ــ[321]ــ
حرمت على الأب ((1)) (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وتدلّ عليه روايتان :
الاُولى : رواية عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل تكون عنده الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجد ، أو الرجل يزني بالمرأة ، هل يجوز لأبيه أن يتزوجها ؟ قال : «لا ، إنّما ذلك إذا تزوّجها فوطئها ثم زنى بها ابنه لم يضره ، لأنّ الحرام لا يفسد الحلال، وكذلك الجارية»(2).
إلاّ أ نّك قد عرفت فيما تقدم أ نّها ضعيفة السند بسهل بن زياد . على أنّ في دلالتها توقفاً ، لأ نّها تتضمن تحريم الزوجة لو زنى بها الابن قبل أن يطأها الأب ، وهو مما لم يلتزم به أحد إلاّ شاذ ، ومن هنا فلا مجال للاعتماد عليها .
الثانية : معتبرة عبدالله بن يحيى الكاهلي ، قال : سئل أبو عبدالله (عليه السلام) ـ وأنا عنده ـ عن رجل اشترى جارية ولم يمسها ، فأمرت امرأته ابنه وهو ابن عشر سنين أن يقع عليها فوقع عليها ، فما ترى فيه ؟ فقال : «أثم الغلام وأثمت اُمه ، ولا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع عليها» (3) .
وهي معتبرة سنداً ودلالتها على الحرمة واضحة ، فتكون هي المعتمد في المقام .
لكنها معارضة بصحيحتين تدلاّن على الجواز ، وهما :
أوّلاً : صحيحة مرازم ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) وسئل عن امرأة أمرت ابنها أن يقع على جارية لأبيه فوقع ، فقال : «أثمت وأثم ابنها ، وقد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت له : أمسكها فإنّ الحلال لا يفسده الحرام» (4) .
وهي ولا سيما بملاحظة التعليل المذكور في ذيلها ، شاملة لصورة وقوع الابن عليها قبل وطء الأب لها ، على حدّ شمولها لصورة وقوع الابن عليها بعد وطء الأب لها . فإنّه وبملاحظة التعليل لا يختلف الحال أبداً ، فإنّ الجارية في كلتا الصورتين حلال
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيه إشكال بل منع .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 4 ح 3 .
(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 4 ح 2 .
(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 4 ح 4 .
ــ[322]ــ
وإن كان بعد وطئه لها لم تحرم (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للأب كما أنّ فعل الابن فيهما حرام . ومن هنا فتكون هذه الصحيحة كالنص في الجواز في المقام ، وعليه فلا يبقى وجه لدعوى تقييدها بمعتبرة الكاهلي .
على أنّ من المطمأنِّ به أنّ القضية واحدة ; غاية الأمر اختلف ما سمعه الكاهلي عما سمعه مرازم ، ومن هنا فتكون نسخة النص مختلفة . وحيث لا يعلم أنّ ما صدر من السائل هل كان السؤال عن خصوص فرض وطء الابن للجارية قبل وطء الأب لها ، أم كان السؤال عن الفرض من دون إضافة قيد قبليته عن وطء الأب ، فلا مجال للعمل بهما .
ثانياً : صحيحة زرارة المتقدمة حيث ورد فيها : «إنّما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» (1) . فإنّ مقتضى الحصر المذكور فيها عدم ثبوت الحرمة في المقام نظراً لحرمة فعل الابن .
إذن فالنصوص الواردة في المقام متعارضة ، ومقتضى الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة أو الرجوع إلى الأدلة العامة هو العمل بمضمون نصوص الجواز . فإنّ مقتضى قوله تعالى : (وَاُحِلَّ لَكُم مَا وَراءَ ذلكُمْ) وقولهم (عليهم السلام) : «الحرام لا يحرم الحلال» هو الجواز ، إذ لم يثبت كون المقام من المستثنى منه في الآية ، كما أنّ المقام مشمول للنص بل هو من أظهر مصاديقه ، فإنّ الجارية حلال للأب فعلاً باعتبار أ نّه مالك لها ، وفعل الابن حرام جزماً فلا يقتضي فعله حرمتها على الأب .
ومن هنا فما أفاده (قدس سره) لا يخلو من إشكال بل منع .
على أ نّه لا مانع من حمل معتبرة الكاهلي على الكراهة ، ولا يجري فيه ما ذكرناه من أ نّه لا مجال لحمل الأحكام الوضعية على الكراهة ، وذلك فلأن السؤال فيها ولا سيما بملاحظة جوابه (عليه السلام) : «ولا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع عليها» ليس عن نفوذ العقد وعدمه ، وإنّما هو عن جواز الوطء وعدمه ، وفيه لا مانع من الحمل على الكراهة .
(1) بلا خلاف يعتدّ به . وتدلّ عليه ـ مضافاً إلى بعض النصوص الصحيحة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 4 ح 1 .
ــ[323]ــ
وكذا الكلام إذا زنى الأب بمملوكة ابنه (1) .
[ 3766 ] مسألة 30 : لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل أو الدبر (2) . ــــــــــــــــــــ
المتقدِّمة ـ أ نّه المتيقن مما دلّ على أنّ «الحرام لا يحرم الحلال» .
(1) وهو مشكل جداً إذ لا دليل عليه ، فإنّ معتبرة الكاهلي واردة في الابن فالتعدي عنه إلى الأب قياس محض ولا نقول به .
اللّهمّ إلاّ أن يتمسك لإثباته بقوله تعالى : (وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ) بدعوى أنّ النكاح ظاهر في الوطء ، إلاّ أ نّك قد عرفت المناقشة فيه قريباً .
أو يتمسك بصحيحتي أبي بصير وعلي بن جعفر الواردتين في تحريم المزني بها على أب الواطئ وابنه ، بدعوى شمولها لزنا الأب بجارية ابنه ، لكنه ممنوع . على أ نّك قد عرفت أ نّهما معارضتان بصحيحة زرارة الدالة على الجواز .
(2) إذ لا يعتبر في مفهوم الزنا أن يكون الفعل من القبل بل يكفي الإتيان في الدبر أيضاً ، ولذا فلو أتى امرأة أجنبية من دبرها جرى عليه جميع أحكام الزنا من الحد وغيره . على أنّ بعض روايات المقام وإن تضمنت التعبير بالزنا ، إلاّ أنّ المذكور في أكثرها عنوان الإفضاء أو الفجور ، وهما أعمّ من الإتيان في الدبر أو القبل جزماً . وعلى كل فالحكم مما لا إشكال فيه .
|