلك وجهاً أصلاً .
ولا مجال لقياس المقام على مسألة إسلام الكافر عن اُختين ، فإنّ القياس لا نقول بحجيته لا سيما أ نّه مع الفارق ، فإنّ نسبة المنع والتحريم إلى كل من الاُخـتين سواء فكما لا يجوز ضمّ هذه إلى تلك لا يجوز العكس أيضاً ، ومن هنا فإذا أسلم عنهما فلم يجز له الجمع بينهما تخيّر بينهما لا محالة ، كما دلّ عليه النص الصحيح أيضاً . وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ الممنوع إنّما هو ضمّ بنت الأخ أو الاُخت إلى العمة أو الخالة خاصة دون العكس ، إذ لا مانع من ضمّ العمة أو الخالة إلى بنت الأخ أو بنت الاُخت كما عرفت ، ففرق بين الجمع الممنوع في المقام والجمع الممنوع في مسألة الاُختين .
ومن هنا فلا مجال للقياس وإثبات التخيير الثابت للزوج في مسألة الاُختين لما نحن فيه ، بل الصحيح هو الالتزام ببطلان نكاح البنت لا محالة ، نظير الجمع بين الحرّة والأَمة ، حيث إنّ الحرّة إذا لم ترض بنكاح الأَمة يبطل نكاحها قهراً .
(1) وهو بناء على ما اخترناه من عدم تكليف الكفار بالفروع واضح ، فإنّه حين العقد غير مكلف بتحصيل الإذن فنكاحه في ذلك الحين صحيح ، وبعد الإسلام لم تدخل بنت الأخ أو الاُخت على العمة أو الخالة ، نظراً إلى أنّ الزوجية سابقة على الإسلام .
وأما بناء على ما ذهب إليه المشهور من تكليف الكفار بالفروع على حد تكليفهم بالاُصول ، فالأمر كذلك أيضاً لدليل الإمضاء ، فإنّ النكاح لما كان صحيحاً ونافذاً في حينه على وفق مذهبهم ، حكم بصحته بعد الإسلام أيضاً على ما كان عليه في حال الكفر ـ إلاّ ما أخرجه الدليل ـ فلا تشمله أدلّة المنع .
ــ[303]ــ
وممّا يؤكد ذلك السيرة القطعية في عهد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فإنّ الكفار كانوا يسلمون على يديه الكريمتين وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرهم على نكاحهم ، مع أن أكثرهم لم يكن يعتبر الإيجاب والقبول في العقد فإنّ عدم سؤاله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن كيفية عقدهم وإقرارهم على ما كانوا عليه سابقاً ، دليل على إمضاء نكاحهم بعد الإسلام .
ومما يدل على ذلك أيضاً ما تسالم عليه الفقهاء ـ تبعاً لورود النص ـ من تخيّر الزوج إذا أسلم عن اُختين أو أكثر من أربع نساء ، فإنّه صريح الدلالة على إقرارهم على نكاحهم والحكم بصحته ، وإلاّ فلا وجه للتخيير ، بل لا بدّ من الحكم ببطلان نكاح المتأخرة زماناً بحسب العقد من الاُختين والخامسة فصاعداً من الزوجات .
والحاصل أنّ مقتضى دليل الإمضاء وإقرار الكفار الذين أسلموا على ما صدر منهم من العقود والإيقاعات، هو الحكم بصحة كل من عقد العمة أو الخالة وبنت الأخ أو بنت الاُخت ، من دون توقف على رضا العمة أو الخالة .
وأما ما ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) من أنّ الإقرار لما كان بمنزلة عقد جديد وإحداث نكاح من حينه فلا بدّ من اعتبار إذنهما (1) ، فهو غير واضح ، فإنّ العقد محكوم بصحته في زمان الكفر ، والإمضاء إبقاءً لما سبق وليس هو بمنزلة العقد الجديد .
ورواية الكناني ـ مضافاً إلى ضعفها ـ لا تشمل المقام ، للحكم بالصحة قبل الإسلام .
ومن غريب ما صدر منه (قدس سره) حكمه بتوقف عقد البنتين على إذن العمة أو الخالة ، حتى ولو كانتا هما الداخلتين على البنتين في حال الكفر (2) ، فإنّه بعد الحكم بصحة العقد في حال الكفر وإقرار الإسلام له على ذلك لا وجه للتوقف على الإجازة ، لا سيما وإنّه لو كان ذلك في عهد الإسلام لما توقف عقد البنتين على إجازتهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 30 : 70 .
(2) الجواهر 30 : 71 .
|