[ 3768 ] مسألة 32 : إذا علم أ نّه زنى بإحدى الامرأتين ، ولم يدر أيتهما هي ، وجب عليه الاحتياط ((1)) إذا كان لكل منهما اُم أو بنت (5) .
ــــــــــــــ (5) لتنجيز العلم الإجمالي ، حيث إنّ أصالة عدم الزنا ببنت التي يريد التزوّج
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في إطلاقه منع ظاهر .
ــ[324]ــ
منها ، معارضة بأصالة عدم الزنا في الاُخرى .
إلاّ أنّ ذلك إنّما يتمّ في خصوص ما إذا كان كل من البنتين والاُمين محلاًّ لابتلائه بحيث كان من الممكن له التزوّج منها . وإلاّ فلو كانت إحداهما خارجة عن محل ابنلائه بحيث لا يمكنه التزوّج منها ، لعدم قدرته على ذلك ، أو بعدها عنه ، أو كونها مزوّجة بالفعل من غيره ، أو محرمة عليه من غير هذه الجهة كالرضاع وشبهه ، فلا مانع من تزوجه من الاُخرى ، لجريان أصالة عدم الزنا ببنتها أو اُمها من دون معارض ، إذ لا أثر لأصالة عدم الزنا باُم الاُخرى أو بنتها ، ومن هنا فينحل العلم الإجمالي لا محالة .
والحاصل أنّ تنجيز العلم الإجمالي إنّما يتوقف على جريان الأصلين معاً ومعارضتهما ، وإلاّ فلو لم يجر الأصل في أحد الطرفين ، لعدم القدرة عليه أو لسبب آخر ، فلا يكون العلم الإجمالي منجزاً ، ولا مانع من جريان الأصل في الطرف الآخر .
ثم إنّ الظاهر من كلامه (قدس سره) أنّ الزنا بالمرأة كما يوجب تحريم بنت المزنيّ بها يوجب تحريم اُمها أيضاً ، وهذا مما لم يذكره (قدس سره) سابقاً ولعلّ منشأه الغفلة ، وإلاّ فمن حكم بتحريم البنت حكم بتحريم الاُم أيضاً .
وكيفما كان ، فقد عرفت فيما تقدم أنّ النصوص الواردة في المقام لم تتضمن الاُم باستثناء صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليها السلام) ، قال : سألته عن رجل فجر بامرأة ، أيتزوّج اُمّها من الرضاعة أو ابنتها ؟ قال : «لا» (1) .
إلاّ أ نّك قد عرفت أيضاً أ نّها معارضة بصحيحة هشام بن المثنى عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، أ نّه سئل عن الرجل يأتي المرأة حراماً ، أيتزوجها ؟ قال : «نعم ، واُمها وابنتها» (2) .
وحيث أنّ الترجيح للثانية نظراً لموافقتها للكتاب ، فلا مجال للاعتماد على الاُولى والحكم بمضمونها ، بل المتعيّن هو القول بعدم التحريم .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 7 ح 1 .
(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 6 ح 7 .
ــ[325]ــ
وأمّا إذا لم يكن لإحداهما اُم ولا بنت ، فالظاهر جواز نكاح الاُم أو البنت من الاُخرى (1) .
[ 3769 ] مسألة 33: لا فرق في الزِّنا بين كونه اختياريّاً، أو إجباريّاً، أو اضطراريّاً ((1)) (2) . ولا بين كونه حال النوم((2)) (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لجريان أصالة عدم الزنا باُمها في جانبها بلا معارض ، إذ لا أثر لأصالة عدم الزنا بالاُخرى .
(2) ولكن الصحيح هو التفصيل بين الأحكام المترتبة على الفاعل نفسه ، وبين الأحكام المترتبة على غيره كأبيه أو ابنه ، حيث لا تثبت الاُولى لحديث الرفع ، فإنّ مقتضاه اعتبار موضوع الحكم كأ نّه لم يقع في الخارج ، فلا يترتب عليه أي حكم أو عقوبة ما لم يدل دليل خاص على ثبوته كالقتل .
والحاصل ان مقتضى الحديث المذكور ، فرض الفعل الصادر من المجبور أو المضطر كالعدم في عالم التشريع ، فلا يترتب عليه أثر .
ويتضح ذلك جلياً بملاحظة ما احتملناه سابقاً بل استظهرناه ، من أنّ الحكم بالتحريم عقوبة للفاعل على ما اقترفه من فعل شنيع ، فإنّ العقوبة إنّما تتناسب مع صدور الفعل منه حراماً ومبغوضاً عليه ، ولا محلّ لها فيما إذا صدر الفعل منه حلالاً .
وبالجملة إنّه بعد عدم ورود دليل خاص في المكره والمضطر في المقام ، يكون حالهما حالهما في سائر موارد الإكراه والاضطرار ، ولا يثبت عليهما شيء .
وهذا بخلاف الأحكام المترتبة على غيره ، فإنّ مقتضى إطلاق الأدلة ثبوتها ، فإنّ الفعل قد صدر من الفاعل عن قصد ، غاية الأمر أنّ قصده هذا ناشئ عن إكراه أو اضطرار ، ومن هنا يختلف الحال عنه في النائم على ما سيأتي .
(3) لا مجال للمساعدة عليه . وذلك لأنّ مفهوم الزنا والفجور متقوم بالاختيار ـ بمعنى القصد ـ فإنّهما عبارتان عن الوطء من غير استحقاق ، ومن الواضح أ نّه متقوم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشر الحرمة بالزنا بالنسبة إلى الزاني نفسه في فرض الإكراه أو الإضطرار لا يخلو من إشكال بل منع .
(2) الظاهر عدم شمول الحكم لما إذا كان الواطئ نائماً ، وذلك لاعتبار الاختيار في مفهوم الزنا .
|